وظيفة المرارة وأمراضها

عمل المرارة في جسم الإنسان: وظيفتها وأهميتها الصحية

المرارة هي عضو صغير يقع تحت الكبد، وهي جزء أساسي من الجهاز الهضمي. رغم صغر حجمها، إلا أن وظيفتها لا تقل أهمية في الجسم. يتساءل الكثيرون عن دور المرارة في عملية الهضم والصحة العامة. في هذا المقال، سنستعرض كل ما يتعلق بالمرارة، من هيكلها ووظائفها، إلى الأمراض التي قد تصيبها وتأثيراتها على الجسم بشكل عام.

1. ما هي المرارة؟

المرارة هي عضو صغير على شكل كمثرى يقع في الجزء العلوي من البطن، تحت الكبد مباشرة. يبلغ طولها حوالي 10 سم وعرضها حوالي 4 سم. وظيفتها الأساسية هي تخزين العصارة الصفراوية (أو الصفراء) التي ينتجها الكبد. العصارة الصفراوية هي سائل هضمي يحتوي على مكونات تساعد في هضم الدهون وامتصاص بعض الفيتامينات والمعادن.

2. كيفية إنتاج العصارة الصفراوية ودور الكبد في ذلك

تبدأ العملية بإنتاج العصارة الصفراوية في خلايا الكبد، حيث تحتوي هذه العصارة على مكونات متعددة مثل الأملاح الصفراوية، الكوليسترول، البيليروبين، والماء. تقوم الكبد بإفراز العصارة الصفراوية باستمرار، ولكن عندما لا تكون هناك حاجة لها بشكل فوري في عملية الهضم، تُخزن هذه العصارة في المرارة. العصارة الصفراوية هي العامل الأساسي الذي يساعد في هضم الدهون، حيث تقوم بتحويل الدهون إلى جزيئات أصغر يمكن للإنزيمات الهضمية أن تعمل عليها بسهولة.

3. وظيفة المرارة في عملية الهضم

تتمثل وظيفة المرارة الرئيسية في تخزين العصارة الصفراوية إلى حين الحاجة إليها. عند تناول الطعام، وخاصة الدهون، يرسل الجسم إشارات إلى المرارة لتحرير العصارة الصفراوية إلى الأمعاء الدقيقة عبر قناة المرارة. هناك، تساهم العصارة الصفراوية في تحطيم الدهون وتحويلها إلى جزيئات أصغر، مما يسهل امتصاصها في الأمعاء. هذه العملية ضرورية لاستفادة الجسم من العناصر الغذائية التي تحتوي عليها الدهون، مثل الأحماض الدهنية الأساسية والفيتامينات التي تذوب في الدهون (A، D، E، وK).

عندما لا توجد مرارة أو عندما تكون غير فعّالة بسبب مرض أو التهاب، يمكن للجسم أن يواجه صعوبة في هضم الدهون بشكل فعال، مما قد يؤدي إلى مشكلات صحية مثل الإسهال أو نقص الفيتامينات.

4. التنظيم العصبي والهرموني لتحرير العصارة الصفراوية

تحرر المرارة العصارة الصفراوية استجابة لتحفيز من الجهاز العصبي والهرمونات. أهم هرمون يشترك في هذا النشاط هو “الكوليسيستوكينين” (CCK)، الذي يتم إفرازه عندما يشعر الجسم بوجود دهون في الطعام داخل المعدة والأمعاء الدقيقة. الكوليسيستوكينين يحفز المرارة على الانقباض، مما يطلق العصارة الصفراوية إلى الأمعاء الدقيقة، حيث يمكنها العمل على الدهون.

5. أمراض المرارة

رغم صغر حجم المرارة وأهميتها في الهضم، إلا أنها قد تصاب بعدد من الأمراض التي تؤثر على أدائها. من أبرز هذه الأمراض:

5.1. حصوات المرارة

أحد أكثر المشاكل شيوعاً التي تصيب المرارة هي حصوات المرارة، التي هي جزيئات صلبة تتكون داخل المرارة. تتكون هذه الحصوات عندما يتغير تكوين العصارة الصفراوية بسبب زيادة الكوليسترول أو البيليروبين. قد تتراوح الحصوات في الحجم من صغيرة جداً إلى كبيرة بما يكفي لانسداد قنوات المرارة، مما يؤدي إلى آلام شديدة مع تناول الطعام أو حتى إلى التهاب المرارة (التهاب المرارة الحاد). بعض الأشخاص قد لا يعانون من أي أعراض، بينما يعاني آخرون من آلام شديدة قد تستدعي الجراحة.

5.2. التهاب المرارة

التهاب المرارة هو حالة يمكن أن تنجم عن حصوات المرارة أو عدوى بكتيرية. يتسبب هذا الالتهاب في آلام شديدة في البطن، وغالبًا ما يرتبط بالغثيان والقيء. في الحالات الشديدة، قد يكون التهاب المرارة مهددًا للحياة ويحتاج إلى تدخل جراحي.

5.3. الركود الصفراوي

الركود الصفراوي هو حالة نادرة يحدث فيها توقف أو بطء في تدفق العصارة الصفراوية من المرارة إلى الأمعاء. يمكن أن يؤدي هذا إلى تراكم العصارة الصفراوية في الكبد، مما قد يسبب مشاكل هضمية وأمراض أخرى. قد ينتج عن هذا المرض مشاكل صحية مزمنة إذا لم يتم علاجها.

5.4. سرطان المرارة

في حالات نادرة، يمكن أن يصاب الشخص بسرطان المرارة، وهو نوع نادر جدًا من السرطان. غالبًا ما يتم تشخيصه في مراحل متقدمة عندما تظهر الأعراض مثل الألم المستمر في البطن وفقدان الوزن، مما يجعل العلاج في هذه الحالات معقدًا.

6. التغيرات في نمط الحياة وأثرها على صحة المرارة

تتأثر صحة المرارة بعدد من العوامل التي تتعلق بنمط الحياة. النظام الغذائي هو أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر في صحة المرارة. الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والكوليسترول يمكن أن تساهم في تكون حصوات المرارة. علاوة على ذلك، يؤدي نقص النشاط البدني إلى زيادة خطر الإصابة بحصوات المرارة، حيث أن الجلوس لفترات طويلة قد يعيق حركة العصارة الصفراوية ويزيد من احتمالية تكون الحصوات.

من جانب آخر، يعتبر فقدان الوزن السريع من العوامل التي قد تضر بالمرارة. فعندما يفقد الشخص الوزن بسرعة كبيرة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تغيرات سريعة في مكونات العصارة الصفراوية، مما يزيد من خطر تكون الحصوات. لذلك، يوصى بفقدان الوزن بشكل تدريجي وأسلوب صحي لتجنب الضغط على المرارة.

7. التشخيص والعلاج لأمراض المرارة

تشخيص أمراض المرارة يبدأ عادة من خلال فحص سريري وأعراض المريض. يستخدم الأطباء تقنيات مختلفة مثل:

• الموجات فوق الصوتية: وهي من أكثر الطرق شيوعًا لاكتشاف حصوات المرارة أو التهاب المرارة.

• التصوير المقطعي المحوسب: في بعض الحالات، يمكن استخدام هذا الفحص للحصول على صورة دقيقة للمرارة.

• فحص الدم: قد يكشف فحص الدم عن علامات التهاب أو وجود عدوى.

أما العلاج فيعتمد على نوع المرض. في حالة وجود حصوات في المرارة، قد ينصح الطبيب بإجراء جراحة لإزالة المرارة (استئصال المرارة). في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب باستخدام الأدوية لتفتيت الحصوات الصغيرة أو معالجتها باستخدام تقنيات مثل الليزر.

8. الاستئصال الجراحي للمرارة

إذا كانت المرارة قد تضررت أو إذا كانت تسبب أعراضًا شديدة، قد يكون الاستئصال الجراحي هو الحل. يُجرى استئصال المرارة عادة عن طريق المنظار، وهو إجراء بسيط نسبيًا يستغرق بضع ساعات فقط. بعد الجراحة، يمكن للجسم أن يعمل بشكل طبيعي دون الحاجة إلى المرارة، على الرغم من أن بعض الأشخاص قد يواجهون صعوبة في هضم الدهون في البداية.

9. الخلاصة

تعتبر المرارة جزءًا حيويًا في النظام الهضمي للإنسان. وظيفتها الأساسية هي تخزين العصارة الصفراوية وإفرازها عند الحاجة للمساعدة في هضم الدهون. على الرغم من صغر حجمها، تلعب المرارة دورًا كبيرًا في معالجة العناصر الغذائية الهامة، ويعتمد عليها الجسم بشكل كبير لضمان امتصاص الدهون والفيتامينات الضرورية. الأمراض التي تصيبها مثل حصوات المرارة والتهابها قد تؤثر بشكل مباشر على صحتنا، ولذلك من الضروري العناية بها من خلال اتباع نمط حياة صحي، والتشخيص المبكر في حال ظهور الأعراض.