النجاح في الطبخ: 4 عادات ضارة وغير صحيّة لطهي الطعام
يُعتبر الطبخ فنًا وعلمًا في آن واحد، إذ يحتاج إلى مهارات فنية ومعرفة علمية بالمواد الغذائية وطريقة تفاعلها مع الحرارة والظروف البيئية المختلفة. ومع تقدم الزمن وتطور أساليب الطهي، يلاحظ العديد من الأشخاص عادات قد تكون غير صحية تؤثر على نوعية الطعام وصحة الجسم. بينما قد تظن الكثير من العادات أنها صحيحة أو عادية في المطبخ، إلا أن بعضها قد يكون ضارًا بالصحة على المدى الطويل. في هذا المقال، سنتناول أربع عادات شائعة في الطهي تعتبر ضارة وغير صحية، ونناقش تأثيراتها على الجسم وكيف يمكن تجنبها.
1. استخدام الزيوت والدهون المشبعة بشكل مفرط
تعد الزيوت والدهون من العناصر الأساسية التي لا غنى عنها في عملية الطهي، فهي توفر النكهة والملمس للطعام. ومع ذلك، يُعتبر الاستخدام المفرط للزيوت خاصةً الدهون المشبعة، مثل الزبدة والسمن الصناعي، من العادات الضارة. هذه الدهون تتسبب في زيادة مستويات الكوليسترول الضار في الدم، مما يعرض الأشخاص لخطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
الزيوت المشبعة تتواجد بكثرة في الأطعمة المقلية والمعالجة، مثل البطاطا المقلية، الدجاج المقلي، والأطعمة الجاهزة، التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض السكري. الدراسات العلمية الحديثة تؤكد أن الإفراط في تناول الدهون المشبعة يؤدي إلى زيادة الوزن، مما يعزز فرص الإصابة بأمراض مزمنة أخرى مثل السكري من النوع الثاني.
من النصائح الصحية لتجنب هذه العادة الضارة هي استبدال الزيوت المشبعة بزيوت غير مشبعة مثل زيت الزيتون وزيت الكانولا، التي تحتوي على الأحماض الدهنية المفيدة التي تساعد في تقليل مستويات الكوليسترول الضار وتعزيز صحة القلب. يمكن أيضًا استخدام تقنيات الطهي الصحية مثل الشوي أو الطهي بالبخار بدلاً من القلي العميق.
2. الطهي بدرجات حرارة عالية لفترات طويلة
من العادات الشائعة في المطبخ هي طهي الطعام على درجات حرارة مرتفعة لفترات طويلة. بينما قد يعتقد البعض أن الطهي على درجة حرارة عالية يحسن من نكهة الطعام أو يسرع العملية، إلا أن هذا قد يكون ضارًا جدًا. عندما يتم طهي الطعام بدرجة حرارة مرتفعة لفترات طويلة، يحدث تحلل لبعض العناصر الغذائية الأساسية مثل الفيتامينات والمعادن. كما أن درجات الحرارة العالية قد تساهم في تكون مركبات ضارة تُعرف بالأمينات غير المتجانسة (Heterocyclic Amines) والمركبات متعدد الحلقات العطرية (Polycyclic Aromatic Hydrocarbons)، وهي مركبات قد تكون مسرطنة.
هذه المركبات تتشكل بشكل خاص عند تحمير اللحوم بشكل مفرط أو عند الطهي على درجات حرارة عالية جدًا مثلما يحدث في الشواء أو القلي العميق. علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي الطهي طويل الأمد بدرجات حرارة مرتفعة إلى فقدان النكهة الأصلية للطعام وتناقص القيمة الغذائية.
لتجنب هذه المخاطر، من الأفضل تحضير الطعام على درجات حرارة منخفضة أو متوسطة، مع استخدام تقنيات الطهي التي تحافظ على العناصر الغذائية مثل البخار أو الطهي في الفرن على حرارة معتدلة. كما يجب تقليل وقت الطهي بشكل عام للحفاظ على الفيتامينات والمعادن في الطعام.
3. إعادة تسخين الطعام عدة مرات
عادة أخرى شائعة لكنها ضارة للصحة هي إعادة تسخين الطعام عدة مرات. في حين أن إعادة تسخين بقايا الطعام قد تكون عملية مريحة، فإنها قد تؤدي إلى تدهور قيمتها الغذائية وتكاثر البكتيريا الضارة. الطعام الذي يتم تسخينه عدة مرات يفقد محتواه من الفيتامينات، خصوصًا فيتامينات مثل فيتامين C وحمض الفوليك، التي تتأثر بشدة بالحرارة.
علاوة على ذلك، فإن ترك الطعام في درجة حرارة الغرفة لفترات طويلة أو إعادة تسخينه عدة مرات يمكن أن يسهم في نمو البكتيريا، مما يزيد من خطر التسمم الغذائي. على سبيل المثال، الدواجن المطبوخة واللحوم التي تم تسخينها أكثر من مرة تصبح بيئة خصبة للبكتيريا، ما قد يؤدي إلى تلوث الطعام.
لحل هذه المشكلة، من الأفضل إعادة تسخين الطعام مرة واحدة فقط وتجنب تركه لفترة طويلة في درجة حرارة الغرفة. ينبغي أيضًا تخزين الطعام المتبقي في الثلاجة أو المجمد فورًا بعد تحضيره للحفاظ على جودته وسلامته. في حال إعادة تسخين الطعام، يجب التأكد من تسخينه بشكل كامل لضمان القضاء على أي بكتيريا قد تكون موجودة.
4. إضافة كميات كبيرة من الملح والسكر إلى الطعام
الملح والسكر هما من المكونات التي تستخدم بشكل متكرر في المطبخ لتحسين طعم الطعام، لكن الإفراط في استخدامهما يمكن أن يسبب العديد من المشاكل الصحية. زيادة استهلاك الملح يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية. من جهة أخرى، يعتبر السكر الزائد من العوامل التي تسهم في زيادة الوزن، وتراكم الدهون في الجسم، وزيادة احتمالية الإصابة بداء السكري من النوع الثاني.
أحد أسباب زيادة استخدام الملح والسكر في الطعام هو الرغبة في تحسين الطعم، ولكن في الواقع يمكن استبدال هذه المكونات بإضافات أخرى تعزز النكهة بشكل صحي. على سبيل المثال، يمكن استخدام الأعشاب والتوابل مثل الثوم، الزنجبيل، والفلفل الأسود لإضافة نكهة دون الحاجة إلى كميات كبيرة من الملح. كما يمكن استخدام المحليات الطبيعية مثل العسل أو شراب القيقب بشكل معتدل بدلاً من السكر المكرر.
ينبغي أن يكون الشخص حذرًا في استخدام هذه المكونات، حيث يُنصح بأن تكون كمية الملح اليومية أقل من 5 جرامات، بينما يجب تقليل السكر المضاف قدر الإمكان. من خلال التقليل من الملح والسكر، يمكن الحفاظ على الصحة العامة وتقليل خطر الإصابة بأمراض مزمنة.
خلاصة
إن النجاح في الطبخ لا يتوقف فقط على المهارة في تحضير الأطعمة، بل يتطلب أيضًا تبني عادات صحية في المطبخ تساهم في الحفاظ على القيمة الغذائية للطعام وتعزيز الصحة العامة. عادات مثل استخدام الدهون المشبعة بشكل مفرط، الطهي على درجات حرارة عالية لفترات طويلة، إعادة تسخين الطعام عدة مرات، والإفراط في إضافة الملح والسكر يمكن أن تؤثر سلبًا على صحتنا.
لتجنب هذه العادات الضارة، من المهم أن يكون الشخص على دراية بالأضرار المحتملة لهذه الممارسات وأن يسعى لاختيار تقنيات طهي صحية واستخدام مكونات طبيعية ومتوازنة. من خلال اتخاذ خطوات بسيطة وفعّالة في المطبخ، يمكن الحصول على طعام لذيذ ومغذٍ دون التأثير على الصحة.
