9 تصرفات يقوم بها كل المستمعين الجيدين خلال محادثاتهم اليومية
تعتبر مهارة الاستماع الجيد من أكثر المهارات التواصلية أهمية في الحياة اليومية، سواء في العمل أو في العلاقات الشخصية. فالمستمع الجيد لا يقتصر على مجرد الاستماع للكلمات التي يُقالها، بل يمتد إلى فهم المعنى العميق وراء تلك الكلمات، والاستجابة لها بطريقة تعكس الاهتمام والاحترام. في هذا المقال، سنستعرض تسع تصرفات يقوم بها كل المستمعين الجيدين خلال محادثاتهم اليومية، والتي تساعدهم على بناء علاقات متينة وفهم أفضل لمن حولهم.
1. الانتباه الكامل للمحادثة
أولى التصرفات التي تميز المستمعين الجيدين هي الانتباه الكامل للطرف الآخر أثناء المحادثة. هؤلاء الأشخاص يركزون بشكل كامل على المتحدث، ويتجنبون الانشغال بأي أمور جانبية مثل الهاتف المحمول أو التفكير في الرد قبل أن ينتهي الآخرون من حديثهم. هذه الاستجابة تتطلب إرادة قوية ووعيًا تامًا بأن الاستماع الفعّال هو أداة لفهم الآخرين بشكل عميق. إن القدرة على التركيز بشكل كامل تتيح للفرد أن يستوعب كافة التفاصيل والرسائل الضمنية التي قد تكون غير ظاهرة على السطح.
2. التواصل البصري
التواصل البصري هو عنصر أساسي في أي محادثة ناجحة. المستمع الجيد يحرص على أن يظل عينيه مثبتتين على المتحدث. لا يعني هذا أن التواصل البصري يجب أن يكون مستمرًا دون انقطاع، بل يكفي أن يكون التفاعل البصري طبيعيًا ومتوازنًا ليعكس اهتمام المستمع. من خلال التواصل البصري، يشعر المتحدث بأن لديه اهتمامًا حقيقيًا من الطرف الآخر، مما يعزز الثقة والاحترام المتبادل في المحادثة.
3. إظهار التفهم والتعاطف
المستمع الجيد لا يتوقف عند الاستماع فقط، بل يسعى أيضًا لإظهار التعاطف مع المتحدث. فعند مشاركة الشخص لمشكلة أو تجربة معينة، يعبّر المستمع الجيد عن تفهمه لمشاعر الطرف الآخر باستخدام إشارات غير لفظية مثل الابتسامة، أو إيماءات الرأس، أو تعبيرات الوجه التي تُظهر الاهتمام والرحمة. من خلال هذه الإشارات، يشعر الشخص الآخر أن مشاعره محل تقدير ويشعر بالراحة أثناء التعبير عن نفسه.
4. الأسئلة الاستفهامية المناسبة
من التصرفات التي يميز بها المستمع الجيد عن غيره هي قدرته على طرح الأسئلة الاستفهامية التي تساعد على إظهار اهتمامه. هذه الأسئلة ليست متطفلة أو مزعجة، بل هي أسئلة مدروسة تعكس رغبة حقيقية في فهم التفاصيل وتوضيح النقاط الغامضة. يمكن أن تكون هذه الأسئلة عبارة عن استفسارات حول أفكار الشخص أو حول مشاعره، مما يُشعر المتحدث بأنه مسموع حقًا. الأسئلة المفتوحة التي تبدأ بـ “كيف” أو “ماذا” أو “لماذا” تفتح المجال لمزيد من التواصل والشرح، وتساهم في توجيه المحادثة إلى عمق أكبر.
5. الردود المتعاطفة
الاستماع الجيد لا يعني السكوت فقط؛ بل يعني أيضًا تقديم ردود تتسم بالتعاطف والتفهم. عندما يتحدث الشخص عن موقف صعب أو تجربة مؤلمة، فإن الردود المتعاطفة التي تعكس الاهتمام بما يقال تعزز العلاقة بين الطرفين. على سبيل المثال، يمكن أن يُقال: “أستطيع أن أتخيل كم كان ذلك مؤلمًا” أو “أنت تمر بوقت صعب، وأنت قوي جدًا لتحمل كل ذلك”. هذه الردود لا تعبر عن مجرد كلمات، بل تُظهر اتصالًا عاطفيًا حقيقيًا مع المتحدث، مما يعزز الثقة.
6. عدم المقاطعة
المستمع الجيد يدرك تمامًا أهمية منح المتحدث الوقت الكافي للتعبير عن نفسه دون مقاطعة. يُعتبر التوقف عن المقاطعة أحد التصرفات الأكثر تقديرًا في الحوار. عندما يُسمح للطرف الآخر بإنهاء كلامه دون أن يُعكر تدفق أفكاره أي تدخل، فهذا يعكس احترامًا لوجهة نظره. المقاطعة قد تكون غير مقصودة أحيانًا، ولكنها قد تساهم في توتر المحادثة وحرمان الشخص من إتمام ما يريد قوله. بالمقابل، عندما يتحلى المستمع بالصبر ويسمح للطرف الآخر بالكلام، فإن ذلك يخلق جوًا من الاحترام المتبادل ويعزز من فعالية التواصل.
7. استخدام إشارات الاستجابة المناسبة
من أهم التصرفات التي يظهر من خلالها المستمع الجيد هو استخدام إشارات استجابة غير لفظية تساعد في دعم المحادثة. مثل إيماءات الرأس، والابتسامات، أو حتى الحركات الصغيرة مثل رفع حاجب. هذه الإشارات تبين للمتحدث أن المستمع يتابع محادثته باهتمام، وأنه في تفاعل مستمر معه. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الإشارات البسيطة تدل على أن المستمع موجود بشكل كامل في اللحظة الحالية، مما يساهم في زيادة مستوى الراحة والاحترام في المحادثة.
8. إعادة الصياغة لتوضيح الفهم
من أبرز التصرفات التي يظهر بها المستمع الجيد هو قدرته على إعادة صياغة ما قاله الآخر بأسلوبه الخاص. هذه الطريقة لا تساعد فقط على توضيح الفهم، بل تُظهر أيضًا أن المستمع يولي اهتمامًا حقيقيًا لما يُقال. على سبيل المثال، يمكن للمستمع الجيد أن يقول: “إذا فهمت بشكل صحيح، أنت تقول أن…” أو “هل تعني بذلك أنك تشعر بأن…؟”. هذه الأسئلة تفتح المجال لتوضيح أي غموض أو لبس في الحديث، وتُظهر أن المستمع يحرص على الفهم الصحيح والدقيق للرسالة.
9. الاحترام للمسافات الشخصية
لكل شخص مساحته الشخصية في التواصل، ولا يعتبر المستمع الجيد الشخص الذي يتجاوز هذه المساحات بشكل غير لائق. فمن خلال الحفاظ على المسافة الشخصية المناسبة، يعكس المستمع الجيد احترامه للشخص الآخر وحاجاته الخاصة. هذه الإشارة تعني أن الشخص الذي يستمع يعترف بوجود حدود غير مرئية ويعطي المتحدث حرية التعبير دون الشعور بالتطفل أو الضغط.
الخلاصة
المستمع الجيد ليس فقط من يجلس صامتًا في أثناء حديث الآخرين، بل هو الشخص الذي يعبر عن اهتمامه بشكل فعّال من خلال العديد من التصرفات التي تدل على التفهم والاحترام. من خلال هذه التصرفات، يمكن بناء علاقات أفضل وأعمق بين الأفراد، مما يؤدي إلى تعزيز الاتصال وتفادي سوء الفهم. إن الاستماع الجيد ليس مجرد مهارة تكتسبها بالتدريب فحسب، بل هو أسلوب حياة يساهم في نجاح العلاقات الشخصية والمهنية على حد سواء.
