أحكام التجويد في سورة الدخان

أحكام التجويد في سورة الدخان

سورة الدخان هي واحدة من السور المكية التي نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة. تحمل هذه السورة في طياتها الكثير من المعاني الروحية والتربوية التي تهدف إلى تحفيز المؤمنين على التمسك بتوحيد الله سبحانه وتعالى، وتؤكد على مصير الكافرين الذين جحدوا رسالات الأنبياء. تذكر السورة أيضًا علامات الساعة، وتحث المسلمين على الصبر في وجه المكاره والابتلاءات.

من الناحية القرائية، تحظى سورة الدخان بأهمية بالغة نظرًا لما تحتويه من أحكام تجويدية متميزة تساهم في تحسين التلاوة، وتساعد القارئ على الإلمام بكيفية نطق الحروف بشكل صحيح، وفقًا للضوابط الشرعية. في هذا المقال، سوف نتناول بالتفصيل أبرز أحكام التجويد في سورة الدخان.

المدود وأحكامها

يعتبر المد من أبرز أحكام التجويد التي تُستعمل في تلاوة القرآن الكريم، ويقصد بالمد إطالة الصوت عند النطق بالحروف المدية. وقد وردت في سورة الدخان العديد من المدود، ونتناول منها ما يلي:

1. مد العوض (مد اللين)

من أبرز الأمثلة على مد العوض في سورة الدخان هو قوله تعالى: “إِنَّا أَرْسَلْنَا فِيهَا رِيحًا” (الآية 9). في هذا الموضع، يتم إطالة الصوت في حرف “أرْسَلْنَا” بحيث يتم المد بمقدار حركتين. ويُطلق على هذا النوع من المد “مد العوض”، ويجب إتمام المد دون تقصير.

2. المد الطبيعي

المد الطبيعي هو الذي يكون بمقدار حركتين ويكون في الحروف التي تتضمن مدًا طبيعيًا في القرآن، مثل: “آمَنُوا” (الآية 3) حيث يُنطق حرف الألف في الكلمة بمد بمقدار حركتين دون زيادة أو نقص. كذلك في “الدخان” التي تكون هي الأخرى على نفس النمط.

3. المد الفرعي

المد الفرعي هو المد الذي يأتي بسبب وقوع حرف المد بعد حرف ساكن، أو وقوع همزة بعد حرف المد، ويشمل مد البدل، والمد المنفصل، وغيرها من المدود. من الأمثلة على المد الفرعي في سورة الدخان قوله تعالى: “يَوْمَ تَفَجُّ” (الآية 9) حيث يتعين على القارئ أن يمد الحرف المد بمقدار أربع حركات، ويجب على القارئ اتباع الضوابط المحددة في هذا النوع من المد.

القلقلة

القلقلة هي من أحكام التجويد الهامة التي ينبغي على القارئ أن يتقنها، وهي عبارة عن ارتداد الصوت عند النطق بالحروف التي توصف بأنها “حروف القلقلة”. وهذه الحروف هي: ق، ط، ب، ج، د. وفي سورة الدخان نجد العديد من المواضع التي تتطلب القلقلة، مثل:

• “قَالُوا” (الآية 5)

• “قُلْ” (الآية 1)

في هذه الأمثلة، يجب على القارئ أن يخرج الحروف “ق” و “ج” بشكل واضح مع تركيز على القلقلة دون إطالة أو نقص.

الإخفاء

الإخفاء هو من أحكام التجويد التي تأتي بعد الحروف الشمسية والقمريّة، حيث يتم النطق بالحروف بشكل مستتر من خلال إخفاء الصوت جزئيًا. وفي سورة الدخان نجد العديد من الحالات التي يتطلب فيها الإخفاء، مثل:

• “إِنَّا” (الآية 1) حيث تأتي مع حرف “النون” في بداية السورة، ويتم إخفاء الصوت بشكل جزئي.

• “فِيهَا” (الآية 9) أيضًا فيها إخفاء في حرف الفاء بعد حرف “في” ليتم النطق بشكل صحيح.

الإقلاب

الإقلاب هو من الأحكام التي تشير إلى قلب حرف “النون” الساكنة أو التنوين إلى “ميم” في حالات معينة. ويُعرف الإقلاب عادةً في الحروف التي تقع بين الميم والنون، وينبغي على القارئ الإنتباه إلى ذلك في المواضع التي تظهر فيها هذه الظاهرة. وفي سورة الدخان نجد هذه الحالة في:

• “مِنْ رَحْمَتِهِ” (الآية 10) حيث يتم إقلاب النون الساكنة إلى ميم، ويجب أن يتبع ذلك القارئ بتصعيد الصوت قليلاً على الحرف الذي يلي الإقلاب.

الإظهار

الإظهار هو من أحكام التجويد التي تتطلب النطق بالحروف الساكنة بوضوح دون غنة أو إخفاء. في سورة الدخان، هناك العديد من المواضع التي يتعين فيها الإظهار، مثل:

• “فَتَرَى” (الآية 11) حيث يأتي حرف “التاء” بعد “الفاء” ويجب أن يتم إظهاره بوضوح دون إدغام.

• “وَمَا لَهُمْ” (الآية 11) في هذه الحالة أيضًا، يجب على القارئ الإظهار في حرف “الميم” بشكل دقيق.

الادغام

الادغام هو إدخال الحرف الثاني في الحرف الأول بحيث يُقرأ وكأنهما حرف واحد. وهذا يحدث عندما يأتي حرف من حروف الادغام بعد حرف ساكن. في سورة الدخان، يمكن ملاحظة عدة حالات من الإدغام، مثل:

• “فَجَّ” (الآية 9)، حيث يتم إدغام الجيم في الشين من “فَجَّ” بطريقة دقيقة بحيث يبدو الحرفان كأنهما حرف واحد.

• “مِنْهُ” (الآية 11)، في هذه الحالة، يتم إدغام النون في الميم، ويجب على القارئ أن يتقن هذه الحركة للحصول على التلاوة الصحيحة.

التفخيم والترقيق

التفخيم هو تعظيم الصوت عند النطق بالحروف التي تستحق التفخيم، مثل حروف الاستعلاء، وهي الحروف التي يأتي فيها الطاء، الصاد، القاف، والضاد. في سورة الدخان، يتعين على القارئ إتباع قواعد التفخيم عند قراءة بعض الكلمات مثل:

• “الدخان” (الآية 1)، حيث يُفخم حرف “الدال” و”الخاء” لتظهر الكلمة بحجمها الثقيل.

• “فَتَرَى” (الآية 11) حيث يتم التفخيم في حرف “التاء”.

أما الترقيق فيحدث عند النطق بالحروف التي تكون ناعمة مثل “الفاء” و”اللام”. في سورة الدخان، يمكن ملاحظة ذلك في الكلمات مثل:

• “بِهِ” (الآية 10)، حيث يتم ترقيق اللام بشكل مناسب.

الوقف

الوقف في التجويد هو التوقف عن القراءة في نهاية الآية أو الكلمة وفقًا لقواعد التجويد الصحيحة. في سورة الدخان، نجد العديد من المواضع التي يتعين فيها الوقف، مثل:

• “يَوْمٍ” (الآية 9)، يجب على القارئ أن يتوقف في هذه الكلمة بناءً على قواعد الوقف التي تقتضي الانقطاع بعد الكلمة.

• “سَأَلَ” (الآية 6) حيث يتوقف القارئ هنا ليتنفس بشكل طبيعي ويمضي في قراءة السورة.

الخاتمة

تُعد سورة الدخان من السور التي تحتوي على العديد من الأحكام التجويدية التي تسهم في تحسين تلاوة القرآن الكريم وزيادة جودتها. إذ تشمل هذه الأحكام المدود، القلقلة، الإخفاء، الإدغام، وغيرها من الأحكام التي تمنح التلاوة جمالًا ووضوحًا. إن الالتزام بهذه الأحكام يعد من الواجبات الأساسية لكل مسلم يسعى لتحسين قراءته للقرآن الكريم، وهو أمر ضروري لفهم معاني السورة بشكل صحيح والاستفادة من العبر الروحية التي تحتويها.