أجمل ما يُقال للمولود

ما يقال للمولود

يُعدّ قدوم المولود الجديد إلى الحياة من أكثر اللحظات التي تُلهب المشاعر وتغمر القلوب بفيضٍ من الفرح والامتنان. وهو حدث يحمل في طياته بعدًا دينيًا، اجتماعيًا، ونفسيًا عميقًا في المجتمعات العربية والإسلامية، لما يرتبط به من طقوس، أدعية، وأقوال متوارثة ذات دلالات رمزية وعاطفية. ويُشكل المولود بابًا جديدًا للأمل، وسلسلة استمرارية للأجيال، ولهذا فإن ما يُقال له عند ولادته لا يُعتبر مجرد عبارات تقليدية أو مجاملة، بل هو مزيج من الشكر لله، التهنئة، الدعاء، والتمني بالخير والبركة.

الكلمات الأولى التي تُقال للمولود: الأذان والإقامة

من أبرز ما يُقال للمولود عند ولادته في الإسلام هو الأذان في أذنه اليمنى والإقامة في الأذن اليسرى، اقتداءً بما فعله النبي محمد ﷺ. وقد ورد في الحديث الشريف عن أبي رافع رضي الله عنه قال: “رأيت رسول الله ﷺ أذّن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة” (رواه أبو داود والترمذي). ويُقال إن الحكمة من ذلك أن تكون أولى الكلمات التي تصل إلى سمع الطفل هي كلمات التوحيد والعبودية لله.

الأذان يُرسّخ في نفس المولود منذ اللحظات الأولى مبدأ التوحيد، وهو إعلان الولاء لله عز وجل. أما الإقامة فهي تهيئة للعبادة والصلاة، فكما تبدأ الحياة بنداء التوحيد، تكون خاتمتها بنداء الصلاة عند الموت. إنها دورة حياة تفتتح بذكر الله وتُختم بذكره.

الأدعية المأثورة للمولود الجديد

تكثر الأدعية التي يُستحب أن تُقال للمولود الجديد، وتتنوع بين ما هو مأثور عن النبي ﷺ وما هو متداول بين الناس بصيغٍ مختلفة تفيض بالحب والدعاء بالخير. من أبرز هذه الأدعية:

• “اللهم اجعله من الصالحين البارين بوالديه، واحفظه من كل شر”

• “اللهم أنبته نباتًا حسنًا، واجعله قرة عين لوالديه”

• “اللهم اجعله من عبادك الصالحين، واجعل له نصيبًا من العلم والدين”

• “أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة” – وهو دعاء ثابت عن النبي ﷺ كان يقوله للحسن والحسين رضي الله عنهما.

• “بارك الله لك في الموهوب، وشكرت الواهب، وبلغ أشده، ورُزقت بره” – من أجمل ما يُقال تهنئةً لأهل المولود.

أقوال مأثورة وتهاني للمولود

إلى جانب الأدعية، تُقال للمولود الجديد أو لوالديه مجموعة من العبارات المتوارثة والجميلة، والتي تحمل في طياتها دعوات بالخير، والبركة، والفرح. من هذه العبارات:

• “مبارك لكم المولود الجديد، جعله الله من مواليد السعادة.”

• “جعله الله من الذرية الصالحة، ورزقكم بره وطاعته.”

• “نور الله لكم به الحياة، وأدام عليكم الفرح.”

• “جعله الله قرّة عين لكم، وذخرًا للإسلام والمسلمين.”

• “اللهم اجعله من الحفظة لكتابك، ومن العاملين بسنة نبيك.”

• “مبروك قدوم المولود، أسأل الله أن يرزقه الصحة والسعادة ويبارك لكم فيه.”

عبارات خاصة بكل نوع من المواليد

غالبًا ما تختلف بعض الأقوال تبعًا لجنس المولود، سواء كان ذكرًا أو أنثى، رغم أن الدعاء لهما يكون بالخير والبركة في الحالين، إلا أن العبارات تتنوع ثقافيًا:

عند ولادة الذكر:

• “بورك لك في الغلام، ورُزقت بره.”

• “جعله الله ناصرًا لدينه، وعضدًا لأسرته.”

• “أسأل الله أن يكون من الصالحين، ومن حفظة كتابه.”

عند ولادة الأنثى:

• “مبروك البنوتة الحلوة، جعلها الله زهرة في بستان حياتكم.”

• “اللهم اجعلها من الصالحات العفيفات الطاهرات.”

• “أسأل الله أن تكون سببًا في دخولكم الجنة.”

كلمات الحب والترحيب بالطفل

بالإضافة إلى الأدعية والتهاني، هناك عبارات يُمكن قولها مباشرة للمولود نفسه، وإن لم يكن يُدركها بعد، إلا أنها تترك أثرًا في النفس وتعبّر عن المحبة:

• “أهلًا بك في الدنيا، لقد أنرت المكان بقدومك.”

• “أهلاً بمن جاء كنسمة ربيع، تحمل معها الأمل والجمال.”

• “وجودك بيننا هو أجمل ما حدث، فمرحبًا بك يا قطعة من القلب.”

• “كبرت العائلة بقدومك، فمرحبًا بك يا نعمة من السماء.”

الجدول التالي يوضح بعض ما يُقال للمولود في الثقافات المختلفة:

أهمية ما يُقال للمولود نفسيًا واجتماعيًا

إن ما يُقال للمولود من كلمات وأدعية لا يمر مرور الكرام، فله أثر كبير في تشكيل الروح الاجتماعية للطفل ولعائلته. الألفاظ الجميلة تُضفي على الحدث بهجة وطمأنينة، كما أن الدعاء يُعبر عن عمق الروابط الإنسانية بين الناس، ويُعدّ جزءًا من ثقافة الدعم النفسي والاجتماعي التي تتميز بها المجتمعات العربية.

في بعض الحالات، تُكرّر بعض العبارات على مسامع الطفل بشكل مستمر أثناء نموه، وتُصبح جزءًا من بيئته اللغوية والعاطفية. إذ إن سماع كلمات الحب والدعاء يُغذي الطفل نفسيًا ويُساعد في بناء شخصية مستقرة وواعية منذ المراحل الأولى.

صيغ الأدعية التي تُقال في المناسبات المرتبطة بالمولود

• عند تسمية المولود:
  
  “اللهم اجعل هذا الاسم مباركًا عليه، واجعل له منه نصيبًا طيبًا في الدنيا والآخرة.”

• عند العقيقة:
  
  “اللهم هذه عقيقة عن فلان، فتقبلها بقبول حسن، واجعلها سترًا وحماية له من كل شر.”

• عند تحنيكه:
  
  “اللهم اجعل هذه السنة سنة خير عليه، وانبته نباتًا حسنًا في دينك وطاعتك.”

دلالة ما يُقال للمولود في التراث العربي

التراث العربي مليء بالمأثورات التي تتعلق بالمولود، ليس فقط على مستوى الأقوال، بل حتى في الأشعار والأمثال الشعبية. فقد قال الشاعر العربي القديم:

“إذا ولد الطفل فابتهجوا

فكل مولودٍ رزقٌ جديد”

وكانت الجدّات ترددن عبارات مثل:

• “جبتوا العز والفرح”

• “نور البيت بوجهه”

• “يا مرحباً باللي على الدنيا أطل”

هذه العبارات ليست مجرد تقاليد بل هي تعبير عن تقدير قيمة الحياة الجديدة، واحتفال رمزي باستمرارية النسل، والحفاظ على العائلة والمجتمع.

التوصيات الشرعية لما يُقال للمولود

من منظور الشريعة الإسلامية، هناك توصيات واضحة لما يجب قوله وفِعله عند قدوم المولود:

1. التهنئة للمولود ووالديه بدعاءٍ مبارك.

2. الأذان والإقامة كما جاء في السنة النبوية.

3. تحنيك المولود وهو سنة مؤكدة عند كثير من الفقهاء.

4. دعاء الحفظ من العين والحسد.

5. اختيار اسم حسن والدعاء له.

الخاتمة

ما يُقال للمولود يتجاوز كونه كلمات عابرة تُقال في مناسبة فرح، بل هو تعبير رمزي عن معاني أعمق تتصل بالهوية، والإيمان، والمجتمع. الكلمات التي تُقال للمولود هي دعاء مفتوح للمستقبل، رسالة حب منذ اللحظة الأولى، وتعبير عن أن هذا الكائن الصغير قد حاز على مكانة في القلب وفي العالم. فلكل كلمة تُقال له وزنٌ وأثر، ولكل دعاء يُرفع لأجله امتداد في حياته القادمة.

المصادر:

1. صحيح الجامع الصغير – الإمام الألباني

2. كتاب “الآداب الشرعية” لابن مفلح