5 تصرّفات خاطئة تقوم بها مسؤولة عن إصابتك بالاكتئاب
الاكتئاب هو أحد أكثر الأمراض النفسية شيوعًا في العالم، وهو يؤثر على الملايين من الأشخاص في مختلف الأعمار والخلفيات. في كثير من الأحيان، قد لا تكون الأسباب المسببة لهذا الاضطراب واضحة تمامًا، إذ تتداخل العوامل النفسية والبيئية والاجتماعية والوراثية. إلا أن التصرفات اليومية التي قد تبدو غير مؤذية أو عادية قد تلعب دورًا كبيرًا في دفع الفرد إلى معاناة الاكتئاب أو تفاقم أعراضه.
بعض الأشخاص قد يكونون غير مدركين للطريقة التي يتعاملون بها مع أنفسهم أو مع محيطهم، ما يزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب. في هذا المقال، سنتناول خمسة تصرفات خاطئة قد تكون مسؤولة عن دفع الشخص نحو هذا الاضطراب النفسي الخطير، وكيف يمكن تجنبها لتحقيق حياة نفسية صحية.
1. الانغماس في الأفكار السلبية والمستمرة
يعد الانغماس في الأفكار السلبية أو ما يُعرف بـ “التفكير المفرط” أحد أكبر العوامل التي تؤدي إلى الاكتئاب. عندما يعيد الشخص التفكير بشكل مستمر في مشاعر القلق أو الفشل أو الخوف، فإنه يعزز هذه المشاعر السلبية داخل نفسه. هذا النمط من التفكير يمكن أن يكون مرهقًا عقليًا، ويؤدي إلى الشعور بالعجز واليأس، مما يساهم في تدهور الحالة النفسية.
كيف يمكن تجنب ذلك؟
من الضروري تعلم كيفية السيطرة على الأفكار السلبية. يمكن ذلك عبر ممارسات مثل التأمل، والتمارين التنفسية، والتدريب على التفكير الإيجابي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن الاستعانة بتقنيات مثل العلاج المعرفي السلوكي التي تساعد على تغيير الأنماط الفكرية السلبية.
2. التجاهل المستمر للحاجات العاطفية
إن تجاهل أو قمع الاحتياجات العاطفية أمر شائع في الحياة اليومية، خاصة في بيئات العمل أو الأسرة التي تتطلب الانضباط أو الكفاءة. قد يحاول الشخص إخفاء مشاعره الحقيقية خوفًا من أن يظهر بمظهر ضعيف أو غير كفء. هذا التجاهل المستمر للمشاعر يمكن أن يؤدي إلى تراكم الضغوط الداخلية التي تؤثر على الصحة النفسية بشكل سلبي.
كيف يمكن تجنب ذلك؟
من المهم إعطاء الأولوية لاحتياجاتك العاطفية مثل الحب، الاهتمام، والقبول. يجب أن تكون هناك مساحات آمنة للتعبير عن المشاعر بحرية، سواء مع الأصدقاء، العائلة، أو حتى عبر التحدث إلى معالج نفسي مختص. عندما يتم التعرف على المشاعر بدلاً من قمعها، يمكن معالجتها بطرق أكثر صحية.
3. إهمال الذات والتضحية المستمرة من أجل الآخرين
في كثير من الأحيان، يضع الأفراد احتياجات الآخرين فوق احتياجاتهم الشخصية، سواء كان ذلك في العمل أو في العلاقات الشخصية. هذه التضحية المستمرة قد تؤدي إلى الاستنزاف النفسي والجسدي، مما يخلق شعورًا بالاستياء أو العجز. بمرور الوقت، قد يؤدي هذا النوع من السلوك إلى تراكم الضغوط، مما يسهم في ظهور الاكتئاب.
كيف يمكن تجنب ذلك؟
من الضروري أن يجد الشخص توازنًا بين العطاء والاهتمام بالذات. قد يكون من المفيد تخصيص وقت لأنفسنا لممارسة الأنشطة التي تمنحنا السعادة والراحة النفسية. يتطلب الأمر أيضًا وضع حدود صحية، بحيث لا يتم استنزاف الشخص عاطفيًا أو جسديًا. “لا” يجب أن تكون كلمة قابلة للاستخدام دون شعور بالذنب.
4. التوقعات غير الواقعية تجاه الذات والآخرين
إحدى التصرفات التي تؤدي إلى الاكتئاب هي تحديد معايير غير قابلة للتحقيق سواء بالنسبة للنفس أو للآخرين. عندما يضع الشخص توقعات عالية جدًا يصعب تحقيقها، فإنه يعرض نفسه للإحباط المستمر، مما يؤثر على الصحة النفسية. هذه التوقعات قد تتعلق بالنجاح المهني، العلاقات الشخصية، أو المظهر الجسدي.
كيف يمكن تجنب ذلك؟
من الضروري وضع أهداف واقعية ومتوازنة، والإيمان بأن التقدم لا يأتي في شكل خطي دائمًا. يجب أن يكون الشخص على وعي بأن الأخطاء والفشل جزء طبيعي من الحياة، وليست دليلاً على فشله الشخصي. يمكن أن يكون تقبل الذات وتقدير الإنجازات الصغيرة بداية لتغيير هذا النمط من التفكير.
5. الانعزال الاجتماعي
يُعتبر العزلة الاجتماعية أحد العوامل التي تسهم بشكل كبير في تطور الاكتئاب. عندما يبتعد الفرد عن المحيط الاجتماعي ويعزل نفسه عن الأصدقاء والعائلة، فإنه يفقد الدعم العاطفي الذي يحتاجه. العزلة لا تعني فقط قلة التفاعل مع الآخرين، بل يمكن أن تؤدي إلى شعور متزايد بالوحدة والعزلة، مما يفاقم المشاعر السلبية.
كيف يمكن تجنب ذلك؟
إن التفاعل الاجتماعي جزء مهم من الصحة النفسية، ومن الضروري الحفاظ على علاقات داعمة مع الأصدقاء والعائلة. حتى في الأوقات الصعبة، يجب محاولة التواصل مع الآخرين، حتى لو كان ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو المكالمات الهاتفية. قد يكون الحصول على دعم عاطفي من الأصدقاء أو المحترفين خطوة مهمة للخروج من دوامة الاكتئاب.
الخاتمة
الاكتئاب ليس مجرد شعور باليأس أو الحزن العابر؛ بل هو حالة نفسية معقدة تتطلب فهماً عميقاً للسلوكيات والتصرفات التي قد تؤدي إلى تفاقمها. من خلال التعرّف على التصرفات الخاطئة التي قد تؤدي إلى الاكتئاب، يمكن للأفراد اتخاذ خطوات لتجنب هذه الأنماط والعمل على بناء حياة نفسية صحية. الحفاظ على التوازن النفسي، تعلم الاعتناء بالذات، والابتعاد عن التفكير السلبي يمكن أن يكون البداية نحو حياة أكثر توازنًا وسعادة.
إذا كنت تشعر أن الاكتئاب بدأ يؤثر على حياتك اليومية، فلا تتردد في طلب المساعدة من مختصين في الصحة النفسية.