أسباب اضطراب الدورة الشهرية

اضطراب الدورة الشهرية: الأسباب والتشخيص والعلاج

تعد الدورة الشهرية من أهم العمليات الحيوية التي تمر بها النساء في مراحل مختلفة من حياتهن. إنها تشير إلى التغيرات الهرمونية والفيزيولوجية التي تحدث في جسم المرأة بشكل دوري، وهي أمر طبيعي يحدث عادة مرة كل 28 يومًا. ومع ذلك، قد يتعرض جسم بعض النساء إلى اضطرابات في الدورة الشهرية، ما يؤدي إلى تغييرات في توقيتها، غزارتها، أو مدتها. يمثل اضطراب الدورة الشهرية حالة شائعة يمكن أن تحدث في أي مرحلة من مراحل الحياة، وقد تكون دلالة على وجود مشكلة صحية تحتاج إلى تشخيص وعلاج مناسبين.

أسباب اضطراب الدورة الشهرية

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى اضطراب الدورة الشهرية، وتنقسم إلى أسباب طبيعية، وأسباب مرضية، وأسباب نفسية. إليك أبرز الأسباب التي يمكن أن تكون وراء هذا الاضطراب:

1. التغيرات الهرمونية

الهرمونات هي المسؤولة عن تنظيم الدورة الشهرية في جسم المرأة. أي تغير في مستويات هذه الهرمونات قد يؤدي إلى اضطراب الدورة. تشمل الهرمونات الرئيسية التي تتحكم في الدورة الشهرية:

• الإستروجين: الهرمون المسؤول عن نمو البويضة في المبايض.

• البروجستيرون: الهرمون الذي يساعد على تثبيت الحمل بعد التخصيب.

• هرمونات الغدة الدرقية: التي تتحكم في التمثيل الغذائي والطاقة، وأي اضطراب فيها قد يؤدي إلى خلل في الدورة الشهرية.

أي خلل في إنتاج هذه الهرمونات، مثل زيادة أو انخفاض مستوياتها، قد يؤدي إلى تغييرات في دورة الطمث. على سبيل المثال، غالبًا ما يتسبب انخفاض مستويات البروجستيرون في حدوث اضطراب في الدورة الشهرية.

2. متلازمة تكيس المبايض (PCOS)

تعد متلازمة تكيس المبايض من أكثر الأسباب شيوعًا لاضطراب الدورة الشهرية. وهي حالة تؤثر على المبايض وتؤدي إلى عدم انتظام الدورة الشهرية. يعاني النساء المصابات بتكيس المبايض من نمو أكياس صغيرة على المبايض وتراكم مستويات مرتفعة من الأندروجينات (هرمونات ذكورية) في الجسم. هذا الاضطراب الهرموني يؤدي إلى قلة التبويض، ما يعطل الدورة الشهرية.

3. مشاكل الغدة الدرقية

الغدة الدرقية هي غدة صغيرة في الرقبة تتحكم في عملية الأيض (التمثيل الغذائي) وتنظم الطاقة في الجسم. أي خلل في وظيفة الغدة الدرقية، سواء كان فرط نشاط الغدة الدرقية (زيادة إفراز الهرمونات) أو قصور نشاط الغدة (نقص إفراز الهرمونات)، يمكن أن يؤدي إلى اضطراب الدورة الشهرية. النساء المصابات بقصور الغدة الدرقية قد يعانين من دورات شهرية غزيرة وغير منتظمة، في حين أن فرط نشاط الغدة قد يؤدي إلى غياب الدورة الشهرية أو قلة دم الحيض.

4. التوتر والضغط النفسي

التوتر والضغط النفسي يمكن أن يؤثرا بشكل كبير على الدورة الشهرية. عند الشعور بالتوتر، يفرز الجسم هرمونات مثل الكورتيزول التي تؤثر على توازن الهرمونات المسؤولة عن تنظيم الدورة الشهرية. يمكن أن يؤدي التوتر المزمن إلى تأخير الدورة الشهرية أو حتى غيابها لفترات طويلة.

5. الوزن الزائد أو النحافة المفرطة

التغيرات الكبيرة في الوزن، سواء كانت زيادة مفرطة أو نقص حاد، يمكن أن تؤدي إلى اضطراب الدورة الشهرية. الوزن الزائد قد يؤدي إلى مقاومة الأنسولين، مما يؤثر على إنتاج الهرمونات. من جهة أخرى، قد تؤدي النحافة الشديدة إلى انخفاض مستويات الدهون في الجسم، وهو أمر حاسم في تنظيم الدورة الشهرية، ما يؤدي إلى غياب الدورة.

6. الأدوية والعلاجات الطبية

بعض الأدوية والعلاجات الطبية قد تؤدي إلى اضطراب الدورة الشهرية. على سبيل المثال، حبوب منع الحمل يمكن أن تؤثر على مواعيد الدورة الشهرية، سواء كان تأثيرها إيجابيًا أو سلبيًا. كما أن بعض العلاجات الكيميائية أو أدوية الاكتئاب قد تساهم في تأخير أو تعطيل الدورة.

7. الأمراض المزمنة

بعض الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم قد تؤثر على انتظام الدورة الشهرية. كما أن الأمراض الالتهابية المزمنة مثل الذئبة الحمراء قد تؤدي إلى اضطرابات هرمونية تؤثر على المبايض والدورة الشهرية.

8. التغييرات الطبيعية في الحياة

تتغير الدورة الشهرية بشكل طبيعي في بعض الفترات من حياة المرأة. على سبيل المثال، في مرحلة البلوغ، قد تكون الدورة الشهرية غير منتظمة بسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث في الجسم. كما أن التغييرات التي تحدث في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث (الانتقال إلى سن اليأس) قد تؤدي إلى تغيرات في الدورة الشهرية مثل زيادة فترات انقطاع الدورة أو تغير في غزارة الدم.

9. الحمل والإجهاض

الاضطراب في الدورة الشهرية قد يكون ناتجًا عن الحمل، حيث أن الدورة تتوقف عادة خلال فترة الحمل. كما أن الإجهاض المبكر قد يؤدي إلى تغييرات مفاجئة في الدورة الشهرية. من المهم أن تتابع المرأة حالتها الصحية بعد الإجهاض لضمان التعافي الكامل واستعادة الدورة الشهرية بشكل طبيعي.

تأثير اضطراب الدورة الشهرية

يمكن أن تؤثر اضطرابات الدورة الشهرية على صحة المرأة بشكل عام. على سبيل المثال، يمكن أن تسبب الدورة غير المنتظمة مشاكل صحية مثل صعوبة الحمل، أو زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية نتيجة للخلل الهرموني المستمر. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي الاضطرابات في الدورة الشهرية إلى اضطرابات في الحالة المزاجية، مثل الاكتئاب والقلق، نظرًا لتأثير التغيرات الهرمونية على الدماغ والمزاج.

تشخيص اضطراب الدورة الشهرية

لتشخيص سبب اضطراب الدورة الشهرية، يجب على المرأة استشارة طبيب مختص. يبدأ الطبيب عادةً بتقييم التاريخ الطبي للمرأة ومراجعة أعراضها بشكل دقيق. قد يطلب الطبيب إجراء بعض الفحوصات مثل:

• تحليل الدم: لفحص مستويات الهرمونات مثل الإستروجين، البروجستيرون، وهرمونات الغدة الدرقية.

• السونار (الأشعة فوق الصوتية): لفحص المبايض والرحم والكشف عن وجود أكياس أو مشاكل أخرى.

• اختبارات وظائف الغدة الدرقية: لتحديد ما إذا كان هناك أي خلل في وظيفة الغدة.

علاج اضطراب الدورة الشهرية

يتوقف علاج اضطراب الدورة الشهرية على السبب الأساسي للاضطراب. إذا كانت الحالة ناجمة عن خلل هرموني، قد يوصي الطبيب باستخدام العلاج الهرموني، مثل حبوب منع الحمل لتنظيم الدورة. أما إذا كان السبب متصلًا بمشاكل صحية مثل تكيس المبايض أو خلل في الغدة الدرقية، فإن العلاج يستهدف معالجة هذه المشكلة.

في حالات مثل التوتر أو اضطرابات الوزن، قد يساعد تعديل نمط الحياة مثل تحسين النظام الغذائي، ممارسة الرياضة بانتظام، والابتعاد عن الضغوط النفسية.

الوقاية من اضطراب الدورة الشهرية

على الرغم من أن بعض العوامل التي تؤدي إلى اضطراب الدورة الشهرية لا يمكن تجنبها (مثل التغيرات الهرمونية الطبيعية أو الأمراض المزمنة)، إلا أن اتباع نمط حياة صحي يمكن أن يساعد في تقليل احتمالية حدوث اضطرابات الدورة الشهرية. يشمل ذلك:

• الحفاظ على وزن صحي.

• ممارسة الرياضة بانتظام.

• الحصول على قسط كافٍ من النوم.

• التقليل من مستويات التوتر والقلق.

• تناول نظام غذائي متوازن يحتوي على كافة العناصر الغذائية الضرورية.

الخاتمة

اضطراب الدورة الشهرية هو أمر شائع يمكن أن يحدث في أي مرحلة من حياة المرأة. يتنوع سبب الاضطراب بين العوامل الهرمونية، الأمراض المزمنة، والتغييرات في نمط الحياة. ومع ذلك، فإن التشخيص الدقيق والعلاج المناسب من قبل الطبيب يمكن أن يساعد في التعامل مع هذه المشكلة بشكل فعال، مما يضمن للمرأة الحفاظ على صحة جيدة ودورة شهرية منتظمة.