في “وقت اختيارنا: حرب أمريكا في العراق”، يأخذنا تود إس. بردوم، أحد أبرز روائيي صحيفة نيويورك تايمز، في رحلة عبر الزمن والأحداث لاستكشاف أبرز اللحظات في أكثر الحروب جدلاً في تاريخ الولايات المتحدة منذ حرب فيتنام. هذا الكتاب ليس مجرد سجل تاريخي، بل هو رواية مؤثرة وموثوقة تقدم لنا رؤية متكاملة وعميقة لتلك الحقبة المحورية.
تبدأ الرحلة مع قصة الحرب التي لم تكن كأي حرب قبلها، حيث بدأت بقصف مخبأ صدام حسين وانتهت بتمثال الديكتاتور العراقي يسقط في وسط بغداد. كانت حربًا تحمل في طياتها عناصر “الصدمة والرعب”، ولكن هذه العناصر لم تكن مقتصرة فقط على ساحة المعركة. إنها حرب شكلت نقطة تحول في علاقات أمريكا مع أعدائها وحلفائها، وفي تصوّرها لذاتها كأمة.
تعرض الرواية ببراعة القصة الكاملة أمام أعيننا، بدءًا من الهمسات الأولى بعد أحداث 11 سبتمبر، وصولاً إلى التحقيقات الدبلوماسية في الأمم المتحدة، ثم الانغماس في ميدان المعركة نفسها وآثارها. يتقن بردوم تقديم لوحة شاملة، حيث يظهر كيف تندمج القصص الفردية لتشكل دراما واحدة وجذابة.
ومع محاولة فهم تراث العمل العسكري الأمريكي الذي اتخذته الولايات المتحدة بشكل شبه منفرد بعد هجمات 11 سبتمبر، يقدم بردوم صورة حية وواضحة لماذا قرر الرئيس جورج دبليو بوش أن تكون مواجهة الأعداء “في وقت اختيارنا”. وتظهر الرواية بوضوح كيف غيّر هذا الاختيار عالمنا بشكل لا رجعة فيه.
“وقت اختيارنا” ليس مجرد كتاب تاريخي، بل هو مرآة تعكس الآثار المعمّقة والمعقدة لتلك الحرب المصيرية. يقدمه لنا بردوم بأسلوبه الفذ والحيوي، مستفيدًا من الموارد والتقارير الاستثنائية التي توفرها صحيفة نيويورك تايمز. هذا الكتاب يستحق أن يكون مصدرًا أساسيًا لفهم حقبة هامة في تاريخ العالم الحديث.