في سماء الكون الواسع، حيث تتلاقى النجوم والكواكب في رقصةٍ متناغمة، تبرز أمامنا إحدى اللآلئ الفلكية المدهشة، وهي الكوكب الذي أُطلق عليه اسم “PSR B0329+54 b”. يعد هذا الكوكب إحدى الكواكب الضخمة المعروفة باسم “الأرض العظمى”، حيث يتميز بعدة خصائص فلكية فريدة تجعله محط أنظار الباحثين وعشاق علم الفلك.
يقع PSR B0329+54 b على بُعد يصل إلى حوالي 1647.0 سنة ضوئية من الأرض، في إحدى الركنيات البعيدة للمجرة. يظهر لنا هذا الكوكب كنقطة باهرة في سماء الليل، رغم أن سطوعه النجمي يبلغ حوالي 20.8671 مقدار ظاهري، ما يجعله أقل سطوعًا من النجوم اللامعة المعتادة، إلا أنه يلفت النظر بسحره الخاص.
يُصنف PSR B0329+54 b كـ “الأرض العظمى”، وهي فئة من الكواكب العملاقة التي تتميز بكتلتها وأحجامها الهائلة بالمقارنة مع كوكب الأرض. يبلغ معامل الكتلة الخاص به 1.97 مرة من كتلة الأرض، مما يجعله يحمل عبءًا فلكيًا يذهل العقول. وليس هذا فقط، بل يتجلى حجمه الذي يتجاوز حجم الأرض بنسبة 1.22 مرة، مما يمنحه مظهرًا ضخمًا وملفتًا في سماء الفضاء.
تم اكتشاف PSR B0329+54 b في عام 2017، حيث كشفت الأجهزة الحساسة للإشعاعات الكونية عن وجود هذا الكوكب الفريد. كان اكتشافه لحظة من البهجة والدهشة للعلماء، حيث أضاء هذا الكوكب درب الفلك بلمعان جديد وألهم الباحثين لاستكشاف المزيد من أسراره.
يدور PSR B0329+54 b حول نجمه الأم، وهو نجم نيوتروني يُعرف باسم “PSR B0329+54″، على مسافة تبلغ حوالي 10.26 وحدة فلكية. يستغرق الكوكب حوالي 27.8 يومًا لاكتمال دورته الشمسية، مما يضفي عليه طابعًا فلكيًا فريدًا ودورة حياة ملتقطة في أحضان الفضاء.
تمتاز مدارية PSR B0329+54 b ببعض الخصائص الفريدة، حيث يتسم بامتداد مداري يصاحبه ارتفاع في الانحراف عن الدائرية، حيث يصل الاستواء إلى 0.24. تلك التفاصيل الدقيقة تميز هذا الكوكب عن غيره، مما يفتح الأفق لدراسات عميقة حول تأثيرات مثل هذه العوامل على بنية الكواكب وتطورها.
تم اكتشاف PSR B0329+54 b باستخدام أسلوب مبتكر يعرف بـ “Pulsar Timing”، حيث يتم قياس تأثير الجاذبية على النجم النيوتروني، مما يكشف عن الكوكب المحيط به. هذا الأسلوب الدقيق والمعقد يسهم في فتح أفق جديد للفهم العميق للكواكب البعيدة والغامضة في أطياف الكون.
بهذا النحو، يقف PSR B0329+54 b كرمز للغموض والإثارة في علم الفلك، حيث يعزف عنان الفضاء لحنًا جديدًا يجمع بين الجمال والتعقيد، مشيرًا إلى أن لدينا الكثير من الأسرار الكونية التي لا تزال تتربع في عرش اللامعلومات، مستعدة لتكشف عن نفسها أمام أعين العلماء المتعطشين لاستكشاف أعماق السماء.