أحكام التجويد في المزمل

أحكام التجويد في سورة المزمل:

سورة المزمل هي السورة الثالثة والسبعون في ترتيب سور القرآن الكريم، وهي سورة مكية تتألف من 20 آية. تناولت هذه السورة العديد من المواضيع التي تبرز مكانة الصلاة والقيام بالعبادة، كما ركزت على ضرورة التدرج في العبادة وكيفية التواصل مع الله سبحانه وتعالى في أوقات السحر.

تعدُّ سورة المزمل من السور التي تحمل في طياتها العديد من الأحكام التجويدية التي تُظهر جمال اللغة العربية وسرعة تنقلات الأصوات في الكلمات. التجويد هو فن يُعنى بإخراج الحروف من مخارجها، وإعطاء كل حرف حقه ومستحقه، وهو جزء أساسي من قراءة القرآن الكريم كما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم. في هذا المقال، سنقوم باستخراج الأحكام التجويدية من سورة المزمل، مع شرح مختصر لكل حكم، وذكر أمثلة واضحة على كل حكم من السورة.

1. الإظهار

الإظهار هو أن يتم إخراج الحروف من مخرجها الصحيح مع النطق الصحيح. ويُعتبر الإظهار من أهم الأحكام التي يجب على القارئ أن يُراعِيها لضمان وضوح الحروف، ولا سيما عند تلاوة الحروف التي تشترك في مخرج واحد مع غيرها.

• مثال في سورة المزمل:

  • في قوله تعالى: “وَسَبِّحْهُ لَيْلًا وَطُولَ لَيْلٍ” (الآية 1)، نجد أن الحروف “س” و “ش” يمكن أن تلتقي في بعض الحالات، ولكن في هذه الآية تظهر بشكل واضح دون غنة أو تخفيف.

2. الإقلاب

الإقلاب هو تبديل حرفٍ بحرف آخر في التلاوة إذا جاء حرف من حروف “ق” و”ك” مع النون الساكنة أو التنوين. وهذا يؤدي إلى تغيير في الصوت بشكل طفيف عند النطق.

• مثال في سورة المزمل:

  • في قوله تعالى: “إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا” (الآية 5)، يتعين على القارئ قلب النون الساكنة في “قَوْلًا” إلى “م” لأن القاف تلتقي مع النون الساكنة، وهذا يتطلب الإقلاب.

3. الإخفاء

الإخفاء هو أن يخفى الحرف عند التقاء حرفٍ مع حرف آخر بحيث لا يُسمع الحرف الأول بوضوح كما في حالة النون الساكنة مع أحد الحروف التي تحتاج إلى إخفاء. وقد يكون الإخفاء في القراءة إما بغنة أو بغير غنة حسب الحروف المعنية.

• مثال في سورة المزمل:

  • في قوله تعالى: “فَذُوقُوا” (الآية 16)، نجد أن النون الساكنة التي تلتقي بحرف “ف” تُقرأ بطريقة الإخفاء.

4. المد

المد هو إطالة الصوت بحرف من حروف المد: الألف، الواو، والياء، ويُعدُّ من أهم أحكام التجويد التي تمنح التلاوة سلاسة وجمالاً، إذ أن المد يُطيل في الصوت عند النطق بالحروف.

• مثال في سورة المزمل:

  • في قوله تعالى: “إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا” (الآية 5)، المد في “إِنَّا” من نوع مد اللازم الذي يُطيل الصوت في الألف.

5. القلقلة

القلقلة هي أن يُرتجَّ الصوت على الحروف التي تقبل القلقلة: “ق، ط، ب، ج، د”، ويُشعر القارئ أن الصوت متموج عندما ينطق بها، وخاصة إذا كانت الحروف ساكنة.

• مثال في سورة المزمل:

  • في قوله تعالى: “وَقُمْ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا” (الآية 2)، نلاحظ أن حرف “ق” في كلمة “قُمْ” يعاني من القلقلة، مما يجعل الصوت مرتجًّا عند نطقها.

6. الغنة

الغنة هي الصوت الذي يصدر من الأنف عند النطق ببعض الحروف، خاصة عند وجود التنوين أو النون الساكنة التي تلتقي بحروف معينة.

• مثال في سورة المزمل:

  • في قوله تعالى: “إِنَّا سَنُلْقِي” (الآية 5)، تلتقي النون الساكنة مع اللام في كلمة “سَنُلْقِي” فيجب أن يكون هناك غنة واضحة عند نطق النون.

7. التفخيم والترقيق

التفخيم هو تعظيم صوت الحرف عند نطقه في بعض الحالات، والترقيق هو إضعاف الصوت عند نطق الحروف في حالات أخرى. وتختلف الأحكام حسب الحروف المقترنة بحروف معينة.

• مثال في سورة المزمل:

  • في قوله تعالى: “الْمُزَّمِلُ” (الآية 1)، نجد أن حرف الزاي يتم التفخيم في هذه الحالة حيث يظهر الصوت قويًا وواضحًا.

8. السكون

السكون هو أن لا يكون هناك صوت يُنطق به بعد الحرف. يتطلب السكون توخي الدقة في النطق لضمان أن الحروف الساكنة تظل في مواضعها دون إضافة أو حذف.

• مثال في سورة المزمل:

  • في قوله تعالى: “قُمْ” (الآية 2)، نجد أن الميم في كلمة “قُمْ” ساكنة، فيجب على القارئ أن يظهر الحرف الساكن بشكل واضح دون أن يُدرج عليه أي حركة.

9. التوسط

التوسط هو وضع الحروف في مكان وسط بين التفخيم والترقيق، بحيث يُنطق بها بطريقة متوازنة تُظهر المعنى بشكل صحيح.

• مثال في سورة المزمل:

  • في قوله تعالى: “وَذُرِيَّاتِهِ” (الآية 14)، نلاحظ أن حرف الراء يُنطق بطريقة متوسطة بين التفخيم والترقيق في هذه الحالة.

10. المرَّة والتكرار

من أهم خصائص قراءة القرآن الكريم هي التأكيد على بعض الحروف لتكرارها عند وجودها في السياق. تساعد التكرارات في إظهار المعنى بشكل أوضح وتحقيق الفهم العميق للآية.

• مثال في سورة المزمل:

  • في قوله تعالى: “إِنَّا سَنُلْقِي” (الآية 5)، يتعين على القارئ أن يكرر التأكيد على “إِنَّا” لجعل المعنى أكثر قوة.

الخاتمة

سورة المزمل، بما تحمله من معاني ودلالات عميقة، تُعتبر نموذجًا ممتازًا لفهم أحكام التجويد. إن تطبيق هذه الأحكام يعكس التزام القارئ بآداب القراءة الصحيحة للقرآن الكريم، ويجعل من التلاوة تجربة روحانية وفكرية عميقة.