أسباب ألم الكتف

يُعتبر ألم الكتف من المشاكل الصحية الشائعة التي تؤثر على فئات واسعة من الناس، سواء كانوا شباباً أو كباراً، ويعد الكتف من أكثر المفاصل تعقيداً في الجسم البشري، نظراً لتركيبته التشريحية المتنوعة ووظائفه الحيوية المتعددة. يرتبط الكتف بمجموعة من العضلات، الأربطة، الأوتار، والعظام التي تتعاون معاً لتوفير الحركة والقوة للذراع، مما يجعله عرضة للإصابات والاضطرابات المتعددة التي قد تسبب الألم وتحد من الأداء الوظيفي.

في هذا المقال سيتم تناول أسباب ألم الكتف بشكل مفصل، مع التركيز على الجوانب التشريحية، الفيزيولوجية، والعوامل التي تسهم في حدوث الألم، بالإضافة إلى توضيح الفروقات بين الحالات المزمنة والحادة، والعوامل المساعدة على ظهور الألم.

التركيب التشريحي للكتف وأهميته في فهم الألم

الكتف هو المفصل الأكثر حركة في الجسم، ويشمل عدداً من المكونات المهمة التي تؤثر في وظيفة المفصل واستقراره، وتتضمن:

• عظام الكتف: تتكون من عظم العضد (العظم العلوي للذراع)، وعظم الكتف (الكتف أو اللوح الكتفي)، وعظم الترقوة.

• الأربطة: تربط العظام ببعضها، وتوفر الاستقرار للمفصل.

• الأوتار: تربط العضلات بالعظام، وتسمح بنقل قوة العضلات لتحريك الذراع.

• العضلات: تتوزع حول الكتف، أبرزها عضلات الكفة المدورة (Rotator cuff) وهي مجموعة من العضلات والأوتار التي تحافظ على استقرار الكتف.

• الغشاء الزلالي (السوائل الزلالية): يوفر تزييتاً للمفصل ويساعد في تقليل الاحتكاك أثناء الحركة.

كل هذه المكونات تعمل بانسجام لضمان حركة طبيعية للكتف، وإذا تعرض أي جزء منها للضرر أو الالتهاب، يحدث الألم والحد من الحركة.

الأسباب الرئيسية لألم الكتف

1. التهاب أو تمزق كفة المدور (Rotator Cuff Tendinitis and Tears)

تعد إصابات كفة المدور من أكثر الأسباب شيوعاً لألم الكتف، حيث تتعرض أوتار هذه العضلات للإجهاد أو الالتهاب نتيجة الحركات المتكررة أو الإصابات الحادة. التهاب الأوتار يؤدي إلى ألم متزايد عند تحريك الكتف، خاصة في رفع الذراع جانبياً، وقد يتطور إلى تمزق جزئي أو كامل في الأوتار، مما يتطلب علاجاً طبياً مكثفاً أو تدخل جراحي.

2. التهاب الجراب الزلالي (Bursitis)

الجراب الزلالي هو كيس مملوء بالسائل يعمل على تقليل الاحتكاك بين الأوتار والعظام. عند تعرض الجراب للالتهاب بسبب الإجهاد المتكرر أو الإصابات، يحدث تورم وألم شديد في الكتف، خاصة عند محاولة رفع الذراع أو تحريكه. الالتهاب المزمن للجراب يؤدي إلى تقييد الحركة وألم مستمر.

3. التهاب المفصل (Arthritis)

يمكن أن يصاب مفصل الكتف بالتهاب المفاصل التنكسي (الفصال العظمي) أو التهاب المفاصل الروماتويدي. في حالة الفصال العظمي، يتآكل الغضروف الواقي بين عظام الكتف مما يؤدي إلى احتكاك العظام وظهور الألم، التصلب، وتراجع الحركة. أما الروماتويد، فهو حالة التهابية مزمنة تؤثر على الأغشية الزلالية للمفصل مسببة الألم والتورم.

4. انخلاع الكتف (Shoulder Dislocation)

انخلاع الكتف يحدث عندما يخرج رأس عظم العضد من تجويف الكتف، وهو أمر شائع نتيجة سقوط أو حركة عنيفة. يسبب انخلاع الكتف ألماً حاداً وفقداناً مفاجئاً للحركة مع احتمال تلف الأعصاب أو الأوعية الدموية المحيطة.

5. التهاب الأوتار المزمن (Tendinosis)

مع التقدم في العمر، قد تتعرض أوتار الكتف للتلف المزمن نتيجة التآكل وعدم القدرة على التجدد السريع، مما يؤدي إلى ألم مزمن وتصلب في الكتف. هذا الألم يزداد سوءاً عند الحركة أو عند النوم على الجانب المصاب.

6. متلازمة الكتف المتجمد (Frozen Shoulder)

تعرف أيضاً بالتهاب الكبسولة اللاصق، وهي حالة تصيب الكتف بعد فترة من عدم الحركة بسبب الإصابة أو الجراحة، حيث يحدث تصلب تدريجي في أنسجة المفصل الداخلية. تتطور الحالة إلى ألم مستمر مع تقليل شديد في حركة الكتف.

7. الإصابات المباشرة والرضوض

أي إصابة مباشرة على الكتف مثل السقوط، اصطدام الجسم بجسم صلب، أو حوادث السير قد تؤدي إلى كسور، تمزقات في الأربطة، أو إصابات الأوتار مما يسبب ألماً حاداً ومشاكل وظيفية طويلة الأمد.

8. مشاكل في الأعصاب (Nerve Impingement)

الضغط على الأعصاب التي تمر بالقرب من الكتف، مثل العصب فوق الترقوي (Suprascapular nerve) أو العصب العضدي (Brachial plexus) يمكن أن يسبب ألمًا ينتشر من الكتف إلى الذراع، مصحوباً بتنميل أو ضعف عضلي.

9. أسباب غير مباشرة

قد يكون ألم الكتف نتيجة مشاكل في مناطق أخرى مثل الرقبة (التهاب المفاصل العنقية أو الانزلاق الغضروفي) حيث ينتقل الألم إلى الكتف بشكل مرافق، أو نتيجة أمراض أخرى كالذبحة الصدرية التي قد تسبب ألماً يشبه ألم الكتف.

عوامل الخطر التي تزيد من احتمالية الإصابة بألم الكتف

• التقدم في العمر: التغيرات التنكسية تبدأ مع العمر، ما يجعل الأوتار والمفاصل أكثر عرضة للالتهاب والتلف.

• الحركات المتكررة: كرفع الذراع باستمرار فوق الرأس في الأعمال أو الرياضة.

• الإصابات السابقة: الكدمات، الكسور، أو الجراحات السابقة التي تؤثر على وظيفة الكتف.

• الأمراض المزمنة: السكري والروماتويد يؤثران على الأنسجة الرابطة ويزيدان من مخاطر الإصابة بالتهابات الكتف.

• نمط الحياة: ضعف العضلات المحيطة بالكتف أو الجلوس لفترات طويلة مع وضعيات خاطئة.

تصنيف أسباب ألم الكتف حسب نوع الألم والزمن

التشخيص الطبي لألم الكتف

يتم التشخيص بناءً على التاريخ المرضي، الفحص السريري، واستخدام تقنيات التصوير مثل:

• الأشعة السينية (X-Ray): للكشف عن الكسور والتغيرات العظمية.

• الرنين المغناطيسي (MRI): لتقييم الأنسجة الرخوة مثل الأوتار والعضلات.

• التصوير فوق الصوتي (Ultrasound): لفحص الأوتار وحركة المفصل.

• فحوصات الدم: في حالة الاشتباه بالتهاب المفاصل الروماتويدي.

الخلاصة

ألم الكتف ظاهرة معقدة تنجم عن مجموعة واسعة من الأسباب تتعلق بالتركيب التشريحي للمفصل، الإصابات، الالتهابات، الأمراض المزمنة، وأحياناً أسباب غير مباشرة. لكل حالة من هذه الحالات أعراض مميزة وطبيعة ألم خاصة بها، مما يستدعي فحصاً دقيقاً لتحديد السبب الدقيق ووضع خطة علاج مناسبة تضمن استعادة الوظيفة الطبيعية للكتف وتخفيف الألم.

المراجع:

1. Herring, S. A. (2014). Orthopaedic Physical Therapy (4th ed.). Elsevier Health Sciences.

2. Brukner, P., & Khan, K. (2017). Clinical Sports Medicine (5th ed.). McGraw-Hill Education.