في سماء اللامكان، حيث يتجول عقل الإنسان بحثًا عن أسرار الكون وتشويقه لاكتشافات جديدة، نجد أنفسنا أمام تحفة فلكية فريدة تثير العقول وتفتح أفقًا جديدًا لفهمنا للكواكب خارج نطاق نظامنا الشمسي. إحدى هذه اللآلئ الفلكية هي كوكب Kepler-347 c، الذي يتميز بخصائص استثنائية تجعله محط اهتمام العلماء والفلكيين على حد سواء.
يتمتع Kepler-347 c بموقعه البعيد في السماء، حيث يبلغ مسافته عنا حوالي 4237.0 سنة ضوئية. تلك البُعد الهائل يجعلنا نعيش في عالم من الأرقام الفلكية الضخمة، مما يبرز مدى بعده وغموضه في أعماق الكون. يظهر الكوكب بشكل خافت في سماء الليل، حيث يكمن لمعانه بقوة 14.567 نجمية، مما يجعله غامضًا ومثيرًا في نفس الوقت.
لكن السحر لا يكمن فقط في بعده البصري ولمعانه، بل يتجلى أيضًا في طبيعته الفريدة ككوكب فائق الأرض. إذ يعد Kepler-347 c جزءًا من فئة الكواكب الضخمة الغازية التي تعرف باسم “Super Earth”. وبناءً على الدراسات الفلكية، يظهر أن هذا الكوكب يتمتع بكتلة تُقدر بمضاعف 3.71 مرة من كتلة الأرض، مما يجعله يستحوذ على اهتمامنا بقوة، حيث يسائل العلماء عن أسرار تكوينه وتأثير ذلك على ظروف حياته المحتملة.
وفي عالم الأحجار الكونية، يبرز Kepler-347 c بأبعاده الفسيحة، حيث يعادل نصف قطره 1.75 مرة من قطر الأرض. هذا الحجم الضخم يفتح الأفق لاحتمالات كبيرة بشأن بنيته الداخلية وطبيعته الجيولوجية، مما يشكل لغزًا يحتفظ برموزه بعيدًا عن أفهامنا الحالية.
تتسارع الألغاز عندما نلقي نظرة على مدار Kepler-347 c حول نجمه الأم، حيث يدور بمسافة تقدر بحوالي 0.183 وحدة فلكية. ومع فترة دوران تبلغ 0.07474332 يومًا، يعكس هذا الكوكب تعقيد الأنظمة الفلكية التي تشكلت في أعماق الكون. تلك الفترة القصيرة تضيف للتحديات التي يواجهها العلماء في فهم ديناميات هذا النظام وتأثيرات الجاذبية على سطح Kepler-347 c.
رغم أن الكوكب لا يتمتع ببيانات ملموسة حول انحرافه المداري، فإن الأساليب الفلكية المستخدمة تشير إلى أنه يتميز بانحراف ضئيل يقترب من الصفر. هذا الاستقرار الفلكي يثبت مدى تناغم هذا الكوكب في نظامه الشمسي ويفتح الأفق للتفكير في قدرته على استضافة حياة.
لقد تم اكتشاف Kepler-347 c في عام 2014 باستخدام طريقة العبور الكوكبي، حيث يعبر الكوكب أمام نجمه الأم، ما يؤدي إلى تغيير في السطوع يمكن رصده من قبل المراصد الفلكية. هذا الاكتشاف المثير أضاء على جهود الباحثين في استكشاف الفضاء وفهم غموض تكوين الكواكب خارج حدود نظامنا الشمسي.
في الختام، يظهر Kepler-347 c كجوهرة ثمينة في سماء الليل، حاملًا في طياته ألغازًا وأسرارًا لا تزال تنتظر العلماء لفك رموزها. فهو ليس مجرد كوكب بعيد، بل عالم غامض ينادي بأسراره ويستحق استكشافه، فقط لنجد أنفسنا أمام نافذة جديدة تطل على أبعاد لا نهاية لها من عظمة الكون.