6 معلومات خاطئة حول التحرش الجنسي عند الأطفال
يعد التحرش الجنسي من القضايا الخطيرة التي تؤثر على الأطفال بشكل مباشر، ويشكل تهديداً على صحتهم النفسية والجسدية. إلا أن هناك العديد من المفاهيم الخاطئة التي تحيط بهذا الموضوع، مما يساهم في التشويش وعدم الوعي الكافي لدى المجتمع حول كيفية التعرف على التحرش الجنسي وحمايته للأطفال. تكمن المشكلة في أن هذه المفاهيم المغلوطة تؤدي إلى تقليل فعالية الوقاية أو إلى التأخر في اكتشاف الاعتداءات، مما يضر بالطفل بشكل أكبر. لذا، من الضروري أن نفهم حقيقة هذه المعلومات الخاطئة وكيفية تفاديها.
1. التحرش الجنسي يحدث فقط من قبل الغرباء
أحد أكثر المفاهيم الخاطئة شيوعاً هو الاعتقاد بأن التحرش الجنسي يحدث فقط على يد أشخاص غرباء لا علاقة لهم بالطفل. في الواقع، تشير الدراسات إلى أن معظم حالات التحرش الجنسي تحدث على يد أشخاص قريبين من الطفل، سواء كانوا أفراداً من العائلة أو أصدقاء العائلة أو معلمين أو أفراد مجتمع موثوقين. الأطفال في كثير من الأحيان لا يجرؤون على التحدث عن هذه التجارب بسبب الثقة العمياء التي يضعونها في هؤلاء الأشخاص، مما يزيد من تعقيد عملية الكشف عن التحرش.
إن تحكم هؤلاء المعتدين المقربين في حياة الطفل قد يساهم في إضعاف قدرة الطفل على التعرف على السلوكيات غير الطبيعية أو الإبلاغ عنها. لذلك، يجب على الآباء والمربين أن يكونوا يقظين ويعلموا الأطفال كيفية حماية أنفسهم، بغض النظر عن هوية المعتدي.
2. الأطفال لا يفهمون معنى التحرش الجنسي
مفهوم آخر خاطئ هو أن الأطفال لا يمكنهم فهم أو إدراك التحرش الجنسي بسبب صغر سنهم. ومع ذلك، تشير الأدلة إلى أن الأطفال قادرون على التعرف على بعض الأفعال غير الطبيعية والشعور بالراحة أو عدم الراحة عندما يتعرضون لمواقف غير لائقة. على الرغم من أنهم قد لا يملكون المفردات الدقيقة أو الفهم الكامل لما يحدث، إلا أن مشاعرهم غالباً ما تدل على حدوث شيء خاطئ.
من الأهمية بمكان أن يتعلم الأطفال التعبير عن مشاعرهم، والتمييز بين الأفعال المقبولة وغير المقبولة في العلاقات. وبالتالي، يجب تعليم الأطفال الحدود الشخصية وتعريفهم بالمفاهيم الأساسية للخصوصية والجسد، بحيث يصبح لديهم أساس لفهم والتحقق من المواقف المشبوهة.
3. التحرش الجنسي يحدث فقط في أماكن غير مألوفة
هناك اعتقاد خاطئ آخر مفاده أن التحرش الجنسي يحدث فقط في الأماكن المجهولة أو الأماكن التي يواجه فيها الأطفال غرباء. ولكن في الحقيقة، يمكن أن يحدث التحرش الجنسي في أي مكان، بما في ذلك في المنزل أو في المدرسة أو في أي بيئة اجتماعية أخرى. يمكن أن يحدث الاعتداء في الأماكن التي يشعر فيها الطفل بالراحة أو الأمان، مما يزيد من صعوبة اكتشافه.
إحدى الحقائق المقلقة هي أن معظم الأطفال لا يدركون أن ما يحدث لهم هو تحرش جنسي إلا بعد فوات الأوان، لأنهم قد يكونون في بيئة موثوقة. لهذا السبب، لا يجب الاعتماد فقط على فكرة أن أماكن غير مألوفة هي التي قد تكون محفوفة بالمخاطر، بل يجب مراقبة سلوك الأشخاص في أي مكان يتواجد فيه الأطفال.
4. التحرش الجنسي لا يحدث في العائلات المحافظة أو المجتمعات الدينية
من الشائع أيضاً أن يُعتقد أن المجتمعات التي تتمسك بالقيم التقليدية أو الدينية أقل عرضة لمشاكل التحرش الجنسي. ولكن هذه الفكرة خاطئة تماماً. التحرش الجنسي يمكن أن يحدث في أي بيئة اجتماعية أو ثقافية، بغض النظر عن مدى تدين أو محافظة المجتمع.
الأطفال في مثل هذه المجتمعات قد يواجهون صعوبة في التحدث عن تجاربهم بسبب التقاليد الاجتماعية أو الخوف من العواقب. من هنا تأتي أهمية خلق بيئة آمنة تتيح للأطفال التعبير عن أنفسهم دون خوف من اللوم أو العيب، بحيث يتمكنون من الحصول على الدعم والمساعدة إذا لزم الأمر.
5. الأطفال الذين يعانون من التحرش الجنسي غالباً ما يظهرون علامات واضحة من الأذى الجسدي
ينتشر اعتقاد خاطئ بين الكثير من الناس أن الأطفال الذين يتعرضون للتحرش الجنسي يظهرون علامات واضحة من الأذى الجسدي، مثل الكدمات أو الجروح. لكن في الواقع، غالباً ما لا تظهر على الأطفال المعتدى عليهم أي علامات جسدية ظاهرة. في بعض الأحيان، قد يمر الأطفال بتجربة التحرش الجنسي دون أن يكون هناك أي ضرر جسدي ملحوظ.
يجب أن يكون التركيز أكبر على الأعراض النفسية والسلوكية التي قد تظهر على الطفل، مثل الانسحاب الاجتماعي، أو التغيرات في السلوك أو الأداء الدراسي، أو التوتر والقلق غير المبرر. وعليه، فإنه يجب على الآباء والمربين أن يكونوا على دراية بتلك الأعراض النفسية والسلوكية، لأنها غالباً ما تكون المؤشرات الرئيسية على وقوع التحرش.
6. التحرش الجنسي هو فقط عند الأطفال الأكبر سناً
أحد المفاهيم المغلوطة هو أن الأطفال الأصغر سناً لا يمكن أن يكونوا ضحايا للتحرش الجنسي. في الحقيقة، يمكن أن يكون الأطفال الرضع أو الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة عرضة للتحرش الجنسي، حتى وإن كانوا غير قادرين على التحدث أو إدراك ما يحدث لهم. بشكل عام، كلما كان الطفل أصغر سناً، كانت القدرة على التعرف على الاعتداء أصعب، سواء من قبل الطفل أو من قبل الوالدين أو المحيطين.
الاعتداء الجنسي على الأطفال لا يعتمد على عمر الطفل، بل يمكن أن يحدث في أي مرحلة من مراحل النمو. لذا من الضروري أن يتم تأهيل الأطفال منذ سن مبكرة للتمييز بين السلوكيات المقبولة وغير المقبولة، وكذلك تعزيز وعي الآباء والمربين في كيفية حماية الأطفال في جميع المراحل العمرية.
الخاتمة
إن التصدي للتحرش الجنسي يتطلب توعية شاملة وفهمًا عميقًا للحقائق حول هذه القضية. المفاهيم الخاطئة التي تحيط بالتحرش الجنسي تؤدي إلى التأخر في اكتشاف هذه الجرائم أو التقليل من خطرها. لذلك، من الضروري تعزيز التعليم والتوعية لدى الأطفال، وتوفير بيئة آمنة، وجعل الآباء والمربين على دراية بالأعراض غير الواضحة التي قد تشير إلى وقوع التحرش. معرفة الحقائق حول هذا الموضوع يساعد في حماية الأطفال من هذا الخطر الكبير، مما يساهم في الحفاظ على صحتهم النفسية والجسدية، وبناء مجتمع أكثر أمانًا للأجيال القادمة.
