“يوم في حياة إفريقيا”: نظرة عبر عدسات المصورين
“يوم في حياة إفريقيا” هو كتاب تصويري فريد من نوعه يضم مجموعة من الصور التي التقطتها عدسات مائة من أفضل المصورين الصحفيين في العالم. هذا العمل الرائع تم تحريره بواسطة ديفيد كوهين، وتقديمه بواسطة الأسقف ديزموند توتو، مع مقدمة من لي ليبرمان وكوفي عنان. يُعد هذا الكتاب أكثر من مجرد مجموعة من الصور؛ إنه وثيقة بصرية توثق تنوع وجمال قارة إفريقيا، وتعكس حياة سكانها وتاريخها وثقافتها.
صدر هذا الكتاب في أكتوبر 2002 عن مؤسسة “تايدز” (Tides Foundation) ويهدف إلى تسليط الضوء على جوانب الحياة المختلفة في إفريقيا، بدءًا من المجتمعات التقليدية وصولاً إلى الثقافات الحديثة. يضم الكتاب لقطات مميزة من حياة شعب سان في ناميبيا، وكذلك مشاهد من المشهد الموسيقي في لاغوس، نيجيريا، مما يتيح للقارئ فرصة فريدة لاستكشاف تنوع القارة وإرثها الثقافي الغني.
محتوى الكتاب وجمالياته
الصور الموجودة في “يوم في حياة إفريقيا” ليست مجرد صور فوتوغرافية، بل هي قصص تعكس واقع الحياة اليومية في إفريقيا، بأفراحها وأحزانها، وصراعاتها ونجاحاتها. التقط المصورون هذه الصور على مدار يوم كامل، مما جعلها تعرض لحظات من الحياة العادية والخاصة في آن واحد، وتقدم للقارئ نظرة شاملة عن الحياة في إفريقيا بكل تنوعها وتعقيداتها.
تم تنسيق الصور في هذا الكتاب بطريقة تجعل القارئ يشعر وكأنه يقوم برحلة بصرية عبر القارة، حيث يمكنه أن يرى ويشعر بتفاصيل الحياة اليومية في مختلف البلدان والمجتمعات الإفريقية. يبرز الكتاب القوة الجمالية للصور، مع إبراز التفاصيل الدقيقة والتعبيرات التي تكشف عن الكثير مما يحدث خلف الكواليس.
الأهداف الخيرية والاجتماعية
ما يميز هذا الكتاب أيضاً هو أنه تم جمعه لأغراض خيرية؛ حيث تم تخصيص عائدات بيعه لدعم برامج التوعية حول مرض الإيدز في إفريقيا. هذا الجانب الخيري يضفي على الكتاب قيمة إضافية، حيث يجمع بين الفن والعمل الخيري في آن واحد. من خلال شراء هذا الكتاب، لم يكن القارئ يقتني فقط مجموعة فنية متميزة، بل كان يساهم أيضاً في قضية إنسانية مهمة.
لقد جاء دعم هذا المشروع من شخصيات بارزة، بما في ذلك كوفي عنان، الذي كان في ذلك الوقت الأمين العام للأمم المتحدة، وأيضًا الأسقف ديزموند توتو، المعروف بدوره في النضال ضد التمييز العنصري في جنوب إفريقيا. هؤلاء القادة وغيرهم دعموا هذا المشروع بسبب إيمانهم القوي بأهمية نشر الوعي حول مرض الإيدز، والتأكيد على ضرورة تقديم الدعم للأشخاص المتضررين من هذا المرض في إفريقيا.
الرسالة الثقافية والاجتماعية
“يوم في حياة إفريقيا” ليس مجرد كتاب تصويري؛ بل هو رسالة قوية حول قدرة الفن على إحداث تغيير اجتماعي. من خلال الصور، يتمكن الكتاب من تجاوز الحدود واللغات والثقافات، ويتيح للأشخاص من جميع أنحاء العالم فرصة للتعرف على إفريقيا من منظور جديد ومختلف. إنه يعزز من فهم القارئ للطبيعة الإنسانية المشتركة، ويدعو إلى التأمل في التحديات التي تواجهها القارة، وكذلك الجمال الذي تتمتع به.
في النهاية، “يوم في حياة إفريقيا” هو أكثر من مجرد كتاب؛ إنه تجربة بصرية وثقافية تدعو القارئ إلى الانغماس في عالم مختلف، حيث تلتقي الحياة اليومية بالإرث الثقافي، وتختلط الفنون بالمسؤولية الاجتماعية. من خلال هذا الكتاب، يتمكن القارئ من الاستمتاع بجمال التصوير الفوتوغرافي، وفي الوقت نفسه، يساهم في دعم قضية إنسانية بالغة الأهمية.