أسباب آلام الدورة الشهرية للمتزوجات
تعد آلام الدورة الشهرية من المشكلات الصحية الشائعة التي تعاني منها معظم النساء في مرحلة ما من حياتهن. وعلى الرغم من أن هذه الآلام تكون شائعة خلال فترة المراهقة، إلا أن العديد من النساء المتزوجات يواجهن أيضًا نفس المشكلة، وقد تختلف شدتها وطبيعتها من امرأة إلى أخرى. تعرف هذه الآلام بالعديد من الأسماء مثل “عسر الطمث” أو “الطمث المؤلم”، وهي تحدث عادة في الأيام الأولى من الدورة الشهرية وقد تستمر لبضع ساعات أو أيام، وقد تكون حادة إلى درجة تجعل المرأة غير قادرة على القيام بأنشطتها اليومية.
الفسيولوجيا البيولوجية لآلام الدورة الشهرية
آلام الدورة الشهرية تنشأ نتيجة للتغيرات التي تحدث في جسم المرأة خلال فترة الدورة الشهرية. تحدث الدورة الشهرية بشكل دوري تقريبًا كل 28 يوماً، ويبدأ في اليوم الأول منها نزول الدم نتيجة لتقشر بطانة الرحم، وهو عملية طبيعية تهدف إلى إزالة الخلايا التالفة. بالإضافة إلى ذلك، يحدث انخفاض في مستويات هرمون الإستروجين والبروجستيرون، مما يؤدي إلى انكماش الأوعية الدموية في الرحم وتقلصات عضلاته.
تسمى هذه التقلصات “التقلصات الرحمية”، وهي المسؤولة عن آلام الدورة الشهرية. ومع بداية الدورة الشهرية، تقوم عضلات الرحم بالانقباض والطرد للخلايا المتحللة والبويضات غير المخصبة، مما يسبب الشعور بالألم.
الأسباب الرئيسة لآلام الدورة الشهرية للمتزوجات
1. التغيرات الهرمونية والتقلبات الهرمونية
الهرمونات تلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم الدورة الشهرية. قد تزداد حدة آلام الدورة الشهرية نتيجة للتقلبات الهرمونية التي تحدث في الجسم. على سبيل المثال، مع زيادة مستويات هرمون البروستاجلاندين، وهو الهرمون المسؤول عن تحفيز تقلصات الرحم، تصبح التقلصات أكثر قوة. يعتبر ارتفاع البروستاجلاندين أحد الأسباب الرئيسة التي تؤدي إلى شدة الآلام لدى العديد من النساء.
خلال فترات الحمل، قد تلاحظ المرأة انخفاضًا في آلام الدورة الشهرية بسبب التغيرات الهرمونية، إلا أن هذه الآلام قد تعود بعد الولادة أو مع اقتراب بداية الدورة الشهرية بعد فترة من الرضاعة الطبيعية.
2. العمر وتأثير الحمل
للنساء اللواتي تعرضن للولادة تأثير قوي على شدة آلام الدورة الشهرية. فقد أظهرت الدراسات أن النساء اللواتي قد أنجبن أطفالًا قد يعانين من آلام الدورة الشهرية بدرجة أقل مقارنة بالنساء اللواتي لم ينجبن. يعود ذلك إلى أن الولادة تحدث تغيرات في شكل الرحم، مما يؤدي إلى تقليل التقلصات العضلية ويخفف من الألم الذي يحدث خلال الدورة الشهرية.
ومن جهة أخرى، قد تتسبب التغيرات الهرمونية في بداية الحياة الزوجية في حدوث اضطرابات تؤدي إلى تفاقم الألم، خصوصًا في حال كانت المرأة حديثة الزواج أو لم يسبق لها أن جربت ولادة طبيعية أو عملية قيصرية.
3. حالة الرحم الصحية
تتأثر شدة آلام الدورة الشهرية بالحالة الصحية للرحم. فالحالات المرضية مثل الأورام الليفية أو الانتباذ البطاني الرحمي يمكن أن تساهم في زيادة حدة الألم. الأورام الليفية هي نمو غير سرطاني في جدران الرحم، والتي قد تسبب ضغطًا على الأنسجة المحيطة أو على الأعصاب. وتسبب هذه الأورام تضييق في عنق الرحم وتعيق تدفق الدم، مما يزيد من شدّة التقلصات.
أما الانتباذ البطاني الرحمي، الذي يحدث عندما تنمو أنسجة الرحم خارج الرحم، فقد يؤدي أيضًا إلى تزايد حدة التقلصات والألم، إذ أن الأنسجة المزروعة في أماكن غير طبيعية قد تؤدي إلى التهابات وألم شديد.
4. الالتهابات المهبلية أو التناسلية
قد تؤدي بعض الالتهابات المهبلية أو التناسلية إلى تفاقم آلام الدورة الشهرية، خاصة إذا كانت المرأة تعاني من حالات مثل التهاب الحوض أو التهابات المسالك البولية. تؤدي هذه الالتهابات إلى زيادة حساسية الأنسجة في منطقة الحوض مما يجعل الألم أكثر حدة أثناء الدورة الشهرية.
5. العوامل النفسية والضغط النفسي
العوامل النفسية تلعب دورًا كبيرًا في شدة الألم الذي تشعر به المرأة أثناء الدورة الشهرية. التوتر، القلق، والاكتئاب يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الألم بسبب التأثير المباشر على الجهاز العصبي المركزي. في حالة المرأة المتزوجة، قد تكون الحياة الزوجية أو المشاكل العاطفية ضغوطًا إضافية قد تزيد من حساسية الجسم تجاه الألم.
تعمل الهرمونات بشكل متكامل مع ردود الفعل النفسية، حيث يمكن أن يؤدي الإجهاد النفسي إلى زيادة مستويات البروستاجلاندين، مما يساهم في تقليل قدرة الجسم على التعامل مع الألم.
6. عدم التوازن في نظام التغذية
النظام الغذائي يلعب دورًا مهمًا في شدة آلام الدورة الشهرية. تناول كميات كبيرة من الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة، السكريات، والمشروبات الغازية يمكن أن يساهم في زيادة مستويات البروستاجلاندين. بالمقابل، يمكن أن يساعد تناول الأطعمة التي تحتوي على مضادات الالتهاب مثل الأسماك الغنية بالأوميغا-3، والخضروات الورقية، والفواكه في تقليل شدة الآلام.
7. استخدام وسائل منع الحمل
تختلف تأثيرات وسائل منع الحمل على الدورة الشهرية من امرأة إلى أخرى. بعض وسائل منع الحمل مثل الحبوب أو الأجهزة الرحمية قد تقلل من شدة الآلام أو تمنع الدورة الشهرية تمامًا، بينما قد تؤدي بعض الأنواع الأخرى إلى تفاقم الأعراض. يمكن أن يكون للهرمونات التي تحتوي عليها وسائل منع الحمل تأثيرات مباشرة على مستوى البروستاجلاندين، مما يؤدي إلى زيادة أو تقليل شدة التقلصات.
8. التغيرات في النشاط الجنسي
قد تشعر بعض النساء المتزوجات بزيادة أو نقصان في آلام الدورة الشهرية بناءً على نشاطهن الجنسي. العلاقة الجنسية يمكن أن تؤثر على طبيعة آلام الدورة الشهرية، حيث يمكن أن يساعد النشاط الجنسي المعتدل على تحسين تدفق الدم إلى منطقة الحوض، وبالتالي تقليل شدة التقلصات. ولكن في بعض الحالات قد يؤدي التلامس الجنسي المكثف أو عدم الراحة أثناء الجماع إلى زيادة الحساسية.
9. السمنة وتأثيراتها على الدورة الشهرية
النساء اللواتي يعانين من زيادة الوزن أو السمنة قد يواجهن مشاكل أكثر حدة في ما يتعلق بآلام الدورة الشهرية. الدهون الزائدة تؤدي إلى زيادة إنتاج الهرمونات مثل الأستروجين، التي يمكن أن تؤثر في التوازن الهرموني وتعزز الآلام المرتبطة بالدورة الشهرية.
طرق التخفيف من آلام الدورة الشهرية
لتقليل شدة آلام الدورة الشهرية، يمكن للمرأة اتباع بعض الإجراءات التي تساهم في تخفيف الأعراض. قد تشمل هذه الإجراءات:
-
استخدام مسكنات الألم: مثل الإيبوبروفين أو الأسيتامينوفين لتخفيف التقلصات.
-
الراحة والتقليل من النشاط البدني: يمكن أن يساعد الاستلقاء في وضع مريح في تقليل الألم.
-
استخدام الحرارة: مثل وسادات التدفئة لتخفيف التقلصات الرحمية.
-
تعديل النظام الغذائي: عن طريق تناول أطعمة مضادة للالتهابات.
-
الاسترخاء وممارسة تقنيات التنفس العميق: للمساعدة في تقليل مستويات التوتر والقلق.
إن آلام الدورة الشهرية للمتزوجات قد تكون ناجمة عن مجموعة من الأسباب المعقدة، لكن من خلال التفهم الصحيح والتعامل الطبي المناسب، يمكن تقليل تأثير هذه الآلام على الحياة اليومية.
