أسباب ارتفاع سرعة الترسيب وعلاجها

ارتفاع سرعة الترسيب: الأسباب والتشخيص والعلاج

تُعد سرعة الترسيب من الفحوصات المخبرية التي يتم إجراؤها لتحديد معدل سقوط خلايا الدم الحمراء في عينة من الدم خلال فترة زمنية معينة. عادةً ما يتم قياس هذا المعدل في غضون ساعة واحدة باستخدام اختبار يعرف باسم “اختبار سرعة الترسيب” (ESR). تعتبر سرعة الترسيب مقياسًا غير محدد يشير إلى وجود التهاب في الجسم أو حالة صحية أخرى تستدعي التقييم الطبي. لكن من المهم أن نعرف أن هذا الاختبار لا يقدم تشخيصًا نهائيًا بل يساعد الأطباء في تحديد ما إذا كان هناك التهاب أو اضطراب في الجسم.

في هذا المقال، سنغطي مختلف جوانب ارتفاع سرعة الترسيب، بدءًا من الأسباب المحتملة لهذه الزيادة، مرورًا بالظروف الصحية التي قد تؤدي إلى ذلك، وصولاً إلى كيفية التشخيص والعلاج المناسبين.

ما هو اختبار سرعة الترسيب؟

اختبار سرعة الترسيب (ESR) هو اختبار دم بسيط يُستخدم لقياس مدى سرعة ترسب خلايا الدم الحمراء في أنبوب الاختبار خلال فترة ساعة واحدة. في الظروف الطبيعية، تتراكم خلايا الدم الحمراء ببطء، ولكن في حالة وجود التهاب أو مشاكل صحية أخرى، تتراكم الخلايا بشكل أسرع. يعتمد هذا الاختبار على الخصائص الفيزيائية لكرات الدم الحمراء، حيث تتأثر هذه الخصائص بوجود مواد كيميائية في الدم تشير إلى وجود التهاب.

ما هي المعدلات الطبيعية لسرعة الترسيب؟

تتفاوت معدلات سرعة الترسيب حسب العمر والجنس، ولكن المعدلات الطبيعية عمومًا هي:

• للرجال: بين 0-15 ملم/ساعة.

• للنساء: بين 0-20 ملم/ساعة.

• للأطفال: بين 0-10 ملم/ساعة.

• لكبار السن: قد تكون المعدلات الطبيعية أعلى قليلاً، خاصة في الأشخاص الذين يزيد عمرهم عن 50 عامًا.

أي زيادة في سرعة الترسيب تتجاوز هذه المعدلات تشير عادة إلى وجود التهاب في الجسم أو اضطرابات صحية أخرى.

أسباب ارتفاع سرعة الترسيب

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى ارتفاع سرعة الترسيب، وتختلف باختلاف الحالة المرضية والمشاكل الصحية التي يعاني منها الفرد. من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع سرعة الترسيب:

1. الالتهابات الحادة والمزمنة

الالتهابات هي السبب الأكثر شيوعًا لزيادة سرعة الترسيب. يمكن أن تكون الالتهابات ناتجة عن عدوى بكتيرية أو فيروسية. تتسبب هذه الالتهابات في إطلاق مواد كيميائية في الدم تزيد من التفاعل بين خلايا الدم الحمراء وبروتينات الدم مثل الفيبرينوجين. هذا يؤدي إلى تسريع ترسب الخلايا الحمراء. تشمل بعض الحالات الالتهابية الشائعة التي قد ترفع سرعة الترسيب:

• العدوى البكتيرية: مثل التهابات المسالك البولية أو التهاب الرئة.

• العدوى الفيروسية: مثل التهاب الكبد الفيروسي أو الأنفلونزا.

• الالتهابات المزمنة: مثل التهاب المفاصل الروماتويدي أو الذئبة الحمراء.

2. أمراض المناعة الذاتية

تسبب الأمراض المناعية الذاتية تفاعلًا غير طبيعي في جهاز المناعة، حيث يهاجم الجهاز المناعي خلايا وأنسجة الجسم بدلاً من حماية الجسم من الميكروبات. هذه الاضطرابات تؤدي إلى التهاب مستمر في الجسم، مما يؤدي بدوره إلى زيادة في سرعة الترسيب. تشمل أبرز هذه الأمراض:

• الذئبة الحمراء (Lupus).

• التهاب المفاصل الروماتويدي.

• التصلب المتعدد.

3. أمراض الأورام

بعض الأورام السرطانية قد تؤدي إلى زيادة في سرعة الترسيب، حيث أن الأورام قد تنتج مواد كيميائية تؤدي إلى التهاب في الجسم. تشمل الأورام التي قد تكون مرتبطة بزيادة سرعة الترسيب:

• سرطان الدم (اللوكيميا).

• الورم الليمفاوي.

• سرطان الأنسجة الرخوة.

4. اضطرابات الدم

تتسبب بعض اضطرابات الدم في تغيرات في خصائص خلايا الدم الحمراء، مما يؤدي إلى زيادة سرعة الترسيب. من بين هذه الاضطرابات:

• فقر الدم (Anemia).

• زيادة تعداد خلايا الدم الحمراء.

5. أمراض الكلى

يعتبر التهاب الكلى، مثل التهاب الكلى المزمن، من الأسباب الشائعة التي تؤدي إلى زيادة سرعة الترسيب. عند تأثر الكلى، قد يتسبب ذلك في احتباس السوائل والسموم داخل الجسم، مما يساهم في التهاب الأنسجة وزيادة سرعة الترسيب.

6. الحمل

خلال فترة الحمل، قد يحدث ارتفاع في سرعة الترسيب نتيجة التغيرات الهرمونية والمناعية الطبيعية التي تحدث في الجسم. هذا الارتفاع لا يشير بالضرورة إلى وجود حالة مرضية ولكن يعتبر جزءًا من التغيرات الطبيعية خلال الحمل.

7. تناول الأدوية

بعض الأدوية قد تؤدي إلى زيادة سرعة الترسيب، مثل الأدوية التي تؤثر على الجهاز المناعي أو الأدوية المضادة للالتهابات. من بين هذه الأدوية:

• الأدوية المثبطة للمناعة.

• الأدوية التي تعالج السرطان.

تشخيص ارتفاع سرعة الترسيب

عند اكتشاف ارتفاع سرعة الترسيب خلال الفحص الروتيني أو بسبب أعراض مرضية معينة، يجب إجراء مزيد من الفحوصات لتحديد السبب الدقيق. يتبع الأطباء عادةً مجموعة من الفحوصات لتحديد التشخيص الصحيح. تشمل هذه الفحوصات:

1. الفحص السريري: يقوم الطبيب بمراجعة التاريخ الطبي للمريض وفحص الأعراض الظاهرة.

2. اختبارات أخرى: مثل اختبارات الأجسام المضادة (مثل ANA لاختبار الذئبة)، وتحليل البول (لاكتشاف وجود البروتين أو الدم).

3. التصوير الطبي: مثل الأشعة السينية أو الرنين المغناطيسي للكشف عن وجود التهابات أو أورام.

4. الفحوصات الخاصة بالأمراض المناعية الذاتية أو السرطانات.

علاج ارتفاع سرعة الترسيب

نظرًا لأن اختبار سرعة الترسيب لا يقدم تشخيصًا محددًا بل يشير فقط إلى وجود التهاب أو مشكلة صحية، فإن العلاج يهدف بشكل رئيسي إلى معالجة السبب الكامن وراء ارتفاع سرعة الترسيب. يعتمد العلاج على الحالة المرضية المحددة التي تم تحديدها خلال الفحوصات الأخرى.

1. معالجة العدوى

إذا كانت العدوى هي السبب وراء ارتفاع سرعة الترسيب، يتم علاج العدوى بالمضادات الحيوية أو الأدوية المضادة للفيروسات حسب نوع العدوى. العلاج المبكر والمناسب يمكن أن يقلل من الالتهاب ويساعد في انخفاض سرعة الترسيب.

2. علاج الأمراض المناعية الذاتية

في حالة وجود أمراض مناعية ذاتية، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي أو الذئبة الحمراء، يستخدم الأطباء الأدوية المثبطة للمناعة مثل الكورتيكوستيرويدات أو الأدوية البيولوجية للحد من التفاعل المناعي.

3. العلاج الكيميائي أو الجراحة

في حالة السرطان أو الأورام، قد يتطلب العلاج استخدام العلاجات الكيميائية أو الجراحية لإزالة الأورام أو تقليص حجمها، مما قد يؤدي إلى انخفاض الالتهاب وسرعة الترسيب.

4. إدارة أمراض الكلى

علاج أمراض الكلى يتطلب علاج السبب الأساسي، مثل استخدام أدوية لعلاج التهابات الكلى أو معالجة فشل الكلى المزمن.

5. إدارة فقر الدم

إذا كانت سرعة الترسيب المرتفعة ناتجة عن فقر الدم، يتم علاج الحالة بتناول المكملات الغذائية مثل الحديد أو فيتامين ب12، أو من خلال العلاج بالمستحضرات الدموية إذا لزم الأمر.

الخلاصة

يعد اختبار سرعة الترسيب أداة مهمة في الكشف عن وجود التهابات أو مشاكل صحية في الجسم. ومن خلال هذا الاختبار يمكن للأطباء الكشف عن حالات مرضية متنوعة، تتراوح بين الالتهابات البسيطة إلى الأمراض الخطيرة مثل السرطان وأمراض المناعة الذاتية. يعتمد العلاج بشكل كبير على السبب الكامن وراء ارتفاع سرعة الترسيب، وهو ما يتطلب تقييمًا دقيقًا للفحوصات والاختبارات الأخرى.