8 إرشادات من خبراء علم النفس لتجاوز الصدمات العاطفية
تعد الصدمات العاطفية من أصعب التجارب التي يمكن أن يمر بها الإنسان، حيث تترك آثارًا عميقة في النفس وتؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية والعاطفية للفرد. في كثير من الأحيان، قد يشعر الشخص الذي تعرض لصدمة عاطفية بأنه غارق في مشاعر الحزن، الغضب، أو حتى الخوف، وقد يصعب عليه المضي قدمًا في حياته. ولذلك، من الضروري أن يتبنى الشخص بعض الاستراتيجيات المدروسة والمبنية على أبحاث علم النفس التي يمكن أن تساعده في التعافي من الصدمات العاطفية والتغلب على آثارها.
في هذا المقال، نعرض 8 إرشادات من خبراء علم النفس يمكن أن تساعد في تجاوز الصدمات العاطفية وتحقيق الشفاء الداخلي.
1. الاعتراف بالمشاعر واحتضانها
أول خطوة نحو التعافي هي الاعتراف بالمشاعر التي يمر بها الشخص. قد يظن البعض أن تجاهل مشاعر الحزن أو الغضب يمكن أن يساعد في تخفيف الألم، لكن على العكس من ذلك، فإن تجاهل هذه المشاعر يؤدي إلى تفاقمها على المدى الطويل. ينصح علماء النفس بتقبّل هذه المشاعر والاعتراف بها بدلاً من محاولة قمعها. الأشخاص الذين يعترفون بمشاعرهم هم الأكثر قدرة على معالجتها بشكل صحيح.
على سبيل المثال، في حالة فقدان شخص عزيز، فإن المشاعر مثل الحزن، الشعور بالفراغ، والغضب هي مشاعر طبيعية تمامًا. يعزز الاعتراف بتلك المشاعر عملية الشفاء لأن الشخص لا يقوم بتخزين الألم داخليًا بل يبدأ في التعبير عنه بطرق صحية.
2. البحث عن دعم اجتماعي
من المعروف أن الدعم الاجتماعي هو أحد العوامل الرئيسية التي تساعد على التعافي من الصدمات العاطفية. تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يتلقون دعمًا من العائلة أو الأصدقاء يميلون إلى التعافي بشكل أسرع من أولئك الذين يعزلون أنفسهم. التواصل مع الآخرين يمنح الفرد الفرصة لمشاركة مشاعره، مما يساعد على تقليل شعوره بالعزلة والوحشة.
من المهم أن يكون الدعم الاجتماعي غير مشروط. فوجود شخص يمكن أن يستمع دون الحكم على الشخص المعني يعزز من مشاعر الراحة النفسية. في بعض الحالات، قد يحتاج الشخص إلى العلاج النفسي لتوجيهه إلى كيفية الحصول على الدعم المناسب من محيطه.
3. الاعتناء بالصحة البدنية
تأثير الصدمات العاطفية لا يقتصر فقط على الحالة النفسية بل يمتد أيضًا إلى الجسد. عندما يشعر الشخص بالحزن أو القلق، يمكن أن يؤدي ذلك إلى مشاكل جسدية مثل الأرق، فقدان الشهية، أو حتى مشاكل في الجهاز الهضمي. لذلك، من الضروري الاهتمام بالصحة البدنية كجزء من عملية التعافي.
توصي العديد من الدراسات النفسية بممارسة النشاط البدني بانتظام، حيث أن التمارين الرياضية تساهم في تحسين المزاج عن طريق إفراز هرمونات “السعادة” مثل السيروتونين والدوبامين. يمكن أن تساعد الأنشطة البسيطة مثل المشي أو السباحة في تخفيف التوتر والضغط النفسي وتحسين الصحة العامة.
4. التأمل والتقنيات الاسترخائية
التأمل وتقنيات الاسترخاء مثل اليوغا والتنفس العميق تعتبر أدوات قوية للتعامل مع الآثار العاطفية للصدمات. تشير الأبحاث إلى أن التأمل يساعد في تهدئة العقل والحد من مستويات القلق والتوتر، مما يساعد الشخص على التركيز على اللحظة الحالية بدلاً من الاستغراق في الذكريات المؤلمة.
يعمل التأمل على تعزيز الوعي الذاتي ويعزز من قدرة الشخص على التعامل مع الأفكار السلبية. علاوة على ذلك، فهو يساعد على تنشيط مناطق الدماغ المسؤولة عن المشاعر الإيجابية ويقلل من تأثير العواطف السلبية.
5. كتابة اليوميات كأداة للتعبير عن المشاعر
كتابة اليوميات أو التعبير عن المشاعر من خلال الكتابة تعتبر من الأساليب الفعالة في علاج الصدمات العاطفية. ينصح الخبراء بكتابة الأفكار والمشاعر التي يمر بها الشخص بشكل يومي. الكتابة تساعد الشخص على تفريغ ما بداخله والتعبير عن ألمه أو مخاوفه بطريقة منظمة وآمنة.
من خلال الكتابة، يمكن أن يبدأ الشخص في رؤية المواقف من منظور مختلف ويكتسب فهمًا أعمق للمشاعر التي يمر بها. إنها وسيلة جيدة لتوضيح الأفكار المتشابكة والحد من تأثيرها العاطفي.
6. وضع حدود صحية مع الأشخاص والمواقف السلبية
أحد العوامل التي قد تجعل الصدمة العاطفية أكثر تأثيرًا هو وجود أشخاص أو مواقف سلبية تعزز من معاناة الشخص. في بعض الأحيان، قد يكون من الضروري وضع حدود مع الأشخاص الذين يسببون الألم أو الذين يواجهون الشخص بمواقف سلبية لا تساعد في عملية الشفاء.
من المهم تعلم كيفية حماية النفس من التأثيرات السلبية للآخرين، سواء كان ذلك من خلال الحد من التواصل مع بعض الأفراد أو بتحديد المسافة النفسية المناسبة. وضع حدود صحية يساهم في خلق بيئة تشجع على النمو الشخصي وتساعد على تجنب المزيد من الأذى النفسي.
7. التوجه للعلاج النفسي المهني
في بعض الأحيان، قد تكون الصدمات العاطفية شديدة جدًا لدرجة أنه يصعب التعامل معها بمفردك. في هذه الحالة، ينصح الخبراء بالتوجه إلى أخصائي نفسي أو معالج متخصص. العلاج النفسي يوفر بيئة آمنة تساعد الشخص على استكشاف مشاعره وتعلم استراتيجيات للتعامل مع التوتر والضغوط النفسية.
من بين الأساليب المستخدمة في العلاج النفسي هناك العلاج المعرفي السلوكي (CBT)، الذي يساعد على تغيير الأنماط الفكرية السلبية والتعامل مع المواقف المجهدة بشكل أكثر فعالية. أيضًا، يمكن أن يشتمل العلاج على تقنيات التعامل مع القلق والتدريب على التأقلم.
8. القبول بالوقت كجزء من عملية الشفاء
من المهم أن يتذكر الشخص أن عملية التعافي من الصدمة العاطفية تتطلب وقتًا. لا يمكن لأي علاج أن يحدث بين عشية وضحاها، ويجب أن يتحلى الفرد بالصبر مع نفسه. يوضح علماء النفس أن الشفاء من الصدمات العاطفية يشبه عملية العودة إلى الحياة الطبيعية، ويجب أن يُسمح للنفس بالوقت الكافي للتكيف والتأقلم.
القبول بأن الشفاء ليس عملية خطية وإنما تحتوي على صعود وهبوط يمكن أن يساعد الشخص في تقليل الضغط الذي يفرضه على نفسه. يجب أن يكون الشخص مستعدًا للمرحلة التي قد تشهد مشاعر من الألم والانزعاج، ولكن مع مرور الوقت، ستقل هذه المشاعر ويبدأ الشخص في الشعور بالتحسن.
الختام
إن تجاوز الصدمات العاطفية ليس أمرًا سهلاً، ولكنه ممكن. باتباع هذه الإرشادات المبنية على الأبحاث النفسية والممارسات المعتمدة، يمكن لأي شخص أن يخطو خطوات كبيرة نحو التعافي والشفاء. الأهم من كل شيء هو أن يتذكر الشخص أنه ليس وحيدًا في معركته، وأنه يمكنه الحصول على الدعم والمساعدة في أي وقت.
