أخطر مدن أمريكا الجنوبية

أخطر 10 مدن في أمريكا الجنوبية: العنف الحضري، الفقر، وتحديات الأمن

تُعد أمريكا الجنوبية من أكثر القارات تنوعاً ثقافياً وطبيعياً، غير أن هذا التنوع لا يخلو من التحديات الأمنية والاقتصادية، حيث تعاني العديد من مدنها من تفشي العنف والجريمة بمعدلات مرتفعة للغاية. يعود ذلك إلى عوامل معقدة تتداخل فيها أسباب الفقر، الفساد، تجارة المخدرات، ضعف المؤسسات الأمنية، وانعدام المساواة الاجتماعية. في هذا المقال، نرصد أخطر 10 مدن في أمريكا الجنوبية اعتماداً على معدلات جرائم القتل لكل 100,000 نسمة، وكذلك الانتشار الواسع للجرائم الأخرى مثل السرقة، الخطف، والابتزاز، إضافة إلى تحليل السياق الاجتماعي والسياسي الذي يفسر هذه الظواهر.

1. كاراكاس – فنزويلا

كاراكاس، عاصمة فنزويلا، تتصدر غالباً قوائم المدن الأكثر عنفاً في العالم. تعاني المدينة من انفلات أمني حاد وتفكك شبه كامل في مؤسسات الدولة، مدفوعاً بالأزمة الاقتصادية والسياسية العميقة التي تعيشها فنزويلا. يُقدّر معدل جرائم القتل في المدينة بأكثر من 100 جريمة لكل 100,000 نسمة في بعض السنوات، مما يجعلها بيئة خطرة للسكان المحليين والسياح على حد سواء.

تنتشر العصابات المسلحة في أحياء كاراكاس الفقيرة، حيث تشهد اشتباكات يومية مع قوى الأمن أو فيما بينها للسيطرة على الأراضي. كما تُعد تجارة المخدرات والابتزاز من أبرز مصادر العنف في المدينة، وسط ضعف النظام القضائي وغياب سيادة القانون.

2. سيوداد غويانا – فنزويلا

تُعتبر مدينة سيوداد غويانا الواقعة في الجنوب الشرقي لفنزويلا من المدن الصناعية، لكنها تحولت في السنوات الأخيرة إلى واحدة من أكثر المدن خطورة في القارة بسبب تصاعد العنف المرتبط بالبطالة والركود الاقتصادي.

تتنوع أشكال الجريمة فيها بين سرقة السيارات، جرائم القتل، العنف المنزلي، والسطو المسلح. وتعاني المدينة من ضعف في الوجود الأمني وتفشي الفساد في المؤسسات المحلية، ما يسمح بتفاقم الوضع الأمني دون وجود استجابة فعالة من السلطات.

3. ناتال – البرازيل

ناتال هي عاصمة ولاية ريو غراندي دو نورتي البرازيلية، ورغم شهرتها كوجهة سياحية بسبب شواطئها، إلا أنها تعاني من مستويات عالية من العنف، حيث يسجّل معدل جرائم القتل حوالي 100 لكل 100,000 نسمة.

ينتشر العنف في ناتال بفعل النزاعات بين العصابات الإجرامية التي تتقاتل من أجل السيطرة على تجارة المخدرات، بالإضافة إلى التوسع الحضري العشوائي الذي ساهم في نشوء أحياء فقيرة تفتقر إلى الخدمات الأساسية، مما أدى إلى زيادة معدلات الجريمة.

4. فورتاليزا – البرازيل

فورتاليزا، الواقعة في شمال شرق البرازيل، تُعد من أبرز المدن ذات معدلات الجريمة المرتفعة. وعلى الرغم من أنها مركز سياحي مهم، إلا أن واقعها الأمني متدهور للغاية، مع ارتفاع جرائم القتل والخطف والاغتصاب.

تنتشر في المدينة العصابات المسلحة التي تتورط في عمليات اتجار بالبشر والمخدرات. كما تُعاني المدينة من نظام قضائي بطيء وغير فعال، الأمر الذي يدفع الضحايا إلى عدم التبليغ عن الجرائم خوفاً من الانتقام أو من فقدان الثقة في الأجهزة الأمنية.

5. بيلم – البرازيل

مدينة بيلم الواقعة في شمال البرازيل تعتبر بوابة الأمازون، غير أن مكانتها الجغرافية لم تحمِها من الانزلاق في دوامة العنف. تُعرف بانتشار العصابات المنظمة، حيث تتفاقم فيها جرائم السطو المسلح والقتل، خاصة في الضواحي العشوائية.

يُعزى جزء كبير من العنف إلى التوترات بين الشرطة والمجتمعات المحلية، إذ غالباً ما تتورط قوات الأمن في عمليات قتل خارج إطار القانون، ما يزيد من انعدام الثقة بين السكان والدولة.

6. ماناوس – البرازيل

ماناوس، العاصمة الإدارية لأمازوناس، أصبحت في السنوات الأخيرة مركزاً لتوزيع المخدرات نحو دول أخرى، ما جعلها مسرحاً لصراعات مسلحة بين العصابات المتنازعة. وساهمت الطبيعة الجغرافية للمنطقة في صعوبة السيطرة الأمنية.

أدت هذه العوامل إلى ارتفاع مذهل في جرائم القتل، بالإضافة إلى الجرائم الأخرى مثل السرقة والعنف ضد المرأة. كما أن معدلات البطالة المرتفعة وضعف التعليم يزيدان من هشاشة الوضع الاجتماعي في المدينة.

7. كالي – كولومبيا

مدينة كالي تُعد من أهم المراكز الاقتصادية في كولومبيا، إلا أنها تعاني من تاريخ طويل من العنف المرتبط بتجارة المخدرات. ورغم تفكك “كارتل كالي” الشهير في التسعينيات، إلا أن التنظيمات الإجرامية الجديدة لم تختفِ بل ازدادت تشعباً.

تنتشر الجريمة في أحياء المدينة الفقيرة، ويُعاني السكان من ارتفاع جرائم القتل، السطو المسلح، والخطف مقابل فدية. كما أن الشرطة تُتهم في كثير من الأحيان باستخدام القوة المفرطة، ما يؤدي إلى تصاعد التوتر الاجتماعي.

8. سان سلفادور دي خوخوي – الأرجنتين

تقع المدينة في شمال الأرجنتين، وهي منطقة تعاني من الإقصاء الاجتماعي وارتفاع معدلات البطالة، ما ساهم في تفشي الجريمة المنظمة. ورغم أنها لا تُذكر كثيراً في التقارير الإعلامية الدولية، إلا أن تقارير الأمن الأرجنتيني تشير إلى تصاعد ملحوظ في معدلات العنف.

المدينة تُستخدم كنقطة عبور لتهريب المخدرات من بوليفيا إلى داخل الأرجنتين، مما يجعلها هدفاً للعصابات ويزيد من حجم الصراعات المسلحة فيها.

9. ريو دي جانيرو – البرازيل

ريو دي جانيرو، التي تُعد رمزاً للثقافة البرازيلية، تواجه واقعاً أمنياً معقداً. تنتشر “الفافيلاز” أو الأحياء العشوائية في المدينة، والتي تسيطر على العديد منها عصابات مسلحة تُمارس التجارة غير القانونية وتهريب الأسلحة.

رغم الجهود الحكومية المتكررة لإحلال الأمن، لا تزال الاشتباكات المسلحة بين الشرطة والعصابات مشهداً يومياً، ويقع المدنيون غالباً ضحية للعنف العشوائي. ويُسجل عدد كبير من حالات القتل خارج القانون من قبل قوات الشرطة التي تُعرف بـ”فرق الموت”.

10. بورت أوف سبين – ترينيداد وتوباغو

رغم أن ترينيداد وتوباغو تقع في منطقة الكاريبي، إلا أن بورت أوف سبين تُعد من أكثر المدن عنفاً في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية. يعود السبب في ذلك إلى انتشار الجماعات المسلحة، وارتفاع معدلات الفقر، وغياب فرص العمل لدى الشباب.

المدينة تُعد نقطة عبور للمخدرات القادمة من أمريكا الجنوبية نحو أمريكا الشمالية وأوروبا، وهو ما يغذي الشبكات الإجرامية المحلية ويؤدي إلى ارتفاع مستمر في جرائم القتل والعنف العشوائي.

العوامل المشتركة في تصاعد العنف الحضري في أمريكا الجنوبية

يتقاطع العنف الحضري في مدن أمريكا الجنوبية مع عدد من العوامل البنيوية والاجتماعية:

الخلاصة

رغم الجمال الطبيعي والثقافي الكبير الذي تزخر به أمريكا الجنوبية، إلا أن العديد من مدنها تعاني من مستويات مرتفعة من العنف وعدم الأمان. تتطلب معالجة هذه الأزمات مقاربة شاملة تتضمن إصلاحات أمنية وقضائية، تحسين الخدمات الاجتماعية، وتعزيز العدالة الاقتصادية. التحدي الأكبر يتمثل في كسر الحلقة المفرغة التي تربط بين الفقر والعنف والفساد، والتي تغذي بعضها البعض بشكل دائم.

المراجع:

1. InSight Crime. “Homicide Rates in Latin America 2023.” www.insightcrime.org

2. Statista. “Most Dangerous Cities in Latin America by Homicide Rate.” www.statista.com