أتعس دول إفريقيا 2025

أتعس 10 دول في قارة إفريقيا، الفقر، الصراعات، تدهور الصحة، وانعدام التعليم

تُعَدّ قارة إفريقيا واحدة من أكثر مناطق العالم تنوعًا ثقافيًا وعرقيًا وبيئيًا، لكنها في الوقت ذاته من أكثر القارات التي تواجه تحديات اقتصادية وإنسانية جسيمة. فعلى الرغم من وفرة الموارد الطبيعية فيها، إلا أن عددًا كبيرًا من دول القارة يعاني من مستويات مرتفعة من الفقر، الصراعات المسلحة، انعدام الأمن، تدني مستويات الصحة العامة والتعليم، فضلًا عن انتهاكات حقوق الإنسان والفساد. ووفقًا لمؤشرات التنمية البشرية الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومؤشر السعادة العالمي، ومقاييس الفقر المدقع، يمكن تصنيف عدد من الدول الإفريقية ضمن الأتعس على مستوى القارة والعالم.

يعتمد ترتيب “أتعس الدول” على عدة مؤشرات مركبة، منها متوسط الدخل الفردي، مستوى التعليم، التغطية الصحية، معدل الوفيات، مؤشرات الفساد، الحريات السياسية، والنزاعات الداخلية. ويُلاحظ أن هناك ترابطًا وثيقًا بين تدهور هذه المؤشرات وتاريخ الدول المعنية في الاستعمار، النزاعات الداخلية، الفشل السياسي، والاعتماد المفرط على المساعدات الخارجية دون تطوير سياسات تنموية فعّالة.

فيما يلي تحليل شامل لأتعس عشر دول في قارة إفريقيا وفقًا لأحدث البيانات المجمعة من تقارير الأمم المتحدة، البنك الدولي، مؤشر السعادة العالمي، ومنظمات حقوق الإنسان الدولية.

1. بوروندي (Burundi)

تحتل بوروندي عادة المرتبة الأخيرة أو قبل الأخيرة في تقارير السعادة العالمية، وقد صنفها تقرير السعادة العالمي لعام 2023 كواحدة من أكثر الدول بؤسًا في العالم. يعيش حوالي 75% من سكانها تحت خط الفقر، وتعاني من صراعات عرقية مزمنة بين الهوتو والتوتسي أدت إلى حروب أهلية طويلة أودت بحياة مئات الآلاف. كما أن البنية التحتية للصحة والتعليم منهارة تقريبًا، ويُقدَّر متوسط عمر الفرد فيها بـ 61 عامًا فقط.

نسبة الوصول إلى الكهرباء لا تتجاوز 10% من السكان، في حين أن معدلات البطالة والفقر المدقع مرتفعة بشكل مزمن، وتُسجَّل حالات من سوء التغذية الحاد بين الأطفال بنسبة تقارب 50%. إضافة إلى ذلك، تُمثل بوروندي مثالًا على فشل الحكم الرشيد، حيث يهيمن النظام السياسي على الحياة العامة بقمع الحريات والتضييق على الصحافة ومنظمات المجتمع المدني.

2. جمهورية إفريقيا الوسطى (Central African Republic)

تُعدّ جمهورية إفريقيا الوسطى من أكثر الدول التي مزقتها الحروب الأهلية، منذ استقلالها عن فرنسا في الستينيات. تعاني البلاد من انقسامات طائفية وقبلية حادة، حيث شهدت موجات متتالية من العنف بين ميليشيات مسيحية ومسلمة. يعيش أكثر من 70% من السكان تحت خط الفقر، وتنتشر المجاعة والأمراض المعدية بشكل واسع، بينما لا تتوفر خدمات أساسية مثل المياه النظيفة أو المرافق الصحية سوى لنسبة ضئيلة من المواطنين.

يُقدَّر عدد النازحين داخليًا بأكثر من نصف مليون شخص، بينما لجأ أكثر من 600 ألف شخص إلى دول مجاورة هربًا من العنف. النظام التعليمي غير فعّال، ويُقدَّر أن أكثر من 60% من الأطفال لا يُكملون المرحلة الابتدائية.

3. جنوب السودان (South Sudan)

منذ نيله الاستقلال في عام 2011، يعيش جنوب السودان حالة شبه دائمة من الحرب الأهلية، إذ اندلع النزاع بين الرئيس سلفا كير ونائبه رياك مشار بعد عامين فقط من إعلان الدولة. تُعد الدولة واحدة من أقل الدول نموًا في العالم، حيث يعيش 80% من السكان في فقر مدقع، ويعتمدون بشكل شبه كلي على المساعدات الإنسانية.

شهدت البلاد انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التجنيد القسري للأطفال، والعنف الجنسي، والقتل خارج إطار القانون. تعاني البنية التحتية الصحية من انهيار شبه كامل، إذ لا تتوفر مستشفيات مؤهلة في معظم أنحاء البلاد، وتنتشر الأمراض مثل الكوليرا والملاريا دون قدرة حقيقية على السيطرة عليها.

4. تشاد (Chad)

رغم كونها دولة غنية نسبيًا بالنفط واليورانيوم، إلا أن تشاد تفتقر إلى التنمية بسبب الفساد المؤسسي المزمن، والاستبداد السياسي، والنزاعات المسلحة في الشمال والشرق. يعيش أكثر من 60% من السكان في فقر مدقع، وتحتل الدولة مرتبة متأخرة في مؤشرات التعليم والصحة وحقوق الإنسان.

يعاني النظام التعليمي من تهميش كامل، حيث تقل نسبة الإلمام بالقراءة والكتابة عن 40%. وتتعرض النساء والفتيات لمعدلات عالية من العنف القائم على النوع الاجتماعي. كما أن معدل وفيات الأمهات أثناء الولادة من بين الأعلى في العالم، ويُقدَّر بـ 1140 حالة وفاة لكل 100,000 ولادة حية.

5. النيجر (Niger)

تُعد النيجر واحدة من أفقر دول العالم، حيث تقع في منطقة الساحل التي تشهد توترًا أمنيًا دائمًا بسبب نشاط الجماعات المسلحة، خاصة بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا. تفتقر البلاد إلى بنية تحتية فعالة، وتعاني من التصحر والجفاف وتدهور الموارد الطبيعية.

يعاني أكثر من 45% من الأطفال من سوء التغذية المزمن، وتصل معدلات الأمية بين النساء إلى أكثر من 75%. كما أن البلاد تشهد ارتفاعًا في معدلات الزواج المبكر، ومعدلات إنجاب عالية تصل إلى أكثر من 7 أطفال لكل امرأة، مما يثقل كاهل البنية التحتية الضعيفة أصلًا.

6. الصومال (Somalia)

تعيش الصومال منذ أكثر من ثلاثة عقود في حالة من الفوضى السياسية والأمنية، نتيجة الحروب الأهلية وظهور جماعة الشباب المتشددة. تفتقر الدولة إلى حكومة مركزية فعّالة، ويُعد الوضع الأمني غير مستقر لدرجة تمنع إقامة مشاريع تنموية طويلة الأمد.

نسبة البطالة بين الشباب تتجاوز 70%، والنظام التعليمي والصحي يكاد يكون غير موجود خارج بعض المراكز الحضرية. كما أن البلاد عرضة للجفاف والمجاعات الدورية، وتُسجَّل معدلات مرتفعة من سوء التغذية والوفاة بين الأطفال دون سن الخامسة.

7. الكونغو الديمقراطية (Democratic Republic of the Congo)

رغم وفرة الموارد الطبيعية في الكونغو الديمقراطية، بما في ذلك الكوبالت والنحاس والذهب، إلا أن الصراعات المسلحة الطويلة والفساد منعت الاستفادة منها. البلاد تعاني من انتشار الميليشيات، والاغتصاب الجماعي، ونهب الموارد.

يُقدَّر أن أكثر من 5 ملايين شخص لقوا حتفهم بسبب الصراعات منذ تسعينيات القرن الماضي، وتُعتبر معدلات العنف الجنسي من بين الأعلى في العالم. كما أن خدمات التعليم والصحة متدهورة، ويعيش ما يقرب من 70% من السكان تحت خط الفقر.

8. ليبيريا (Liberia)

رغم الاستقرار النسبي الذي شهدته ليبيريا منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 2003، إلا أن البلاد لم تتعافَ بعد من آثار الصراع. تواجه معدلات عالية من البطالة، خاصة بين الشباب، إضافة إلى بنية تحتية متهالكة في مجالات الصحة والتعليم.

شهدت البلاد انتشارًا واسعًا لوباء إيبولا عام 2014، مما فاقم هشاشة النظام الصحي. كما أن الفساد الإداري يعيق جهود التنمية، ويفرض قيودًا كبيرة على فرص التقدم الاقتصادي والاجتماعي.

9. مالاوي (Malawi)

رغم استقرارها السياسي النسبي، إلا أن مالاوي تُعدّ واحدة من أفقر دول إفريقيا. يُعاني أكثر من نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي، وتنتشر أمراض مثل الإيدز والملاريا بشكل واسع، حيث تُعد نسبة الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) من الأعلى في العالم.

نظام التعليم يعاني من نقص حاد في المعلمين والمرافق، في حين أن معدل وفيات الأطفال ما زال مرتفعًا. يعتمد الاقتصاد بشكل كبير على الزراعة التقليدية التي تتأثر بالتغيرات المناخية وتفتقر إلى أدوات حديثة.

10. سيراليون (Sierra Leone)

رغم انتهاء الحرب الأهلية في عام 2002، إلا أن سيراليون ما زالت تُعاني من آثارها الاجتماعية والاقتصادية. ضعف البنية التحتية، والفساد، والمشاكل الصحية المستعصية تجعل منها واحدة من أتعس الدول في إفريقيا.

شهدت البلاد أيضًا تفشيًا واسعًا لفيروس إيبولا بين عامي 2014 و2016، مما أسفر عن انهيار شبه تام للقطاع الصحي. يعيش أكثر من 60% من السكان تحت خط الفقر، ويعاني نظام التعليم من نقص في التمويل والمعلمين المدربين.

جدول مقارنة بين أتعس 10 دول في إفريقيا حسب المؤشرات الرئيسية

خاتمة تحليلية

تُظهِر هذه القائمة أن البؤس والتعاسة في إفريقيا غالبًا ما تكون نتاجًا لتشابك معقد من العوامل السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والبيئية. إن استمرار الفقر، وتدهور البنية التحتية، وغياب الحكم الرشيد، وانتشار النزاعات، وغياب الاستثمارات في التعليم والصحة، يكوِّن صورة قاتمة في العديد من الدول الإفريقية.

إلا أن هذا الواقع لا ينبغي أن يُفهَم على أنه قدر حتمي، بل هو دعوة لسياسات أكثر عدالة واستدامة، ترتكز على الحكم الرشيد، تعزيز الحريات، الاستثمار في الإنسان، والتعاون الإقليمي والدولي الذي لا يكرّس التبعية، بل يفتح آفاق التقدم المشترك.

المراجع:

• تقرير السعادة العالمي 2023 – United Nations Sustainable Development Solutions Network

• قاعدة بيانات البنك الدولي: مؤشرات التنمية العالمية (WDI)