القرارات المبرمجة وغير المبرمجة: مفاهيمها وأهمية تأثيرها في مجال الإدارة
مقدمة
تُعد القرارات من العناصر الأساسية في أي مجال من مجالات الحياة، سواء كان ذلك في الإدارة أو الأعمال أو الحياة الشخصية. إن قدرة الأفراد والمنظمات على اتخاذ القرارات تؤثر بشكل كبير في نجاحهم أو فشلهم. ومن هنا، يُمكن تقسيم القرارات إلى نوعين رئيسيين: القرارات المبرمجة والقرارات غير المبرمجة. لكن ما الفرق بين هذين النوعين؟ ولماذا تعتبر هذه الفروقات مهمة؟ وما هو تأثيرها على فعالية الأداء في بيئة العمل؟
أولًا: القرارات المبرمجة
تعريف القرارات المبرمجة
تُعرف القرارات المبرمجة بأنها القرارات التي يتم اتخاذها بناءً على عمليات أو إجراءات مُعتمدة بشكل روتيني داخل المنظمة، حيث تكون الظروف المحيطة بالقرار معروفة مسبقًا. يتخذ الأفراد هذه القرارات بمرونة ودون الحاجة إلى تحليل عميق أو تقييمات معقدة للمواقف، حيث تكون الإجراءات معروفة ومحددة مسبقًا.
خصائص القرارات المبرمجة
-
التكرار: تتكرر القرارات المبرمجة في فترات زمنية معينة بسبب نمط ثابت للظروف التي تحيط بها.
-
الروتينية: يتم اتخاذ القرارات المبرمجة وفقًا لإجراءات أو خطوات مُحددة سلفًا. لذلك، لا يتطلب الأمر عادةً تفكيرًا عميقًا.
-
الوضوح: تكون الخيارات والنتائج المرتبطة بهذه القرارات واضحة ومحددة مسبقًا، مما يضمن الحصول على نتائج متوقعة.
-
السرعة في اتخاذ القرار: نظرًا لأن هذه القرارات تتبع إجراءات معروفة، فإن اتخاذها يتم بسرعة ودون تعقيد.
-
القابلة للتنفيذ بسهولة: بما أن القرارات المبرمجة تعتمد على سياسات واضحة، فإن تنفيذها يكون أكثر سهولة وسلاسة.
أمثلة على القرارات المبرمجة
-
إعادة ترتيب المخزون: في الشركات التجارية، يتم اتخاذ قرار إعادة الطلب للمخزون بناءً على معايير كمية ثابتة، مثل أن يتم إعادة طلب البضائع عندما ينخفض المخزون عن حد معين.
-
الرواتب والضرائب: إذا كانت المؤسسة تطبق سياسة ثابتة لحساب الرواتب، فإن القرار بشأن كيفية حساب رواتب الموظفين وخصم الضرائب يتخذ بشكل روتيني كل شهر.
-
إجراءات السلامة: تحديد الإجراءات التي يجب اتباعها في حالات الطوارئ مثل الحريق أو الأعطال التقنية يتم بناءً على تعليمات وإجراءات ثابتة.
أهمية القرارات المبرمجة في الإدارة
تساعد القرارات المبرمجة في ضمان استمرارية العمل وسلاسة سير العمليات. توفر هذه القرارات الاستقرار والتنظيم داخل المنظمات، حيث يمكن للأفراد العمل بناءً على الإجراءات المقررة مسبقًا دون الحاجة للتفكير المعقد أو التقييم المستمر للظروف. وفي البيئات التي تتطلب تكرار العمليات والروتين، تلعب القرارات المبرمجة دورًا مهمًا في تقليل وقت اتخاذ القرار وتعزيز الكفاءة التشغيلية.
ثانيًا: القرارات غير المبرمجة
تعريف القرارات غير المبرمجة
القرارات غير المبرمجة هي القرارات التي تُتخذ في مواقف غير معروفة مسبقًا أو نادرة الحدوث، وتكون عادة غير متوقعة وتستدعي تحليلًا عميقًا وتفكيرًا مبتكرًا. هذا النوع من القرارات لا يعتمد على إجراءات ثابتة، وإنما يتطلب أن يكون لدى القائم باتخاذ القرار القدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة ومراعاة المعلومات المتاحة في لحظات اتخاذ القرار.
خصائص القرارات غير المبرمجة
-
المرونة: تكون القرارات غير المبرمجة أكثر مرونة حيث يتم تعديل القرارات بناءً على الظروف المتغيرة.
-
التعقيد: تختلف هذه القرارات عن القرارات المبرمجة في أنها تتطلب تحليلًا دقيقًا للبيانات والمعلومات المتاحة، وقد تشمل البحث عن حلول غير تقليدية.
-
المخاطرة: اتخاذ قرارات غير مبرمجة يرتبط غالبًا بمخاطر أكبر مقارنة بالقرارات المبرمجة. قد تكون النتائج غير مؤكدة، ويترتب عليها تداعيات كبيرة.
-
الوقت المستغرق: نظرًا لتعقيد القرارات غير المبرمجة، فإن اتخاذها يستغرق وقتًا أطول، ويتطلب تقييمًا دقيقًا للأوضاع والمعلومات.
-
الإبداع: في القرارات غير المبرمجة، يتعين على الأفراد استخدام قدراتهم الإبداعية لحل المشكلات غير المتوقعة، مما يتطلب تفكيرًا خارج الصندوق.
أمثلة على القرارات غير المبرمجة
-
إطلاق منتج جديد في السوق: اتخاذ قرار بشأن تصميم وتسويق منتج جديد يتطلب دراسات تحليلية عميقة حول احتياجات السوق، والاتجاهات المستقبلية، وتوجهات المستهلكين.
-
الاستثمار في مشروع ضخم: إذا كانت الشركة تخطط للاستثمار في مشروع بعيد المدى، فإن قرار استثمار مبلغ كبير في السوق يتطلب تحليلات معمقة، فضلاً عن توقع المخاطر والتحديات المستقبلية.
-
التعامل مع الأزمات: مثل الأزمات المالية أو الكوارث الطبيعية، حيث تتطلب هذه القرارات اتخاذ تدابير غير تقليدية للتعامل مع الوضع المتغير بسرعة.
أهمية القرارات غير المبرمجة في الإدارة
تعتبر القرارات غير المبرمجة أساسًا للتطوير والنمو في المنظمات. حيث توفر فرصة للابتكار والتكيف مع البيئة المتغيرة. إن القدرة على اتخاذ قرارات غير مبرمجة تؤدي إلى الاستجابة السريعة والفعالة للتغيرات المستمرة في السوق أو المجال الذي تعمل فيه المنظمة. كما أن هذه القرارات تساهم في استكشاف أسواق جديدة وتحقيق مزايا تنافسية تفوق المنافسين.
ثالثًا: مقارنة بين القرارات المبرمجة وغير المبرمجة
| الخاصية | القرارات المبرمجة | القرارات غير المبرمجة |
|---|---|---|
| التكرار | متكررة وقابلة للتكرار | غير متكررة وتعتمد على مواقف نادرة |
| المعرفة المسبقة | القرارات مبنية على معايير ثابتة وقواعد معروفة | القرارات تتطلب تفكيرًا وتحليلًا جديدًا |
| التعقيد | بسيطة وتتبّع إجراءات واضحة | معقدة وتحتاج إلى تحليل دقيق وفحص متعدد للخيارات |
| المرونة | منخفضة، حيث توجد إجراءات ثابتة للمتابعة | عالية، حيث يتم تعديل القرارات حسب المعطيات المتغيرة |
| المخاطرة | منخفضة نظرًا للتكرار والوضوح | مرتفعة نظرًا لعدم التأكد من النتائج |
| الوقت المستغرق في اتخاذ القرار | سريع وناتج عن اتخاذ قرارات روتينية | بطيء ويتطلب وقتًا لتحليل البيانات والمعلومات المتاحة |
| الإبداع | لا يتطلب إبداعًا أو حلولًا جديدة | يتطلب تفكيرًا إبداعيًا وأفكارًا غير تقليدية |
رابعًا: أهمية معرفة الفرق بين القرارات المبرمجة وغير المبرمجة
إن التفرقة بين القرارات المبرمجة وغير المبرمجة لها أهمية كبيرة في إدارة الأعمال واتخاذ القرارات الاستراتيجية. في حين أن القرارات المبرمجة تضمن الاستقرار والكفاءة، فإن القرارات غير المبرمجة تفتح المجال للتجديد والنمو والتكيف مع الظروف المتغيرة. لذلك، يجب على المديرين والقادة أن يكونوا على دراية بنوع القرار الذي يتخذونه، والظروف المحيطة به، ومدى تأثيره على المنظمة.
في الواقع، تُعتبر قدرة المنظمة على التمييز بين النوعين من القرارات مفتاحًا لتحقيق التوازن بين الحفاظ على الكفاءة التشغيلية والتكيف مع التغيرات السريعة في السوق.
