3 طرق مضمونة لاكتساب أي عادة جيدة وترسيخها
يشكل اكتساب العادات الجيدة أحد الركائز الأساسية لتحقيق النجاح الشخصي والمهني، حيث يمكن أن تكون العادات الإيجابية بمثابة أداة قوية للتحول في حياة الفرد. ولكن كيف يمكن بناء عادات جيدة بشكل فعال وترسيخها في حياتنا اليومية؟ في هذا المقال، نستعرض ثلاث طرق مضمونة لتمكين الفرد من اكتساب أي عادة جيدة وترسيخها، وهي:
-
القاعدة الدقيقة للـ 2 دقيقة (Two-Minute Rule)
-
-
التجزئة والتكرار التدريجي (Habit Stacking)
-
استخدام قوة المحيط (Environment Design)
1. القاعدة الدقيقة للـ 2 دقيقة (Two-Minute Rule)
تعد القاعدة الدقيقة للـ 2 دقيقة واحدة من الطرق الفعالة التي يمكن استخدامها لاكتساب أي عادة جديدة وترسيخها بشكل مستدام. هذه القاعدة التي اقترحها الكاتب الأمريكي “جيمس كلير” في كتابه العادات الذرية تقوم على فكرة بسيطة: إذا كنت ترغب في بدء ممارسة عادة جديدة، فلا تبدأ إلا بتخصيص دقيقتين فقط لهذا النشاط. الفكرة هنا تكمن في أن العوائق النفسية التي قد تقف في طريق اكتساب العادات تكون عادة ناتجة عن الخوف من بدء شيء كبير ومعقد.
على سبيل المثال، إذا كنت تريد أن تبدأ في ممارسة الرياضة بانتظام، يمكن أن تبدأ ببساطة بالمشي لمدة دقيقتين يوميًا. هذه الخطوة الصغيرة تزيل الضغوط التي قد تشعر بها عند التفكير في ممارسة الرياضة لساعات طويلة، وتجعل من السهل دخول هذا النشاط إلى روتينك اليومي.
عندما تتبع هذه القاعدة، فإن الهدف الأول ليس أداء النشاط بشكل كامل منذ البداية، بل هو جعل هذا النشاط جزءًا من روتينك اليومي. بعد أن تصبح هذه العادة جزءًا من حياتك، يمكنك زيادة الوقت أو الجهد تدريجياً. تساعدك هذه الطريقة على تخطي مقاومة البداية، وهي واحدة من أكبر العقبات التي تمنع الكثيرين من البدء في اكتساب عادات جديدة.
2. التجزئة والتكرار التدريجي (Habit Stacking)
التجزئة والتكرار التدريجي هي طريقة تعتمد على ربط العادات الجديدة بعادات قائمة بالفعل. في جوهرها، تقوم هذه الطريقة على ربط عادة جديدة بشيء تقوم به بشكل يومي، مما يجعلها تصبح جزءًا من روتينك اليومي بصورة غير مرهقة.
على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في تطوير عادة القراءة اليومية، يمكنك ربطها بالعادات التي تقوم بها بالفعل بشكل يومي مثل شرب القهوة في الصباح. يمكنك أن تقول لنفسك: “بعد أن أشرب قهوتي، سأقرأ لمدة 10 دقائق.” هذا الربط بين العادة الجديدة (القراءة) وعادة قديمة (شرب القهوة) يساعد في تذكيرك بها، ويسهل عليك بدء القراءة بشكل يومي.
هناك نوعان من العادات يمكن ربطهما معًا في هذه الطريقة: العادات الجيدة والعادات السيئة. إذا كان لديك عادة غير صحية مثل التدخين أو الإفراط في تناول الطعام، يمكنك استخدام هذا النهج لتقليل تلك العادات عن طريق ربطها بشيء آخر يكون أكثر إيجابية. على سبيل المثال، بعد الانتهاء من تناول الوجبة، يمكن أن تلتزم بممارسة تمارين التنفس أو التمدد لتهدئة الجسم.
تساعد هذه الطريقة على بناء العادات بشكل تدريجي وطبيعي، إذ تتحول العادة الجديدة إلى جزء لا يتجزأ من روتينك اليومي. وفي كل مرة تقوم فيها بالربط بين العادات، يصبح من الأسهل الالتزام بها حتى لو كانت تبدو صعبة في البداية.
3. استخدام قوة المحيط (Environment Design)
تعتبر البيئة التي نعيش فيها أحد العوامل الحاسمة التي تؤثر في نجاحنا في اكتساب العادات الجيدة. فالبيئة لا تؤثر فقط على سلوكنا بشكل غير مباشر، بل يمكن أن تكون عاملاً رئيسياً في تسهيل أو تعقيد عملية اكتساب العادات. إذا كان هدفك هو اكتساب عادة صحية مثل الأكل بشكل أفضل أو ممارسة الرياضة، فإن تعديل بيئتك يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحقيق هذا الهدف.
أول خطوة في استخدام البيئة لصالحك هي التخلص من المشتتات التي قد تعرقل تقدمك. على سبيل المثال، إذا كنت تحاول تقليل تناول الوجبات السريعة، يمكنك تجنب شراء هذه الأطعمة أو الاحتفاظ بها في أماكن يصعب الوصول إليها. إذا كنت تحاول ممارسة الرياضة بشكل منتظم، يمكنك تجهيز معدات التمرين في مكان ظاهر أمامك أو حتى تخصيص مكان معين في منزلك للتمارين.
علاوة على ذلك، يمكن للبيئة الاجتماعية أن تلعب دورًا كبيرًا في ترسيخ العادات الجيدة. إذا كنت محاطًا بأشخاص يتبنون عادات صحية، فمن الأرجح أن تتبنى هذه العادات أيضًا. على العكس، إذا كنت محاطًا بأشخاص لا يهتمون بالصحة أو لا يتبعون أسلوب حياة نشطًا، فقد تجد صعوبة في الحفاظ على عاداتك الجيدة. لذلك، من المفيد أن تحيط نفسك بأشخاص يشجعونك على اتباع العادات التي تسعى لترسيخها.
إضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون من المفيد أن تخلق بيئة تُشجع على ممارسة العادات الجيدة. على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في زيادة نشاطك البدني، يمكنك وضع حقيبة رياضية في السيارة أو في مكان عملك لضمان أن تكون جاهزًا لممارسة الرياضة في أي وقت. إذا كنت تهدف إلى زيادة الإنتاجية، يمكن أن تخلق بيئة عمل خالية من المشتتات، مثل إيقاف تشغيل الإشعارات على هاتفك أو تخصيص مساحة محددة للعمل.
الاستمرارية: العنصر الأهم في ترسيخ العادات الجيدة
على الرغم من أن هذه الطرق تعتبر فعالة، إلا أن السر في نجاحها يكمن في الاستمرارية. العادات الجيدة لا تُبنى في يوم أو أسبوع، بل تتطلب وقتًا وجهدًا مستمرًا. ومن هنا تكمن أهمية التكرار والصبر في مسار بناء العادات.
من الضروري أن تكون لديك القدرة على التعافي من أي انقطاع قد يحدث أثناء محاولاتك لترسيخ عادة جديدة. فحتى لو تراجعت أو فشلت في مرة ما، لا تعني هذه اللحظة أن الطريق قد انتهى. يجب أن تواصل المحاولة، فكل خطوة صغيرة تقربك أكثر من هدفك النهائي. قد يكون هناك أوقات يصعب فيها الحفاظ على العادة أو تنحرف عنها، ولكن العوامل الرئيسية مثل تخصيص دقيقتين فقط، ربط العادة بعادة أخرى، وتغيير البيئة المحيطة بك، سوف يساعدونك في العودة إلى المسار الصحيح بسرعة أكبر.
خلاصة
إن اكتساب العادات الجيدة وترسيخها يتطلب مزيجًا من الصبر والقدرة على التكيف مع الطرق المختلفة التي تساعد في تسهيل العملية. لا ينبغي أن يتوقع الفرد أن تكون التغييرات فورية أو دون جهد، بل يجب أن يدرك أن العادات الجيدة تُبنى تدريجيًا من خلال تطبيق مبادئ بسيطة مثل قاعدة الـ 2 دقيقة، والتجزئة والتكرار التدريجي، واستخدام قوة البيئة. من خلال هذه الطرق المضمونة، سيكون لديك الفرصة لتأسيس عادات إيجابية تساعدك في تحسين جودة حياتك وتحقيق أهدافك الشخصية.
