كيفية وقف النزيف بعد خلع الضرس

تُعد عملية خلع الضرس من الإجراءات الشائعة في مجال طب الأسنان، وتتم لأسباب متعددة تتراوح بين تسوس شديد، تخلخل السن، أو تحضير للفكين من أجل تركيب أطقم أسنان أو تقويم الأسنان. ورغم أنها عملية بسيطة نسبيًا، فإن بعض المضاعفات قد تطرأ بعدها، ومن أبرز هذه المضاعفات النزيف. النزيف بعد خلع الضرس قد يكون مصدر قلق للمريض، لكنه في الغالب قابل للسيطرة إذا ما تم التعامل معه بطريقة طبية صحيحة ومدروسة.

يُصنف النزيف بعد خلع الضرس إلى نوعين: نزيف أولي يحدث خلال الساعات الأولى بعد الخلع، ونزيف ثانوي قد يظهر بعد 24 إلى 72 ساعة من الإجراء نتيجة لتأخر التجلط أو تضرر الأنسجة المحيطة. في هذا المقال، سيتم تناول العوامل المسببة للنزيف، الإجراءات المتبعة لإيقافه، التعليمات التي ينبغي اتباعها بعد الخلع، بالإضافة إلى جدول يوضح الأدوية والإجراءات الموصى بها للسيطرة على النزيف.

الأسباب الشائعة للنزيف بعد خلع الضرس

من المهم التعرف على الأسباب التي قد تؤدي إلى استمرار النزيف بعد خلع الضرس:

1. عدم التجلط الكافي للدم

عندما لا تتكون جلطة دموية بشكل صحيح في مكان الخلع، يظل الجرح مفتوحًا وعرضة للنزيف المستمر. هذا الأمر قد يكون ناتجًا عن اضطرابات تخثر الدم أو بسبب تناول أدوية مميعة للدم مثل الأسبرين أو الوارفارين.

2. الرضّ الموضعي الزائد

القيام بمجهود بدني أو تحريك مكان الخلع باللسان أو الأصابع يمكن أن يؤدي إلى تمزق الجلطة الدموية وإعادة فتح الجرح.

3. الالتهاب أو العدوى

في بعض الحالات، يمكن أن تتسبب العدوى الموضعية في تآكل الجلطة وتلف الأنسجة المحيطة مما يؤدي إلى نزيف ثانوي.

4. استخدام بعض أنواع الأدوية

الأدوية المضادة للتجلط ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية قد تُضعف قدرة الجسم على تكوين جلطة فعالة، مما يزيد من فرصة حدوث النزيف.

الإسعافات الأولية لوقف النزيف بعد خلع الضرس

الإجراءات التالية تُعد حجر الأساس في وقف النزيف بعد خلع الضرس، وينبغي اتباعها بدقة:

1. الضغط المباشر باستخدام الشاش

بعد خلع الضرس، يُوضع شاش طبي معقم فوق الجرح ويتم الضغط عليه بقوة عن طريق إغلاق الفم. يجب استمرار الضغط لمدة لا تقل عن 30 إلى 45 دقيقة دون فتح الفم أو إزالة الشاش.

2. استخدام أكياس الشاي الرطب

يحتوي الشاي الأسود على حمض التانيك، وهو مادة قابضة تساعد في تسريع تكوين الجلطة الدموية. توضع كيس شاي رطب وبارد فوق مكان الخلع وتُغلق عليه الأسنان.

3. الجلوس بوضعية رأس مرفوع

يُفضل إبقاء الرأس مرفوعًا لتقليل تدفق الدم إلى الفم، مما يساعد في الحد من النزيف.

4. تجنب البصق أو الشطف

البصق أو المضمضة خلال الساعات الأولى من الخلع يؤدي إلى إزالة الجلطة الدموية المتكونة ويعيد النزيف، لذا يجب الامتناع عن ذلك تمامًا.

الإرشادات الطبية بعد خلع الضرس

الالتزام بالتعليمات التالية يقلل من خطر النزيف ويساعد على التئام الجرح بشكل سريع:

1. الامتناع عن التدخين والكحول

التدخين يعيق عملية التجلط ويزيد من احتمال الإصابة بعدوى جافة في مكان الخلع (Dry Socket)، وهو من أكثر مضاعفات الخلع ألمًا. كذلك يُنصح بتجنب الكحول لأنه يُضعف الجهاز المناعي.

2. تجنب الأطعمة الصلبة أو الساخنة

يفضل تناول أطعمة باردة ولينة مثل اللبن، المهلبية، العصائر الباردة، والحساء الفاتر خلال اليومين الأولين.

3. الابتعاد عن المجهود البدني العنيف

الأنشطة البدنية القوية ترفع ضغط الدم، مما قد يفتح الجرح مجددًا ويتسبب في نزيف.

4. المتابعة مع الطبيب

في حال استمرار النزيف لأكثر من 12 ساعة رغم الإجراءات المنزلية، يجب التوجه مباشرةً إلى الطبيب المختص.

دور الأدوية في السيطرة على النزيف

هناك مجموعة من الأدوية الموضعية والنظامية التي تستخدم للمساعدة في وقف النزيف بعد خلع الضرس، ويحدد الطبيب استخدامها بحسب الحالة.

حالات خاصة تستوجب عناية إضافية

بعض الحالات الطبية أو الاجتماعية تستلزم مراقبة دقيقة بعد الخلع للوقاية من النزيف أو التعامل معه بشكل فوري:

1. مرضى السكري

مرضى السكري يعانون من تأخر في التئام الجروح، ولذلك فإن النزيف قد يستمر لديهم أكثر من المعتاد. يجب مراقبة مستوى السكر بعناية قبل وبعد الخلع.

2. المرضى الذين يستخدمون مميعات الدم

لا يجب إيقاف الأدوية المميعة دون استشارة الطبيب المختص، وغالبًا ما تُتخذ احتياطات خاصة في العيادة قبل الخلع مثل استعمال ضمادات تحتوي على مواد مساعدة لتخثر الدم.

3. كبار السن

مع تقدم السن تقل كفاءة الأوعية الدموية والتجلط، مما يتطلب حذرًا إضافيًا وتوجيهات دقيقة للمريض حول كيفية وقف النزيف والمتابعة بعد الإجراء.

تقنيات حديثة في وقف النزيف بعد خلع الضرس

دخلت التكنولوجيا والمواد الحيوية المتقدمة مجال العناية بعد خلع الأسنان، ومن هذه التقنيات:

1. الليزر

استخدام الليزر بعد الخلع يساعد في إغلاق الأوعية الدموية بسرعة، مما يقلل من النزيف ويُسرّع عملية الشفاء.

2. الصفيحة الغنية بالصفائح الدموية (PRF)

يتم استخراج هذه المادة من دم المريض نفسه وتوضع في تجويف الخلع لتشجيع الالتئام وتقليل خطر النزيف.

3. أنظمة الغرز القابلة للامتصاص

توفر هذه الغرز إغلاقًا دقيقًا للجرح وتقلل من المساحة المفتوحة التي قد تنزف، دون الحاجة لإزالتها لاحقًا.

المضاعفات الناتجة عن عدم السيطرة على النزيف

عند إهمال النزيف أو التعامل الخاطئ معه قد تنشأ مضاعفات قد تكون خطيرة، من بينها:

• الصدمة النزفية: نتيجة فقدان كمية كبيرة من الدم.

• العدوى الموضعية: إذ يصبح الجرح بيئة خصبة لتكاثر البكتيريا.

• تكون الجيب الجاف (Dry Socket): أحد أشد المضاعفات ألمًا، ويحدث عند زوال الجلطة الدموية قبل أوانها.

• ورم دموي (Hematoma): تجمع دموي تحت الجلد أو داخل الفم قد يتطلب تدخل جراحي.

الخلاصة

وقف النزيف بعد خلع الضرس يتطلب تعاملًا دقيقًا يتضمن معرفة بالأسباب، تنفيذ خطوات الضغط الموضعي والرعاية المنزلية، والالتزام التام بتعليمات الطبيب. كما أن الحالات الخاصة مثل مرضى السكري أو من يتناولون أدوية مميعة للدم تتطلب إشرافًا طبيًا مباشرًا وخططًا علاجية مخصصة. التكنولوجيا الحديثة كذلك أصبحت توفر حلولًا متقدمة تساعد في منع النزيف وتسريع التئام الجروح.

تُعد السيطرة على النزيف بعد خلع الضرس خطوة ضرورية وأساسية في رحلة الشفاء، ولا ينبغي الاستهانة بها أو تجاوزها دون اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية والاحترازية. من خلال المتابعة الطبية السليمة وتطبيق التعليمات بدقة، يمكن تجنب معظم المضاعفات المحتملة وضمان استعادة المريض لحالته الصحية بسرعة وأمان.

المراجع:

1. Peterson LJ, Ellis E, Hupp JR, Tucker MR. Contemporary Oral and Maxillofacial Surgery, 6th Edition. Elsevier.

2. Malamed SF. Medical Emergencies in the Dental Office, 7th Edition. Mosby.