4 أشياء يجب وضعها في الحسبان عند التحدث مع طفلك
إن التواصل الفعّال مع الأطفال هو حجر الزاوية في بناء علاقة قوية ومستدامة معهم. هذا النوع من التواصل ليس فقط عن التحدث، بل يتطلب مراعاة عدة جوانب تساهم في تعزيز الفهم والتعاون بينك وبين طفلك. عندما يتعلق الأمر بالحديث مع الطفل، من المهم أن تكون هناك عدة عناصر أساسية يجب أخذها في الحسبان لضمان أن يكون الحوار مثمرًا وناجحًا. في هذا المقال، سوف نتناول أربعة أمور أساسية يجب أن تضعها في اعتبارك عند التحدث مع طفلك، لكي تستطيع تحقيق أقصى استفادة من هذه اللحظات المهمة التي قد تحدد سلوك الطفل وتطوره على المدى الطويل.
1. الاستماع بعناية
الاستماع الفعّال هو أحد العوامل الرئيسية التي تجعل التفاعل مع الطفل ناجحًا. الأطفال غالبًا ما يكون لديهم الكثير ليقولوه، لكنهم قد يواجهون صعوبة في التعبير عن أفكارهم أو مشاعرهم بشكل واضح. لذلك، من الضروري أن تعطيهم كامل اهتمامك أثناء الحديث، وأن تُظهر لهم أنك تستمع إليهم بكل انتباه.
في كثير من الأحيان، يعتقد الآباء أن استماعهم لأطفالهم يعني مجرد التواجد معهم في نفس المكان أثناء الحديث، لكن الاستماع الفعلي يتطلب أن تكون حاضرًا عقليًا وعاطفيًا. عليك أن تُظهر لطفلك أنك تتفهم ما يشعر به وأنك تحترم أفكاره ومشاعره. هذا يمكن أن يكون عبر تعبيرات وجهك أو من خلال التواصل البصري أو حتى من خلال أسئلة تُظهر اهتمامك بما يقوله.
على سبيل المثال، إذا كان طفلك يعبر عن انزعاجه من موقف حدث في المدرسة، لا تقتصر على قول “أنت قوي وسوف تتجاوز هذا”، بل استمع جيدًا له، واسأله عن التفاصيل، وعبّر له عن تفهمك لمشاعره. هذا سيساعد الطفل على الشعور بالقيمة والتقدير، كما يعزز ثقته بنفسه.
2. استخدام لغة مناسبة لعمر الطفل
عند التحدث مع طفلك، من المهم استخدام لغة تتناسب مع عمره وفهمه. الأطفال في مراحل عمرية مختلفة يمتلكون قدرات مختلفة على الفهم والتفاعل مع المعلومات. بينما قد يكون من المناسب شرح الأمور بشكل معقد مع طفل في سن المراهقة، يجب أن تُبسط مفاهيمك بشكل يتناسب مع سن الطفل الأصغر.
عند التحدث مع الأطفال الصغار، حاول أن تكون كلماتك قصيرة وواضحة. استخدم الجمل البسيطة والتعبيرات التي يتعرفون عليها بسهولة. على سبيل المثال، عندما تشرح لطفلك الصغير لماذا يجب عليه غسل يديه، لا تستخدم مصطلحات معقدة مثل “الجراثيم” أو “البكتيريا”. بل يمكنك القول ببساطة “اليدين قد تكون متسخة وتحتاج إلى تنظيفها قبل أن تأكل”.
أما بالنسبة للأطفال الأكبر سنًا، يمكنك شرح الأمور بمزيد من التفصيل، مع تزويدهم بالمعلومات التي تساعدهم على الفهم والاختيار بشكل أفضل. في هذه المرحلة، يمكنك توسيع القضايا وتوضيحها باستخدام أمثلة من الحياة اليومية التي يمكنهم الارتباط بها.
من خلال مراعاة الفروق العمرية واستخدام لغة تتناسب مع هذه الفروق، فإنك تسهل على طفلك استيعاب الرسائل التي تحاول إيصالها. هذا لا يساهم فقط في تحسين الفهم، بل يساعد أيضًا في بناء الثقة بينكما.
3. التأكد من أن رسالتك واضحة وغير متناقضة
عندما تتحدث مع طفلك، يجب أن تكون رسالتك واضحة وغير متناقضة. في بعض الأحيان، قد يكون الوالدين غير مدركين للرسائل غير اللفظية التي يرسلونها إلى أطفالهم. الأطفال ذوي الحساسية العالية لبيئتهم يستطيعون التقاط الإشارات غير اللفظية بسرعة، وقد يؤدي ذلك إلى ارتباكهم في حالة وجود تباين بين ما يقال وما يُعبّر عنه من خلال الإيماءات أو النبرة.
على سبيل المثال، إذا كنت تطلب من طفلك أن يكون هادئًا أو لا يرفع صوته، ولكنك تُظهر التوتر أو الغضب أو ترفع من نبرة صوتك، فإن رسالتك ستكون متناقضة. بدلاً من أن تتعلم أن يكون هادئًا، قد يشعر الطفل بالارتباك أو القلق بشأن ما يحدث.
لذا، يجب عليك التأكد من أن نبرة صوتك، وتعبيرات وجهك، وجميع الإشارات الجسدية التي تقدمها تتماشى مع ما تقوله. إذا كنت تريد أن يتصرف الطفل بطريقة معينة، يجب أن تكون متسقًا في رسالتك. عندما تكون رسالتك متسقة، يسهل على الطفل أن يتعلم السلوكيات المتوقعة ويشعر بالأمان.
4. تشجيع الحوار المفتوح والصريح
الحديث مع الطفل يجب أن يكون بمثابة دعوة للحوار المفتوح، وليس مجرد إلقاء الأوامر أو التوجيهات. الأطفال بحاجة إلى أن يشعروا أنهم يستطيعون التحدث بحرية معك حول أي موضوع دون خوف من الانتقاد أو العقاب. هذا النوع من البيئة يحفزهم على التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بحرية، ويشجعهم على أن يكونوا صريحين.
تشجيع الحوار المفتوح يعني أنك يجب أن تكون متاحًا في الأوقات التي يحتاج فيها طفلك إلى التحدث. عليك أن تبدي اهتمامًا حقيقيًا بكل ما يشاركه معك، حتى وإن بدا الموضوع بسيطًا أو غير ذي أهمية. من خلال إعطاء طفلك الفرصة للتعبير عن نفسه بحرية، فإنك تبني علاقة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل.
من الجيد أيضًا أن تكون مرنًا في الاستماع إلى جميع المواضيع التي يتطرق إليها الطفل، سواء كانت إيجابية أو سلبية. إذا كان الطفل يواجه مشكلة ما، تجنب الاستجابة بردود فعل سريعة أو لومه. بدلاً من ذلك، اعطه الوقت والمساحة للتعبير عن نفسه بالكامل. ذلك يمكن أن يشجعه على مناقشة قضايا أخرى في المستقبل بشجاعة أكبر.
الخاتمة
في النهاية، عندما تتحدث مع طفلك، يجب أن تكون على وعي تام بكيفية تفاعلك معه. من خلال الاستماع بعناية، واستخدام لغة ملائمة لسن الطفل، وضمان وضوح رسالتك، وتشجيع الحوار المفتوح، يمكن أن تبني علاقة صحية ومستدامة مع طفلك. هذه الأمور ليست مجرد نصائح للتواصل الجيد، بل هي عناصر أساسية في تربية الطفل وتوجيهه نحو النمو العاطفي والاجتماعي السليم.
