أسباب ارتفاع هرمون البرولاكتين

أسباب ارتفاع هرمون الحليب (البرولاكتين)

هرمون الحليب أو البرولاكتين هو هرمون تفرزه الغدة النخامية في الدماغ ويقوم بالعديد من الوظائف الحيوية، أبرزها تحفيز إنتاج الحليب في الثدي بعد الولادة. لكن في بعض الأحيان، قد يحدث ارتفاع غير طبيعي في مستويات هذا الهرمون في الدم، مما يسبب مجموعة من الأعراض والمشاكل الصحية التي تؤثر على قدرة الجسم على العمل بشكل طبيعي. لذلك، يعتبر ارتفاع هرمون البرولاكتين من الحالات التي تتطلب فحصًا طبيًا دقيقًا لتحديد السبب والعلاج المناسب.

دور هرمون البرولاكتين في الجسم

يتم إنتاج هرمون البرولاكتين في الغدة النخامية الأمامية، ويعمل بشكل رئيسي على تحفيز إنتاج الحليب بعد الولادة. بالإضافة إلى ذلك، فهو له دور في التحكم في الدورة الشهرية لدى النساء، كما يؤثر على الغريزة الجنسية وصحة العظام. في الوضع الطبيعي، يتراوح مستوى هرمون البرولاكتين في الدم بين مستويات منخفضة جدًا في الحالات التي لا يكون فيها الجسم بحاجة لإنتاج الحليب، إلى مستويات أعلى عند الحمل والرضاعة.

لكن في بعض الحالات قد يلاحظ زيادة غير طبيعية في مستويات هذا الهرمون، وهو ما يُعرف بحالة “فرط البرولاكتين” أو “ارتفاع هرمون الحليب”. هذه الحالة يمكن أن تؤدي إلى العديد من الأعراض والمضاعفات الصحية، وبعض الأسباب التي قد تؤدي إلى ارتفاع هذا الهرمون تكون جسدية أو هرمونية، في حين أن البعض الآخر قد يكون ناتجًا عن عوامل خارجية.

أسباب ارتفاع هرمون الحليب

1. الحمل والرضاعة الطبيعية

من أبرز الأسباب الطبيعية لارتفاع هرمون البرولاكتين هو الحمل والرضاعة الطبيعية. في فترات الحمل، ترتفع مستويات هذا الهرمون بشكل طبيعي لتحفيز الغدد اللبنية في الثدي لإنتاج الحليب استعدادًا للرضاعة بعد الولادة. خلال فترة الرضاعة، يستمر الارتفاع في مستويات البرولاكتين لتلبية احتياجات الطفل من الحليب.

2. الأورام الغدية النخامية (البرولاكتينوما)

البرولاكتينوما هو ورم حميد في الغدة النخامية ينتج عنه زيادة في إنتاج هرمون البرولاكتين. هذه الأورام قد تكون صغيرة جدًا لدرجة أن الشخص قد لا يشعر بأي أعراض، لكن يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع مستويات البرولاكتين في الدم. أعراض هذه الحالة تشمل انقطاع الطمث لدى النساء، وتأخر الإنجاب، والعجز الجنسي لدى الرجال.

3. تناول بعض الأدوية

هناك مجموعة من الأدوية التي يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع مستويات البرولاكتين، مثل:

• الأدوية النفسية مثل مضادات الاكتئاب والمضادة للذهان.

• أدوية ضغط الدم مثل الأدوية المدرة للبول.

• الأدوية الهرمونية مثل الأدوية التي تحتوي على الإستروجين أو البروجيستيرون.

• أدوية مضادة للفطريات وأدوية الحموضة.

إذا كنت تتناول أي من هذه الأدوية وتشعر بأعراض غير مفسرة مثل غياب الدورة الشهرية أو إفراز الحليب من الثدي، فقد يكون ذلك نتيجة لارتفاع مستوى البرولاكتين بسبب تأثيرات الأدوية.

4. مشاكل الغدة الدرقية

فرط نشاط الغدة الدرقية أو قصور الغدة الدرقية يمكن أن يسبب زيادة في مستوى هرمون البرولاكتين. عند وجود مشكلة في وظيفة الغدة الدرقية، قد يحدث توازن غير طبيعي في إفراز الهرمونات الأخرى، مما يؤدي إلى تأثير غير مباشر على مستويات البرولاكتين.

5. الإجهاد النفسي والجسدي

التعرض للإجهاد الشديد سواء كان نفسيًا أو جسديًا، يمكن أن يؤثر على مستويات الهرمونات في الجسم بشكل عام. الإجهاد المزمن قد يؤدي إلى زيادة إفراز البرولاكتين. على سبيل المثال، قد يعاني الأشخاص الذين يمرون بفترات شديدة من التوتر أو القلق من زيادة في مستويات هذا الهرمون، مما يساهم في ظهور بعض الأعراض مثل العجز الجنسي أو اضطرابات الدورة الشهرية.

6. الإصابة بأمراض الكلى المزمنة

المرضى الذين يعانون من مشاكل في الكلى، خاصة في الحالات التي تكون فيها الكلى غير قادرة على تصفية البرولاكتين بشكل فعال، قد يظهر لديهم زيادة في مستوى هذا الهرمون في الدم. في مثل هذه الحالات، يمكن أن يكون مستوى البرولاكتين مرتفعًا بسبب تراكمه في الدم.

7. متلازمة تكيس المبايض (PCOS)

متلازمة تكيس المبايض هي اضطراب هرموني يؤثر على قدرة المبايض على إنتاج هرمونات بشكل طبيعي، مما يسبب مجموعة من الأعراض مثل اضطرابات الدورة الشهرية وزيادة في مستويات هرمون البرولاكتين. قد يرتبط ارتفاع البرولاكتين مع متلازمة تكيس المبايض بزيادة إفراز الهرمونات الأنثوية الأخرى.

8. التغيرات الهرمونية أثناء الدورة الشهرية

في بعض الحالات، قد تحدث زيادة مؤقتة في مستويات البرولاكتين في بعض الأوقات من الدورة الشهرية، مثل الفترة التي تسبق الإباضة. يمكن أن يؤدي هذا إلى ارتفاع طفيف في مستويات البرولاكتين دون أن يكون هناك أي مشكلة صحية خطيرة.

9. الإصابة بأمراض الكبد

بعض الأمراض المزمنة التي تصيب الكبد، مثل التليف الكبدي أو التهاب الكبد، يمكن أن تؤدي إلى زيادة في مستويات هرمون البرولاكتين. في حالات التليف الكبدي، يعجز الكبد عن التخلص من الهرمونات الزائدة في الجسم، مما يؤدي إلى تراكمها.

10. أسباب وراثية

في بعض الحالات النادرة، قد تكون هناك استعدادات وراثية لزيادة إنتاج البرولاكتين. إذا كان هناك تاريخ عائلي من الاضطرابات الهرمونية أو الأورام الغدية النخامية، قد يكون من المرجح أن يحدث ارتفاع في مستوى البرولاكتين في بعض الأفراد.

أعراض ارتفاع هرمون البرولاكتين

تتفاوت الأعراض الناتجة عن ارتفاع مستويات البرولاكتين حسب السبب والمسبب الرئيسي، ولكن من الأعراض الشائعة التي قد تظهر على الأشخاص المصابين بفرط البرولاكتين:

• انقطاع الطمث أو اضطرابات الدورة الشهرية.

• إفراز الحليب من الثدي (اللالكتاتيون)، حتى في غياب الحمل أو الرضاعة.

• العجز الجنسي أو انخفاض الرغبة الجنسية.

• العقم بسبب اضطراب التبويض لدى النساء.

• مشاكل في الرؤية أو صداع في حالات الأورام الغدية النخامية.

• جفاف المهبل في بعض الحالات التي تؤثر على الهرمونات الجنسية.

تشخيص ارتفاع هرمون البرولاكتين

عند الاشتباه بارتفاع مستوى البرولاكتين، يتم إجراء تحليل دم لقياس تركيز البرولاكتين في الدم. في حال كانت النتيجة مرتفعة، قد يطلب الطبيب إجراء المزيد من الفحوصات مثل التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) للكشف عن وجود أورام في الغدة النخامية أو فحص وظائف الغدة الدرقية. كما قد تشمل الفحوصات أيضًا تقييم وظائف الكلى والكبد.

علاج ارتفاع هرمون البرولاكتين

يتوقف علاج ارتفاع هرمون البرولاكتين على السبب الكامن وراء الزيادة. إذا كان السبب هو الورم الغدي النخامي (البرولاكتينوما)، يمكن علاج الحالة باستخدام أدوية مثل البروموكربتين أو الكابيرجولين، التي تساعد في تقليل مستويات البرولاكتين. في بعض الحالات، قد يتطلب العلاج الجراحي أو العلاج الإشعاعي إذا كانت الأورام كبيرة.

أما إذا كانت الزيادة ناتجة عن تناول أدوية معينة، فقد يقترح الطبيب تعديل أو تغيير الأدوية المستخدمة. إذا كان السبب هو خلل في الغدة الدرقية أو مشكلة في الكبد أو الكلى، فيتم علاج الحالة المسببة أولاً.

الختام

إن ارتفاع هرمون البرولاكتين هو حالة طبية قد تكون لها تأثيرات كبيرة على صحة الفرد، سواء من حيث الأعراض أو من خلال تأثيراتها على الهرمونات الأخرى في الجسم. الفحص المبكر والعلاج المناسب يمكن أن يساعد في إدارة الحالة ومنع تطورها إلى مشاكل صحية أكثر تعقيدًا.