5 طرق تساعد المدير على إتقان مهارة الإنصات
الإنصات هو أحد الأسس الرئيسية لبناء علاقات فعالة داخل بيئة العمل، ويمثل أداة قوية لتحسين التواصل بين المديرين والموظفين. على الرغم من أن العديد من المديرين يعتقدون أنهم قادرون على الاستماع للآخرين، إلا أن القدرة على الإنصات بشكل حقيقي ومتعمق تتطلب مهارات محددة وأسلوب عمل مدروس. يعد الانصات النشط جزءاً لا يتجزأ من القيادة الجيدة، حيث يساهم في تعزيز فهم الموظفين لاحتياجاتهم ومشاكلهم، ويعزز الثقة والتعاون بين جميع أعضاء الفريق.
تعتبر مهارة الإنصات من المهارات القيادية التي تفرق بين المدير المتميز والمدير العادي. فبدلاً من مجرد سماع الكلمات، يتطلب الأمر من المدير أن يركز انتباهه على ما يقوله الموظف، ويحلل محتوى حديثه بشكل شامل، ويقدم ردودًا تبني جسرًا من الفهم والتفاهم. في هذا المقال، سوف نتناول خمس طرق رئيسية تساعد المدير على إتقان مهارة الإنصات، مما يساهم في تحسين بيئة العمل وتطوير العلاقة بين الإدارة والموظفين.
1. الإنصات الفعّال: التركيز على ما يقوله الموظف وليس على ما سيرد عليه المدير
العديد من المديرين قد يكون لديهم دافع قوي للرد على ما يسمعونه أو تقديم حلول فورية أثناء محادثة مع موظفيهم. ولكن لتحقيق الإنصات الفعّال، يجب على المدير أن يضع ردوده جانبًا أثناء الاستماع إلى الموظف والتركيز بشكل كامل على ما يقوله هذا الأخير. يتطلب ذلك وضع حاجز من الانتظار والهدوء الداخلي، بحيث يمكن للمدير أن يستمع بالكامل دون التسرع في إبداء الرأي أو تقديم الحلول.
يؤدي هذا النوع من الإنصات إلى فهم أعمق لمشاكل الموظفين واحتياجاتهم، مما يعزز الثقة والاحترام المتبادل بين المدير وموظفيه. عندما يشعر الموظف أن مديره يستمع إليه بصدق واهتمام، فإنه يصبح أكثر استعدادًا للإفصاح عن أفكاره ومشاعره بشكل كامل.
2. التفاعل الإيجابي: التأكيد على فهم الرسالة من خلال الأسئلة والتعليقات
بعد الاستماع إلى الموظف، ينبغي على المدير أن يظهر اهتمامه الفعلي من خلال طرح أسئلة توضح التفاصيل وتأكد من صحة فهمه. هذه الأسئلة يجب أن تكون مفتوحة، مما يسمح للموظف بتوسيع نطاق الحوار. على سبيل المثال، يمكن للمدير أن يسأل: “هل يمكنك توضيح ما تعنيه بشكل أكبر؟” أو “كيف أثر ذلك على عملك؟”
كذلك، يمكن للمدير استخدام تعليقات إيجابية تشير إلى فهمه لوجهة نظر الموظف مثل: “أعتقد أنك تشير إلى أن هناك مشكلة في التنسيق بين الأقسام. هل هذا ما تعنيه؟”. هذه الردود والتفاعلات تساعد في التأكد من أن النقاش يسير في الاتجاه الصحيح وأن المدير يفهم تمامًا ما يقوله الموظف.
3. الحفاظ على لغة الجسد المناسبة: إظهار الاهتمام من خلال الإشارات غير اللفظية
الإنصات ليس فقط عن الكلمات التي تقال، بل عن الإشارات غير اللفظية التي يرسلها الشخص أثناء الحوار. المدير الذي يريد إتقان مهارة الإنصات يجب أن يولي اهتمامًا خاصًا للغة جسده. يجب على المدير أن يظهر اهتمامه من خلال التوجيه البصري (النظر إلى الشخص المتحدث) والموافقة الجسدية (مثل الإيماء بالرأس) والتقليل من تشتيت الانتباه (مثل تجنب التحديق في الهاتف أو الكمبيوتر).
كما يجب على المدير الحفاظ على وضعية جسم مفتوحة تعكس الاستماع الجيد، مثل الجلوس في وضع مستقيم وإعطاء مساحة جسدية للموظف للتعبير عن نفسه بحرية. هذه الإشارات غير اللفظية تعزز الفهم المتبادل وتشير إلى احترام المدير لآراء الموظف.
4. إزالة التشتت: خلق بيئة استماع خالية من الإلهاءات
إحدى أكبر التحديات التي يواجهها المديرون عند محاولة الاستماع بشكل فعال هي التشتتات المستمرة في بيئة العمل. التداخل مع المكالمات الهاتفية، الاجتماعات المتعددة، والإشعارات الإلكترونية قد تجعل من الصعب على المدير أن يكون حاضراً بشكل كامل في محادثة مع موظفيه. لهذا السبب، يجب أن يسعى المدير إلى خلق بيئة استماع خالية من هذه الإلهاءات.
على سبيل المثال، يمكن للمدير أن يخصص وقتًا معينًا للحديث مع الموظف بعيدًا عن الضوضاء أو المشتتات. قد يتطلب الأمر إغلاق جهاز الكمبيوتر أو وضع الهاتف على الوضع الصامت لضمان الانتباه الكامل للمحادثة. إزالة هذه العوامل المشتتة يمكن أن تساعد في تحسين جودة الحوار، مما يجعل الموظف يشعر بأنه محل اهتمام واحترام.
5. الإنصات للمشاعر: فهم دوافع الموظف وراء الكلمات
الإنصات الجيد لا يتوقف عند مجرد الاستماع للكلمات التي يتم نطقها، بل يشمل أيضًا الانتباه للمشاعر والدوافع التي تقف وراء تلك الكلمات. فالكلمات قد تكون محملة بالعواطف مثل الغضب، الإحباط، أو الحماس، وعلى المدير أن يكون قادرًا على تفسير تلك المشاعر وفهم كيفية تأثيرها على الوضع.
يمكن للمدير أن يسأل نفسه، “لماذا يتحدث الموظف بهذه الطريقة؟” أو “ما هي المشاعر التي يحاول التعبير عنها من خلال هذه الكلمات؟”. هذه الأسئلة الداخلية تساعد المدير على أن يكون أكثر تفهمًا لمواقف الموظفين، وبالتالي يمكنه تقديم دعم أفضل. على سبيل المثال، إذا كان الموظف يعبر عن الإحباط بسبب تحميله الكثير من المهام في وقت قصير، فإن المدير يجب أن يعترف بذلك ويظهر تعاطفه.
في الختام
إتقان مهارة الإنصات ليس أمرًا سهلًا، لكنه أمر حاسم في تعزيز علاقات قوية بين المدير وفريقه. يجب على المدير أن يدرك أن الإنصات لا يتوقف عند مجرد سماع الكلمات، بل يتطلب استثمارًا حقيقيًا في الانتباه للفروق الدقيقة في اللغة الجسدية والمشاعر. من خلال تعلم هذه الأساليب المتقدمة للإنصات، يمكن للمدير تحسين مستوى التواصل داخل الفريق، وبناء بيئة عمل أكثر تعاونًا وتفاهمًا.
