حكم وعبر إسلامية
يعد الإسلام دينًا شاملاً يحتوي على كل ما يحتاجه المسلم في حياته اليومية، من عبادات وأخلاق وسلوكيات. وتعد الحكم والعبر الإسلامية جزءاً أساسياً من هذا الدين، إذ تقدم للمسلم إشارات هامة تدعمه في مواجهة التحديات، وتوجهه في اتخاذ القرارات، وتحفزه على التمسك بالقيم السامية. تعتمد هذه الحكم والعبر على تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهي تشكل مرجعية للمسلمين في جميع جوانب حياتهم.
1. حكمة التوكل على الله
من أسمى العبر الإسلامية التي تعلمناها من تعاليم الدين الحنيف هي التوكل على الله سبحانه وتعالى في جميع أمورنا. يقول الله تعالى في كتابه العزيز: “وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا” (الطلاق: 2). هذه الآية تبرز أهمية الاعتماد على الله في كل ما نقوم به، مع الأخذ بالأسباب. التوكل ليس يعني الإهمال في العمل أو تجاهل السعي، بل هو إيمان بأن الله هو المسبب لكل الأمور، وأنه من بيده مقاليد كل شيء. إن التوكل على الله يعطينا الثقة في أن كل ما يحدث في حياتنا هو بقضاء الله وقدره، وأن الخير سيأتي في النهاية، سواء كان في الدنيا أو الآخرة.
2. حكمة الصبر على البلاء
من العبر التي نجدها في القرآن الكريم والسنة النبوية هو الصبر على البلاء والشدائد. يعلمنا الإسلام أن الصبر هو مفتاح الفرج، وأن الله سبحانه وتعالى لا يبتلي عباده إلا ليطهرهم أو ليعطيهم أجرًا عظيمًا في الدنيا والآخرة. يقول الله تعالى في سورة البقرة: “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ” (البقرة: 155). إن الصبر هو السبيل الذي يساعد المسلم على التحمل في الأوقات الصعبة، ويمنحه القوة لمواجهة التحديات بإيمان ورجاء في الله. كما أن الصبر يزيد من ثقة المؤمن في الله ويدفعه للسعي وراء الخير والنجاح رغم المصاعب.
3. حكمة الإحسان في التعامل مع الناس
من أروع العبر الإسلامية التي توجهنا في التعامل مع الآخرين هي الإحسان إليهم. فإن الإسلام يركز بشكل كبير على التعامل الحسن مع الآخرين، سواء كانوا أقارب أو أصدقاء أو حتى غرباء. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ” (النحل: 90). إن الإحسان في الإسلام يعني تقديم الخير للآخرين دون انتظار مقابل، كما يعكس قيمة كبيرة من التسامح والرحمة. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: “من لا يُحسن إلى الناس، لا يُحسن إلى نفسه.”
الإحسان يتجلى في عدة صور، منها: إكرام الضيف، ومساعدة المحتاجين، والابتسامة في وجه الآخرين، واحترام حقوق الآخرين. عندما يتبع المسلم هذه العبرة ويحرص على الإحسان في تعامله مع الآخرين، فإنه يساهم في بناء مجتمع إسلامي قوي ومترابط يسوده الحب والتفاهم.
4. حكمة التواضع وترك الكبر
التواضع هو من أسمى الأخلاق التي يجب أن يتحلى بها المسلم. يعلمنا الإسلام أن التفاخر والتكبر ليسا من صفات المؤمنين، بل يجب أن يتصف المسلم بالتواضع والاعتراف بفضل الله على كل شيء. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا” (الفرقان: 63). هذه الآية تشير إلى أن المؤمن الحقيقي هو من يتحلى بالتواضع في جميع أموره، ويعترف بحدود قدرته في هذه الحياة.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من تواضع لله رفعه.” التواضع لا يعني التنازل عن الحقوق أو الانصياع للأذى، بل هو الإقرار بأن الكمال لله وحده، وأن الإنسان مهما بلغ من مكانة أو علم، فهو بحاجة إلى الله، ولا ينبغي له أن يرفع نفسه على الآخرين.
5. حكمة العدل والمساواة
يعد العدل من المبادئ الأساسية في الإسلام، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالعدل في جميع تعاملاتنا. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: “إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى” (النحل: 90). العدل في الإسلام يتجاوز مفاهيم الحقوق الفردية ليشمل العلاقات الاجتماعية، الاقتصادية، والسياسية.
يحث الإسلام على أن يكون الإنسان عادلًا مع نفسه ومع الآخرين، سواء في القضاء بين الناس أو في التعاملات اليومية. إن العدالة تساهم في تحقيق التوازن الاجتماعي، وتقضي على الظلم والمفاضلة بين الناس، مما يساعد على بناء مجتمع متماسك ومتعاون.
6. حكمة الابتعاد عن الغرور
الغرور من أخطر الأمراض القلبية التي يمكن أن تصيب الإنسان، وهو عكس التواضع تمامًا. يعلمنا الإسلام أن الغرور لا يفيد صاحبه، بل قد يؤدي إلى هلاكه. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: “وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ” (لقمان: 18).
الغرور يؤدي إلى تنمية شعور بالكبر والتفاخر، مما يعكر العلاقات الإنسانية ويسبب النزاعات والعداوات. الإسلام يعزز من تواضع النفس ويرشدنا إلى أن كل شيء من عند الله، وأن الإنسان لا يستطيع أن يكون فخورًا بما حققه إلا إذا كان ذلك بتوفيق الله ورعايته.
7. حكمة التفاؤل والأمل في رحمة الله
إن التفاؤل والأمل في الله من أهم العبر التي يجب أن يتحلى بها المسلم في حياته اليومية. الإسلام يربي المؤمن على النظر إلى المستقبل بتفاؤل، مهما كانت الظروف. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: “فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا” (الشرح: 6). هذه الآية تدل على أن الله ييسر الأمور بعد الشدائد، وأن كل أزمة تحمل في طياتها أملًا وفرجًا قريبًا.
التفاؤل يفتح الأبواب المغلقة ويساهم في تعزيز الروح المعنوية للمؤمن، ويجعله قادرًا على التغلب على الصعوبات بابتسامة وقلب مؤمن. إذا عمل المسلم بما جاء في القرآن الكريم واتبعه في حياته، فإنه سيحظى بحياة مليئة بالسلام الداخلي، والراحة النفسية، والنجاح.
8. حكمة الحفاظ على الصلاة
الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وتعتبر من أهم العبادات التي تقرب المسلم إلى ربه وتمنحه القوة لمواجهة تحديات الحياة. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: “وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي” (طه: 14). الصلاة هي تواصل مباشر بين العبد وربه، ولا بد من أن يؤديها المسلم بخشوع وإخلاص.
من خلال الصلاة، يتعلم المسلم الصبر والانضباط، ويظل دائمًا متذكرًا لله في جميع الأوقات. إن الصلاة ليست مجرد أداء بدني، بل هي حالة من التأمل والتركيز الروحي، تنقي قلب المؤمن وتجعله في حالة من السكينة والهدوء.
9. حكمة الأمانة والصدق
الأمانة والصدق هما من أهم القيم التي يجب أن يتحلى بها المسلم في جميع تعاملاته. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: “إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا” (النساء: 58). من خلال الأمانة، يتعلم المسلم أن يحترم حقوق الآخرين ويؤدي الأمانات التي اؤتمن عليها.
كما أن الصدق يعد من أبرز القيم التي يجب على المسلم التحلي بها في كلامه وفعله. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة.” الصدق يبني الثقة بين الناس، ويساهم في بناء علاقات متينة وقوية، مما يعزز من روح التعاون والتضامن في المجتمع.
الختام
تستند الحكم والعبر الإسلامية على مبادئ عظيمة تسهم في إحداث تغي
