رواية “أربعة أرواح”، من تأليف الكاتبة سينا جيتر ناسلند، هي عمل أدبي ملهم ومتقن يتناول وعي الجنوب والأمة ككل. يأتي هذا العمل بعد نجاح الكاتبة في روايتها الوطنية الأكثر مبيعًا “زوجة أهاب”، ويقدم رؤية رائعة لضمير الجنوب الذي يستفيق، مكتوب بنفس النطاق والعمق العاطفي الذي طبع روايتها السابقة.
تدور أحداث الرواية في مدينة برمنغهام، ألاباما، التي كانت تُعرف في ستينيات القرن الماضي باسم “بومبينغهام”، وهي فترة من التحولات والاضطرابات الاجتماعية في تاريخ أمريكا. تعيد ناسلند إلى الحياة هذه الفترة المضطربة، متشابكة بين حياة السود والبيض، وبين المدافعين عن حقوق الإنسان والعنصريين، وبين الأحداث السلمية والقمع العنيف، لتخلق من خلالها تحفة فنية تصوّر تحولات المجتمع الأمريكي.
الشخصية الرئيسية في الرواية هي ستيلا سيلفر، طالبة جامعية بيضاء شابة، تربت على يد عماتها الرفيعات المستوى. تشاهد ستيلا أحداث حركة الحرية من مسافة آمنة أولاً، ولكنها، برفقة صديقتها كات كارتوايت، تجد نفسها سرعان ما تنخرط في هذا الاحتجاج المتزايد. تتغير حياة ستيلا وكات إلى الأبد بفعل صداقاتهما الجديدة مع رواد الحرية الملتزمين.
كريستين تايلور، طالبة في كلية سوداء، تستلهم إلى العمل بواسطة أمثلة روزا باركس ومارتن لوثر كينغ جونيور، والقس فريد شتلزوورث. تكافح بشجاعة لتحقيق توازن بين مسؤولياتها العائلية والتعليم والعمل مع شغف ومخاطر التظاهرات. تحاول صديقتها جلوريا كالاهان، الكمنجية الموهوبة ونسل هارب من العبودية، تخطي حياتها الخاصة وراحة العائلة للانضمام إلى دائرة أوسع، تشمل السود والبيض، الرجال والنساء، جميعهم معنيون بالاحتجاجات.
ليونيل باريش، معلم وقس وبائع لتأمين الجنازات، يحارب شياطينه الخاصة من الشهوة والحفاظ على الذات، بينما يتخلى الناشط النيويوركي جوناثان جرين عن وعد مشوّق كعازف بيانو للعمل من أجل العدالة العنصرية في الجنوب.
تضيف هذه الشخصيات أصواتها إلى جوقة تشكل هذه السيمفونية من الأطفال الأبرياء والشيوخ الأسطوريين، والمؤمنين بتدين والشكاكين الإنسانيين، والأثرياء والفقراء، والمدينة والريف. رواية مؤثرة وملهمة، غنية بالتفاصيل التاريخية، ومليئة بالإنسانية التي تعد ختم ناسلند في الأدب، تقدم “أربعة أرواح” قصة مؤثرة تتجاوز المأساة وتستحضر الانتصار الفدائي.