يوم العلم الإماراتي: مناسبة وطنية تعكس روح الوحدة والانتماء

تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة في الثالث من نوفمبر من كل عام بـ يوم العلم الإماراتي، وهي مناسبة وطنية عظيمة تعبّر عن الولاء والانتماء والاعتزاز بالهوية الإماراتية. يوم العلم ليس مجرد حدث رمزي يمرّ ضمن أجندة المناسبات الوطنية، بل هو تعبير حي عن التلاحم الوطني بين القيادة والشعب، وعن فخر الدولة بمسيرتها الاتحادية والتنموية. في هذا اليوم، تتوحد أعلام الإمارات على المباني الحكومية والخاصة، وترتفع على المنازل والمؤسسات والمدارس والجامعات، في مشهد بصري جامع يُجسّد قيم الاتحاد والولاء والعزة الوطنية.

خلفية تاريخية حول يوم العلم

تم اعتماد يوم العلم الإماراتي في عام 2013 بمبادرة من سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ليكون مناسبة وطنية تُخلّد ذكرى تولي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان – رحمه الله – مقاليد الحكم رئيساً للدولة في 3 نوفمبر 2004. منذ ذلك الوقت، أصبح يوم العلم فعالية وطنية متجددة تُحيي رمزية العلم بوصفه عنواناً للكرامة والسيادة، وتجسيداً للولاء للوطن وقيادته.

رمزية العلم الإماراتي

يحمل علم الإمارات العربية المتحدة دلالات عميقة تعكس وحدة الدولة وقيمها العليا، وقد تم تصميمه في عام 1971 على يد الشاب الإماراتي عبد الله محمد المعينة، الذي فاز في مسابقة وطنية لتصميم العلم. يتألف العلم من أربعة ألوان رئيسية هي: الأحمر، والأخضر، والأبيض، والأسود، وهي ألوان الوحدة العربية التي ظهرت في شعر العرب منذ العصر العباسي، وترمز إلى مفاهيم الشجاعة، والرخاء، والسلام، والقوة.

يمثل العلم في مجمله رمزاً للسيادة الوطنية، والانتماء القومي، والروح الاتحادية التي تشكلت منذ قيام الدولة في 2 ديسمبر 1971.

دلالات الاحتفاء بيوم العلم

الاحتفال بيوم العلم في دولة الإمارات ليس مجرد تكرار سنوي لطقس وطني، بل هو فعالية تتضمن معاني عميقة، ترتبط بعدة أبعاد:

1. الولاء والانتماء الوطني

يعزز يوم العلم روح الولاء للدولة والقيادة الرشيدة، ويُظهر مستوى الانتماء العالي الذي يشعر به المواطنون والمقيمون في الدولة. هو مناسبة لتجديد العهد تجاه الوطن، والتمسك بقيم الاتحاد، واحترام رموز الدولة.

2. التلاحم المجتمعي

تُعد هذه المناسبة فرصة لترسيخ التلاحم بين مكونات المجتمع الإماراتي بمختلف أطيافه. فالعلم يُرفع في كل بيت ومؤسسة ومدرسة، ما يُنتج مشهداً وطنياً جامعاً، يُعبّر عن الوحدة المجتمعية ويؤكد على الهوية المشتركة.

3. الاعتزاز بالإنجازات الوطنية

تُبرز هذه المناسبة الإنجازات التي حققتها الإمارات في مختلف القطاعات مثل الاقتصاد، والتعليم، والصحة، والتكنولوجيا، والطاقة، والفضاء. العلم يُصبح في هذا السياق رمزاً للنهضة التنموية والاستراتيجية التي تقودها الدولة بثقة نحو المستقبل.

4. ترسيخ قيم الاتحاد

من خلال هذه المناسبة، يتجدد الفخر باتحاد الإمارات السبع تحت راية واحدة، ويتجدد التأكيد على صلابة البنيان الاتحادي الذي وضع أسسه الآباء المؤسسون بقيادة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه.

مظاهر الاحتفال بيوم العلم

تشهد دولة الإمارات احتفالات واسعة بيوم العلم، تشمل القطاعين الحكومي والخاص، فضلاً عن المؤسسات التعليمية والمجتمعية. وتتنوع الفعاليات بين رفع العلم في وقت موحد على مستوى الدولة، وتنظيم المسيرات الطلابية، والعروض العسكرية، والمعارض الفنية، والندوات الوطنية.

في المؤسسات التعليمية

تلعب المدارس والجامعات دوراً رئيسياً في الاحتفال بيوم العلم، حيث يتم تنظيم فعاليات تشمل:

• رفع العلم في طابور الصباح مع عزف السلام الوطني.

• مسابقات وطنية في الشعر والرسم والتعبير الكتابي حول العلم.

• عروض تمثيلية تجسّد مراحل تأسيس الدولة.

• محاضرات عن رمزية العلم وتاريخه.

في القطاعين الحكومي والخاص

تُرفع الأعلام على المباني الحكومية والمراكز التجارية، وتُضاء ناطحات السحاب بألوان العلم الإماراتي، وتُنظم عروض ضوئية وموسيقية. كما تُطلق بعض الشركات حملات إعلامية وخصومات ترويجية مرتبطة بهذه المناسبة، تعبيراً عن مشاركتها في الاحتفال الوطني.

في وسائل الإعلام

تتحول وسائل الإعلام التقليدية والرقمية إلى منصات لبث الرسائل الوطنية، والبرامج الوثائقية، والأغاني التراثية والحديثة التي تُعزز الهوية الوطنية. كما تتصدر رمزية العلم محتوى الإعلام المرئي والمسموع، ويُخصص بث مباشر لتغطية الاحتفالات الرسمية في إمارات الدولة.

دور يوم العلم في غرس القيم لدى الأجيال

يُشكّل يوم العلم محطة تربوية مهمة لغرس القيم الوطنية في نفوس الأطفال والشباب. من خلال المشاركة في فعاليات هذا اليوم، يتعلم الطلاب معاني الانتماء، والتضحية، والعمل الجماعي، ويكتسبون وعياً سياسياً وتاريخياً يعزز من ارتباطهم بالدولة.

تُعد هذه المناسبة فرصة لغرس ثقافة احترام الرموز الوطنية، وتنمية الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن، وتقدير الجهود المبذولة في سبيل التنمية والأمن والاستقرار. ويُساهم هذا الوعي في بناء جيل وطني واعٍ قادر على مواصلة مسيرة النهضة.

العلم كرمز في السياق الدولي

لم يقتصر دور العلم الإماراتي على نطاقه الوطني، بل أصبح رمزاً مميزاً في المحافل الدولية، حيث يُرفع في الفعاليات العالمية التي تشارك فيها الإمارات، سواء كانت رياضية أو ثقافية أو علمية. وقد شهد العالم رفع علم الإمارات على سطح القمر الصناعي “خليفة سات”، وفي الفضاء عبر مهمة “مسبار الأمل”، وفي قمم الجبال والقواعد العلمية القطبية، ما يعكس الحضور الدولي الطموح للدولة.

العلم في الدستور الإماراتي

وفقاً للدستور الإماراتي، يُعتبر العلم من الرموز السيادية للدولة التي يجب احترامها وعدم المساس بها. وقد وُضعت قوانين صارمة تُجرّم الإساءة إلى العلم أو عدم احترامه في المناسبات الرسمية. كما تم إصدار قوانين تنظم طريقة رفع العلم وأبعاده، ومكان وضعه في المؤسسات والمناسبات.

التوجيهات القيادية المرتبطة بيوم العلم

تحرص القيادة الإماراتية على جعل يوم العلم مناسبة لتعزيز التواصل المباشر بين الحاكم والمحكوم. وغالباً ما تتضمن كلمات القادة في هذه المناسبة إشارات قوية إلى ضرورة المحافظة على مكتسبات الدولة، والعمل الدؤوب لمواجهة التحديات، والانطلاق نحو المستقبل بثقة.

في خطابات يوم العلم، يتم التأكيد على:

• أهمية التمسك بقيم الاتحاد.

• ضرورة تعزيز الإنتاجية في العمل.

• احترام رموز الدولة ومقدساتها.

• غرس القيم الوطنية في النشء.

• دعم مسيرة التميز والابتكار.

الخلاصة: مناسبة تتجاوز الشكل إلى العمق

يوم العلم الإماراتي ليس مجرد حدث احتفالي أو طقس رمزي، بل هو مناسبة تتجلى فيها أسمى معاني الانتماء للوطن، وتجدد فيها الروح الاتحادية، وتُستحضر خلالها تضحيات المؤسسين والآباء، وتتجسد فيها تطلعات الدولة نحو المستقبل. هو يوم للوفاء، والفخر، والتقدير، والالتزام المتجدد تجاه العلم الذي يظل مرفوعاً كشاهد على تاريخ دولة تواصل بناءها بخطى واثقة.

في كل عام، تُثبت الإمارات عبر هذه المناسبة أن العلم ليس مجرد قطعة قماش تُرفرف، بل هو ذاكرة وطن وهوية شعب وإرث أمة تسعى إلى المجد والريادة.

المراجع:

1. البوابة الرسمية لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة – www.u.ae

2. وكالة أنباء الإمارات (وام) – www.wam.ae