في “Origins Of History”، الذي كتبه هيربرت باترفيلد، يُقدم لنا تحقيقًا شاملاً وعميقًا في أصول التاريخ، حيث يستعرض تطوره في المناطق القديمة مثل ما بين النهرين، مصر، والصين. يأخذنا الكاتب في رحلة مثيرة لاستكشاف جذور التاريخ، بدءاً من الكتب الهيبرايتية القديمة، مروراً بمفاهيم الإغريق والمسيحيين الأوائل، حتى وصولنا إلى ميلاد النقد التاريخي الحديث.
في هذا العمل الفريد، يتناول باترفيلد بأسلوبه السلس والعميق، تأثير الكتابات الهيبرايتية على فهم الإنسان للتاريخ وكيف نمت فكرة التاريخ في ذهن الإنسان عبر العصور. يستعرض الكتاب أيضاً تأثير الكتاب المقدس على فهم التاريخ، حيث يفحص العلاقة بين الكتاب المقدس العبري وتشكيل مفهوم الزمن والحدث.
على صعيد آخر، يتناول باترفيلد تأثير الفلسفة اليونانية على التفكير التاريخي، مع التركيز على كيفية تشكلت أفكار الإغريق حول التاريخ والزمن. كما يلقي الضوء على دور المسيحية في تشكيل فهم الإنسان للتاريخ، مع التركيز على الفترة الأولى للاعتناق المسيحي.
لا يقتصر نطاق الكتاب على تاريخ الشرق الأوسط فقط، بل يمتد إلى الشرق، حيث يستكشف تأثير الثقافة الصينية على التاريخ وكيف تطورت فكرة التاريخ في هذا السياق.
يبرز باترفيلد أيضاً اللحظات الفارقة في تطور التاريخ، مثل مرحلة نشوء النقد التاريخي الحديث، حيث بدأت الملاحظة النقدية في التأثير على كتابة وفهم التاريخ. يقدم لنا الكتاب نظرة شاملة لاستكشاف العقلانية والتطور الثقافي الذي ساهم في تشكيل الرؤى المعاصرة للتاريخ.
تجلب دار النشر “بيسك بوكس” هذا العمل الثقافي الرائع إلى القارئ بأسلوب متقن ومحتوى غني. صدر الكتاب في شهر سبتمبر من عام 1981، وما زال يحتفظ بجاذبيته وأهميته حتى اليوم. “Origins Of History” يظل لوحة فنية مميزة تعكس رحلة الإنسان في فهمه للماضي وتطور الفهم الحديث للتاريخ.