4 أمراض سرطانيّة يصعب اكتشافها في مراحلها الأولى
يعد السرطان من أبرز الأمراض التي تثير القلق في مختلف أنحاء العالم، حيث يتم تشخيصه سنويًا لدى ملايين الأشخاص. رغم التطور الكبير في تقنيات التشخيص والعلاج، إلا أن العديد من أنواع السرطان لا تظهر أعراضًا واضحة في مراحله المبكرة، مما يجعل من الصعب اكتشافها قبل أن تصل إلى مراحل متقدمة. يعتبر الكشف المبكر عاملًا أساسيًا في تحسين فرص العلاج والشفاء، ومع ذلك، فإن بعض الأمراض السرطانية تظل مخفية حتى في مراحلها الأولى، مما يعقد عملية التشخيص.
سوف نتناول في هذا المقال أربعة أنواع من السرطان التي يصعب اكتشافها في مراحلها الأولى، موضحين الأسباب وراء ذلك، وكيفية تفادي تأخر التشخيص.
1. سرطان البنكرياس
يعد سرطان البنكرياس من أكثر أنواع السرطان خفاءً وأسرعها انتشارًا في الجسم. البنكرياس هو عضو يقع خلف المعدة ويعد أحد الأعضاء الرئيسية في الجهاز الهضمي، حيث يفرز إنزيمات تساعد على هضم الطعام وهرمونات مثل الإنسولين. لسوء الحظ، يعد سرطان البنكرياس غالبًا غير مرئي في المراحل المبكرة لأنه لا يسبب أعراضًا واضحة إلا في مراحل متقدمة.
تظهر بعض الأعراض في مراحل متأخرة من المرض، مثل فقدان الوزن غير المبرر، وآلام في البطن أو الظهر، واليرقان (اصفرار الجلد والعينين)، ولكن هذه الأعراض قد تكون غير محددة وتُشخص خطأ على أنها ناتجة عن مشاكل صحية أخرى. يعود سبب صعوبة اكتشاف السرطان في مراحله المبكرة إلى عمق مكان البنكرياس داخل الجسم، مما يحد من قدرة الفحوصات مثل الأشعة السينية والموجات فوق الصوتية على كشف الأورام الصغيرة.
تشمل العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان البنكرياس التدخين، والتاريخ العائلي، والتقدم في السن، والسكري المزمن. تعتمد العلاجات المتاحة لعلاج سرطان البنكرياس في الغالب على الجراحة، والعلاج الكيميائي، والعلاج الإشعاعي، ولكن مع الأسف، يكون تشخيصه في مراحل متأخرة له تأثير كبير على فرص الشفاء.
2. سرطان المبيض
سرطان المبيض هو أحد أنواع السرطان التي تؤثر على الأنسجة المكونة للمبايض، وهي الأعضاء التناسلية الأنثوية التي تنتج البويضات. من المعروف أن سرطان المبيض يصعب اكتشافه في مراحله المبكرة، حيث لا يظهر عادةً أي أعراض في المرحلة الأولى من المرض.
عندما تبدأ الأعراض بالظهور، تكون في الغالب غير محددة وتشمل انتفاخ البطن، والإحساس بالشبع بسرعة، وآلام الحوض، ومشاكل في الهضم، وهي أعراض قد تكون مشابهة للكثير من الحالات الأخرى مثل متلازمة القولون العصبي. وبالتالي، قد يُخطئ الأطباء في تشخيصه في البداية. في المراحل المتقدمة من السرطان، تصبح الأعراض أكثر وضوحًا، مثل الألم المستمر، وفقدان الوزن غير المبرر، والتعب المفرط، والتورم في البطن.
واحدة من الأسباب التي تجعل سرطان المبيض يصعب اكتشافه هي أنه غالبًا ما ينشأ في الأعماق ولا يسبب أي أعراض واضحة في مراحله الأولى. علاوة على ذلك، فإن الفحص الدوري مثل اختبار المستضد السرطاني 125 (CA-125) يعتبر أقل دقة في الكشف عن السرطان في مراحله المبكرة، ويحتاج إلى تقييم دقيق من قبل الأطباء.
تتضمن العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان المبيض التاريخ العائلي للمرض، والسن المتقدم، والهرمونات المعتمدة على الإستروجين. العلاج يعتمد عادةً على مزيج من الجراحة والعلاج الكيميائي، وفي بعض الحالات، العلاج الإشعاعي.
3. سرطان الكبد
سرطان الكبد هو نوع آخر من السرطان الذي يصعب اكتشافه في مراحله الأولى. الكبد هو العضو المسؤول عن تصفية السموم من الدم، وإنتاج البروتينات المهمة، وتنظيم مستوى السكر في الدم. ورغم دوره الحيوي، فإن سرطان الكبد قد يبدأ في النمو دون أن يسبب أعراضًا ظاهرة.
غالبًا ما يُكتشف سرطان الكبد في مرحلة متقدمة، عندما يبدأ المريض في الشعور بأعراض مثل اليرقان، وآلام في البطن، وفقدان الوزن، واعتلال الصحة العام. يمكن أن تؤدي الأمراض المزمنة مثل التهاب الكبد الفيروسي، وتليف الكبد، وتعاطي الكحول المزمن إلى زيادة احتمالية الإصابة بسرطان الكبد. لكن في المراحل المبكرة من المرض، قد لا يكون هناك أي إشارات ملحوظة على وجود مشكلة.
التشخيص المبكر لهذا النوع من السرطان يعد أمرًا صعبًا لأن الأعراض الأولية قد تكون خفيفة أو غير ملاحظة، كما أن الفحوصات مثل الموجات فوق الصوتية والتصوير المقطعي (CT) لا تكون دائمًا قادرة على اكتشاف الأورام الصغيرة التي تبدأ في الكبد.
4. سرطان المريء
سرطان المريء هو نوع آخر من السرطان الذي يصعب اكتشافه في مراحله المبكرة. المريء هو الأنبوب الذي ينقل الطعام من الفم إلى المعدة. يصعب اكتشاف سرطان المريء في مراحله المبكرة لأن الأعراض لا تكون واضحة في البداية.
أعراض سرطان المريء تتطور ببطء وتصبح ملحوظة في مرحلة متأخرة من المرض، وتشمل صعوبة في البلع، والشعور بالاحتقان في الحلق أو الصدر، وفقدان الوزن غير المبرر. هذه الأعراض يمكن أن تكون مشابهة لعدة حالات صحية أخرى مثل التهابات الحلق أو مشاكل في الجهاز الهضمي.
تشمل عوامل الخطر للإصابة بسرطان المريء التدخين، وتعاطي الكحول، ووجود مرض الجزر المعدي المريئي (GERD)، والذي قد يؤدي إلى تطور التغيرات الخلوية في المريء. كما يمكن أن تكون الإصابة بسرطان المريء مرتبطة ببعض العوامل الجينية.
كيفية تحسين الكشف المبكر
على الرغم من أن هذه الأنواع من السرطان قد تكون صعبة الاكتشاف في مراحلها المبكرة، إلا أن هناك بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها لتحسين فرص الكشف المبكر. أولاً، من المهم أن يخضع الأشخاص الذين لديهم عوامل خطر، مثل التاريخ العائلي أو التسمم البيئي أو الأمراض المزمنة، لفحوصات منتظمة. تتضمن بعض الفحوصات الشائعة التي يمكن أن تساعد في الكشف المبكر:
-
الفحص الدوري باستخدام التصوير بالأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية لبعض الأورام التي تكون عميقة داخل الجسم.
-
الاختبارات البيولوجية مثل اختبار المستضد السرطاني الذي قد يشير إلى وجود سرطان المبيض.
-
التصوير بالرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية يمكن أن تكون مفيدة للكشف عن الأورام الصغيرة التي لا تظهر في الفحوصات التقليدية.
إن الوعي المبكر للأعراض والتحقيقات المتخصصة يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في تشخيص السرطان في مراحله المبكرة، مما يحسن فرص العلاج والشفاء.
لا يزال السرطان يشكل تحديًا في مجال الرعاية الصحية، ولكن من خلال البحث المستمر والتطور في تقنيات التشخيص، يأمل العلماء في تحسين الكشف المبكر للعديد من أنواع السرطان التي تظل غير مرئية حتى مراحل متقدمة.
