فضل سورة يس وأسرارها

سورة يس وفضلها

تعتبر سورة يس من السور المكية العظيمة التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة، وهي السورة رقم 36 في ترتيب المصحف الشريف. تحمل السورة العديد من المعاني العميقة، والآيات التي تركز على توحيد الله تعالى، وتحذر من عواقب الكفر والمعصية، وتدعو إلى الإيمان بالله ورسله، كما تؤكد على قدرة الله على إحياء الموتى والبعث، وتحث المؤمنين على الثبات على دينهم واتباع طريق الحق.

يقال إن سورة يس هي “قلب القرآن”، كما ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: “إن لكل شيء قلبًا، وإن قلب القرآن يس”، وهذا يوضح فضلها ومكانتها العظيمة في القرآن الكريم.

أولاً: تفسير سورة يس

تبدأ سورة يس بحروف مقطعة هي “يس”، وهي من الحروف التي تفتتح بها بعض السور في القرآن، ويُقال إنها سر من أسرار القرآن، وإن الله تعالى وحده يعلم معناها. ثم تتابع السورة بآية عظيمة هي: “وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ”، والتي تعبر عن عظمة القرآن الكريم وحكمته. السورة بعد ذلك تتناول عدة موضوعات، أبرزها الدعوة إلى التوحيد والإيمان بالله، وذكر الأنبياء الذين بعثهم الله إلى الأقوام المختلفة، وخصوصًا قومًا كذبوا الأنبياء فحل عليهم العذاب.

كما تتطرق السورة إلى الحديث عن المعجزات الإلهية، مثل إحياء الموتى، وبيان قدرة الله على كل شيء. في إحدى آياتها، يُذكر أن الله تعالى قادر على أن يحيي الموتى، وهذا إشارة إلى البعث والنشور. بالإضافة إلى ذلك، السورة تتناول مواقف من حياة الأنبياء، مثل قصة النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع قومه، وقصة أصحاب القرية الذين أرسل إليهم الله رسولًا، وقد كذبوه فحل عليهم العذاب.

ثانيًا: فضل سورة يس

سورة يس لها فضل عظيم في القرآن الكريم، وقد ورد العديد من الأحاديث النبوية التي تؤكد على فضل قراءتها وفضل حفظها. من أبرز هذه الفضائل:

1. الشفاء والراحة

قد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إنَّ في القرآنِ سورةً تُسمَّى يس، ما قرأها عبدٌ في مرضه إلا عافاه الله”. هذا الحديث يدل على أن سورة يس قد تكون سببًا في الشفاء بإذن الله تعالى، وهو ما يجعلها من السور المحببة التي يحرص المسلمون على قراءتها في الأوقات التي يحتاجون فيها إلى الراحة والسكينة، خاصة في الأوقات الصعبة أو عند مرض أحدهم.

2. بركة في الحياة والموت

ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من قرأ يس في ليلةٍ ابتغاء وجه الله غُفر له”. هذا الحديث يوضح فضل سورة يس في ليلة واحدة، حيث يكسب القارئ مغفرة عظيمة من الله تعالى. كما أن من قرأ سورة يس عند الموت، فقد ثبت في الحديث الشريف: “من قرأ يس على ميتٍ، خُفَّفَ عنه”.

3. إجابة الدعاء

إحدى فضائل سورة يس الكبيرة هي أنها سبب لإجابة الدعاء، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من قرأ يس، سَهَّلَ الله عليه ما يطلب”. وهذا يجعل من سورة يس وسيلة للتوسل إلى الله في طلب الحاجة، سواء كانت دنيوية أو أخروية.

4. فضلها في تيسير الأمور

لقد ثبت أيضًا في الأحاديث النبوية أن سورة يس تيسّر الأمور وتزيل الهموم. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من قرأ يس في بداية يومه، سهل الله عليه أموره، وبارك له في عمله”. لذلك يحرص العديد من المسلمين على قراءتها عند بداية اليوم، خاصة إذا كانوا في مرحلة من التحديات أو الصعوبات.

ثالثًا: فضل سورة يس في السنة النبوية

لقد وردت العديد من الأحاديث النبوية التي تبين أهمية قراءة سورة يس. ومن أبرز تلك الأحاديث:

1. حديث عن الشفاء: “من قرأ يس فكأنما قرأ القرآن كله”، وهذا الحديث يعكس عظمة السورة وفضلها الكبير في القرآن الكريم.

2. حديث عن مغفرة الذنوب: “من قرأ يس في ليلةٍ، غفر له”، وهو حديث يعكس فضل السورة في تطهير المسلم من الذنوب والآثام.

3. حديث عن التخفيف على الميت: “من قرأ يس على ميت، خُفِّفَ عنه”، مما يدل على فضل السورة في التخفيف عن الموتى.

رابعًا: كيف نحرص على قراءة سورة يس؟

للحصول على ثواب قراءة سورة يس وفضائلها العظيمة، يجب أن يحرص المسلم على قراءتها في مواقف مختلفة من حياته اليومية. وفيما يلي بعض الطرق التي يمكن أن يتبعها المسلم لتحقيق هذا الهدف:

1. القراءة اليومية: من المستحب أن يخصص المسلم وقتًا يوميًا لقراءة سورة يس، سواء في الصباح أو المساء، وذلك لأخذ بركة هذه السورة العظيمة.

2. القراءة عند المرض: من السنة قراءة سورة يس على المريض، سواء كان مرضًا جسديًا أو روحيًا، مع الدعاء والتوجه إلى الله تعالى أن يشفي المريض ويخفف عنه.

3. القراءة في وقت الحاجة: يُستحب قراءة سورة يس عند الحاجة أو عند مواجهة صعوبة، لأن لها فضلًا في تيسير الأمور.

4. القراءة عند الميت: من السنة قراءة سورة يس على الميت، وذلك للتخفيف عنه في آخر لحظاته.

5. حفظ السورة: من الجيد أن يحرص المسلم على حفظ سورة يس، خاصة أن حفظها يسهل تلاوتها في أي وقت، مما يتيح له الاستفادة من فضائلها بشكل مستمر.

خامسًا: تفسير بعض آيات سورة يس

تحتوي سورة يس على العديد من الآيات التي لها معاني عميقة وفوائد عظيمة للمؤمنين. من بين الآيات البارزة في السورة:

1. آية “إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ” (يس: 82):
   هذه الآية تعكس قدرة الله تعالى على خلق الأشياء بمجرد إرادته. وهي تذكير للمؤمنين بأن الله هو الخالق المالك لكل شيء، وأنه لا شيء يعجزه.

2. آية “وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَذَّبُوا بِهِ” (يس: 32):
   هذه الآية تتحدث عن كيفية رفض أقوام الأنبياء لرسالاتهم، وهي تذكير للمؤمنين بأن الدعوة إلى الله قد لا تجد استجابة في بعض الأحيان، ولكن يجب أن يظل المسلم ثابتًا في إيمانه.

3. آية “قَالَ رَبُّنَا الَّذِي فِي السَّمَاءِ” (يس: 35):
   في هذه الآية تذكير بقدرة الله على إحياء الموتى، وأنه ليس هناك شيء خارج عن إرادته.

خاتمة

سورة يس تحمل في طياتها العديد من الدروس والعبر التي تستحق التأمل والتدبر. فهي ليست مجرد مجموعة من الآيات، بل هي رسالة إلهية للمؤمنين تحمل في ثناياها دعوة للإيمان والتوحيد، وتحث على الاستقامة على الطريق المستقيم. بالإضافة إلى ذلك، فضلها العظيم في تحقيق الشفاء، وتيسير الأمور، وإجابة الدعاء يجعلها من السور التي يجب أن يتعاهدها المسلم بقراءتها بشكل دوري. إن الحرص على قراءة سورة يس يعكس إيمان المسلم واهتمامه بالحصول على بركة القرآن، مما ينعكس إيجابًا على حياته الدنيا والآخرة.