في سماء الكون اللامتناهي، تبرز نجوم لامعة كنقاط متلألئة على خلفية الظلام، وفي هذا السياق المدهش، نجد أنفسنا أمام إحدى عجائب الفضاء، وهي الكوكب الذي يُعرف باسم HR 858 b. يحمل هذا الكوكب البديع معه الكثير من الألغاز والتفاصيل الرائعة التي تلفت انتباه عشاق علم الفلك.
بدايةً، يأتي HR 858 b في قائمة الكواكب البعيدة، حيث يبعد عنا بمسافة تقدر بحوالي 104 سنة ضوئية. يتألق النجم المضيء الذي يحتضن هذا العالم الغامض بسطوع يقدر بـ 6.38 درجة، مما يجعله يعتبر من النجوم المرئية بوضوح في السماء الليلية.
وما يميز HR 858 b بشكل خاص هو أنه يعتبر “سوبر أرض”، وهذا يعني أنه يمتلك خصائص تجعله يشبه إلى حد كبير كوكبنا الأرض. يُعزى هذا التشابه إلى قيمة غرامية للكتلة تبلغ 5 أضعاف كتلة الأرض، مما يخلق جاذبية قوية وظروفًا فلكية فريدة على سطحه.
وفي عام 2019، كشفت أعين العلماء عن وجود هذا الكوكب الساحر، وكان اكتشافه لحظة مفصلية في تاريخ البشرية، حيث أضاء على أسرار جديدة في عالم الفضاء والكواكب خارج نطاق نظامنا الشمسي.
عند التفكير في الأبعاد الفيزيائية لـ HR 858 b، نجد أنه يتمتع بكتلة مضاعفة تبلغ 5 أضعاف كتلة الأرض، ويتسم بنصف قطر يبلغ 2.085 مرة قطر الأرض. تلك الأرقام الضخمة تنعكس على سماته الفريدة وتجعله جسمًا كونيًا فريد الطابع.
تدور HR 858 b حول نجمه الأم بمدار دائري، حيث يبلغ شعاع المدار 0.048 وحدة فلكية، ويستغرق لإكمال دورته حوالي 0.009856262 سنة. تلك الحركة الدقيقة والمدار البعيد يضيفان للكوكب جاذبية فلكية خاصة، وتجعل اللحظة التي يمر فيها أمام نجمه أمرًا مثيرًا للاهتمام.
ومن الجدير بالذكر أن اكتشاف HR 858 b تم باستخدام طريقة العبور (Transit)، حيث يتم رصد انخفاض في سطوع النجم الأم عندما يمر الكوكب أمامه، وهو ما يشير إلى وجود الكوكب ويساعد العلماء في دراسته بدقة.
في الختام، يظهر HR 858 b كجوهرة فلكية في سماء الفضاء، تجسد غموض الكواكب البعيدة وتشد انتباهنا إلى أعماق الكون، محملًا معه أسرارًا لا تزال تنتظر الكشف عنها وتحفز فضول الإنسان الذي يتسائل بدهشة عن أسرار هذا الكوكب وغيره من العوالم البعيدة.