آلام الظهر والرقبة

آلام الظهر وأسبابها

اخر تحديث 26/06/2025
14 تمت قراءة 4 دقيقة

ألم الظهر: الأسباب، الأنواع، التشخيص والعلاج الشامل

يُعد ألم الظهر من أبرز المشكلات الصحية التي يعاني منها عدد كبير من الأفراد حول العالم، ويُصنّف كأحد الأسباب الرئيسة للغياب عن العمل وتراجع جودة الحياة. تختلف شدّته من آلام بسيطة مزمنة إلى نوبات حادة قد تُعيق الحركة تماماً، كما تختلف أسبابه بين العضلية، الهيكلية، العصبية، أو الناتجة عن أمراض جهازية. وتبعًا لتعدد أنواعه وتداخل أسبابه، يتطلب التشخيص والتعامل مع ألم الظهر معرفة طبية دقيقة ونهجًا علاجياً شاملاً ومتكاملاً.

البنية التشريحية للظهر

يتكون الظهر من تركيبة معقدة من العظام والعضلات والأربطة والأوتار والأعصاب، وكل مكوّن منها قد يكون مصدرًا للألم. يتضمن العمود الفقري 33 فقرة موزعة على خمسة أقسام: عنقية (7 فقرات)، صدرية (12 فقرة)، قطنية (5 فقرات)، عجزية (5 فقرات ملتحمة)، وعصعصية (4 فقرات ملتحمة). هذه الفقرات يحمي بينها أقراص غضروفية تُعرف بـ”الديسك”، تعمل كممتصات للصدمات وتُتيح الحركة. حول هذا الهيكل العظمي توجد عضلات داعمة قوية، وأربطة تُبقي الفقرات مترابطة، إضافةً إلى الأعصاب الشوكية التي تنقل الإشارات العصبية إلى الأطراف.

الأسباب الشائعة لآلام الظهر

1. الأسباب الميكانيكية والهيكلية

  • الشد العضلي: من أكثر الأسباب شيوعًا، ويحدث نتيجة رفع أوزان ثقيلة، أو حركة خاطئة مفاجئة، أو إجهاد مزمن.

  • الانزلاق الغضروفي (الديسك): يحدث عندما ينزلق جزء من القرص الغضروفي ويضغط على أحد الأعصاب الشوكية، مما يسبب ألماً يمتد أحيانًا إلى الساقين.

  • الجنف (انحناء العمود الفقري): قد يؤدي إلى ألم مزمن في الظهر بسبب توزيع غير متوازن للوزن.

  • تضيق القناة الشوكية: ينتج عنه ضغط على النخاع الشوكي أو جذور الأعصاب، ويؤدي إلى ألم وتنميل في الأطراف السفلية.

  • الكسور الفقرية: خاصةً لدى مرضى هشاشة العظام، وغالبًا ما تكون ناتجة عن إصابات بسيطة.

2. الأسباب الالتهابية

  • التهابات المفاصل الفقرية مثل التهاب الفقرات التصلبي (Ankylosing Spondylitis)، والذي يصيب الشباب بشكل خاص ويترافق مع تيبس صباحي وألم يتحسن بالحركة.

  • التهاب المفاصل الروماتويدي: قد يصيب المفاصل الفقرية مسببًا ألماً مزمناً وتشوّهات في البنية.

3. الأسباب العصبية

  • العصب الوركي (عرق النسا): ناتج عن ضغط على العصب الوركي، يتسبب بألم يبدأ من أسفل الظهر ويمتد إلى الفخذ والساق.

  • الاعتلال العصبي السكري: يسبب آلامًا مزمنة نتيجة تضرر الأعصاب الطرفية لدى مرضى السكري.

4. الأسباب المرضية الجهازية

  • أورام العمود الفقري: قد تكون أول علامة لسرطان نقائل أو أولي، وتكون الآلام غالبًا ليلية وغير مستجيبة للمسكنات.

  • العدوى: مثل التهاب الفقار العظمي أو خراجات فوق الجافية، وهي حالات نادرة لكنها خطيرة.

  • أمراض الكلى: مثل حصى الكلى أو التهابات الكلية، قد تؤدي إلى ألم في المنطقة القطنية يشبه ألم الظهر.

5. أسباب متعلقة بنمط الحياة

  • قلة النشاط البدني: تضعف عضلات الظهر الداعمة.

  • الجلوس الطويل بوضعيات خاطئة: خاصةً أمام الحاسوب أو في السيارة.

  • البدانة: تُشكل ضغطاً إضافياً على العمود الفقري.

  • التدخين: يُقلل من تدفّق الدم إلى الأقراص الفقرية، مما يُسرّع تآكلها.

أنواع ألم الظهر

النوع الوصف
الألم الحاد يستمر أقل من 6 أسابيع، غالبًا ناتج عن إصابة أو إجهاد عضلي.
الألم شبه المزمن يستمر بين 6 إلى 12 أسبوعًا، ويستدعي فحصًا معمقًا.
الألم المزمن يستمر أكثر من 3 أشهر، وقد يكون بسبب مرض مزمن أو تغيرات هيكلية.
ألم موضعي يتركز في منطقة واحدة من الظهر.
ألم منتشر/إشعاعي ينتشر إلى الأطراف (مثل عرق النسا).

الأعراض المصاحبة التي تستدعي القلق

  • فقدان مفاجئ للسيطرة على المثانة أو الأمعاء

  • ضعف أو خدر في أحد الأطراف

  • فقدان الوزن غير المبرر

  • ارتفاع في درجة الحرارة

  • ألم لا يتحسن بالراحة أو يزداد ليلًا

تشخيص ألم الظهر

يبدأ التشخيص بجمع التاريخ الطبي للمريض، يليه فحص سريري شامل يتضمن تقييم نطاق الحركة، نقاط الألم، وردود الفعل العصبية. بناءً على التقييم، قد يطلب الطبيب:

  • الأشعة السينية (X-ray): لتقييم البنية العظمية والكسور.

  • التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): لفحص الأنسجة الرخوة والأعصاب والغضاريف.

  • التصوير المقطعي (CT): يعرض التفاصيل الدقيقة للفقرات والغضاريف.

  • الفحوصات المخبرية: خاصةً عند الاشتباه بالتهاب أو مرض جهازي.

  • مخطط كهربائية الأعصاب (EMG): لتقييم عمل الأعصاب عند الاشتباه بضغط عصبي مزمن.

العلاج الشامل لآلام الظهر

1. العلاج الدوائي

  • المسكنات البسيطة مثل الباراسيتامول.

  • مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) كالإيبوبروفين والنابروكسين.

  • مرخيات العضلات لتخفيف التشنجات.

  • مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة في حالات الألم العصبي المزمن.

  • الستيرويدات: في حال وجود التهابات شديدة أو ضغط على العصب.

2. العلاج الفيزيائي

  • تمارين تقوية العضلات القطنية والبطنية: تدعم العمود الفقري وتمنع الانتكاس.

  • العلاج الحراري والبارد: يخفف من الألم ويقلل الالتهاب.

  • التحفيز الكهربائي: مثل TENS لتسكين الألم.

  • الشد الفقري اليدوي: يطبّقه مختص العلاج الطبيعي في حالات معينة.

3. التعديلات السلوكية ونمط الحياة

  • تجنب الجلوس أو الوقوف لفترات طويلة.

  • الحفاظ على وزن صحي.

  • ممارسة التمارين الهوائية الخفيفة كالمشي أو السباحة.

  • التوقف عن التدخين.

4. العلاج الجراحي

يُعتبر الحل الأخير، ولا يُوصى به إلا في الحالات التالية:

  • فشل العلاج المحافظ لأكثر من 6 أشهر.

  • وجود انزلاق غضروفي شديد مع ضغط عصبي واضح.

  • حالات تضيق القناة الشوكية المصحوبة بعجز حركي.

  • وجود ورم أو خراج أو كسر فقرات مع تهديد على الأعصاب.

الوقاية من آلام الظهر

  • تعلم الطريقة الصحيحة لرفع الأشياء الثقيلة (انحناء الركبتين وليس الظهر).

  • الجلوس على كراسي داعمة مع الحفاظ على استقامة العمود الفقري.

  • استخدام مرتبة نوم طبية.

  • ممارسة تمارين تقوية العضلات بانتظام.

  • الراحة عند الشعور بالإجهاد الجسدي.

العلاقة بين الحالة النفسية وألم الظهر

أظهرت العديد من الدراسات أن التوتر النفسي، القلق والاكتئاب يُمكن أن يزيدوا من شدة ألم الظهر، أو يطيلوا فترة التعافي. تُعرف هذه العلاقة بالـ”ألم النفسي الجسدي”، والذي يتطلب غالبًا تدخلًا علاجياً مزدوجًا بين الطب النفسي والعلاج الفيزيائي.

خاتمة طبية تحليلية

يمثل ألم الظهر ظاهرة صحية شائعة ومعقدة تتطلب رؤية تشخيصية دقيقة ومقاربة علاجية متعددة الأبعاد تشمل الجوانب الجسدية، النفسية والوظيفية. إن التوجه نحو الوقاية، من خلال تعزيز الوعي وتعديل نمط الحياة، يُعد أحد أهم محاور السيطرة على هذه الحالة المزمنة التي تؤثر على الملايين. التعامل السليم مع ألم الظهر يبدأ بفهمٍ دقيق لطبيعته ومسبباته، ويُترجم في خطة علاجية شاملة تهدف إلى تقليل الألم، تحسين الأداء الحركي، والحد من التكرار.

المراجع:

  1. American Academy of Orthopaedic Surgeons (AAOS) – https://orthoinfo.aaos.org

  2. National Institute of Neurological Disorders and Stroke (NINDS) – https://www.ninds.nih.gov

اخر تحديث 26/06/2025
14 تمت قراءة 4 دقيقة