هل يجب حذف واتساب؟

سياسة الخصوصية الجديدة في واتساب: هل عليك حذف واتساب فعلاً؟

في عالمنا المعاصر، أصبحت تطبيقات المراسلة الفورية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. من بين هذه التطبيقات، يأتي واتساب كأحد أكثر الخيارات شعبية، حيث يستخدمه مئات الملايين من الناس حول العالم للتواصل مع الأصدقاء والعائلة والزملاء. لكن في الآونة الأخيرة، أثار تحديث سياسة الخصوصية الذي أعلنه واتساب في بعض البلدان الكثير من الجدل، مما دفع البعض للتساؤل: هل ينبغي عليهم حذف تطبيق واتساب فعلاً؟

1. فهم سياسة الخصوصية الجديدة

بدأت واتساب بإطلاق تحديثات سياسة الخصوصية الجديدة في بداية عام 2021، حيث أُعلنت عن تغييرات تخص مشاركة البيانات مع الشركات التابعة لمجموعة فيسبوك (Meta). كان التغيير الأبرز هو أن البيانات المتعلقة بالمستخدمين، مثل معلومات الاتصال والنشاطات على التطبيق، قد تُشارك مع فيسبوك والشركات الأخرى التابعة لها، من أجل تحسين الخدمات الموجهة للمستخدمين. يشمل هذا الأمر:

• البيانات الشخصية مثل الاسم ورقم الهاتف وصورة الحساب.
• البيانات الخاصة بالاستخدام مثل الرسائل والتفاعلات.
• معلومات حول الأجهزة: مثل نوع الجهاز، رقم النسخة، وعنوان الـIP.

في البداية، أُعطي المستخدمون فترة للقبول أو الرفض، ولكن عندما كانت المدة المحددة للموافقة على الشروط تقترب من الانتهاء، بدأ الكثيرون في التعبير عن قلقهم بشأن خصوصيتهم وأمان بياناتهم.

2. لماذا أثار التحديث هذا الجدل؟

كان القلق الأساسي الذي أُثير بين المستخدمين هو أن واتساب سيبدأ بمشاركة بيانات المستخدمين مع فيسبوك وشركاته الأخرى، مما يعني أن هذه الشركات قد تستخدم هذه البيانات لأغراض مثل:

• الإعلانات المستهدفة: يمكن استخدام البيانات لتحسين الإعلانات التي تراها على منصات مثل فيسبوك وإنستغرام.
• التعرف على الأنماط السلوكية: يمكن تتبع الأنماط السلوكية للمستخدمين بشكل أكثر دقة، مما يتيح للشركات تقديم خدمات وأدوات خاصة، لكن هذه الأدوات قد تثير مخاوف حول مستوى الرقابة على الخصوصية.

من جانب آخر، فَهم بعض المستخدمين أن التحديث يعني إفشاء محتوى الرسائل الخاصة بهم، وهو ما نفته واتساب لاحقًا، مؤكدة أن الرسائل مشفرة من الطرف إلى الطرف (end-to-end encryption)، ولن تتم مشاركة المحتوى الفعلي للرسائل مع أي طرف ثالث.

3. هل يجب عليك حذف واتساب؟

الحقيقة أن الإجابة على هذا السؤال تعتمد بشكل كبير على أولوياتك الشخصية فيما يتعلق بالخصوصية والأمان.

1. إذا كنت تشعر بالقلق بشأن الخصوصية:

إذا كنت تعتبر أن مشاركة بياناتك مع الشركات الأخرى تؤثر على خصوصيتك الشخصية، فقد ترغب في إعادة التفكير في استخدام واتساب. هناك تطبيقات أخرى مثل سيجنال أو تليجرام التي تركز على حماية الخصوصية وتؤكد عدم مشاركة بيانات المستخدمين مع أطراف خارجية. وهذه التطبيقات توفر أيضًا التشفير الكامل للمراسلات.

2. إذا كنت مهتمًا بسهولة الاستخدام وانتشار التطبيق:

إذا كنت ترى أن ميزات واتساب ووجوده في حياتك اليومية يعوض المخاطر المحتملة المرتبطة بالخصوصية، فقد لا يكون حذف التطبيق هو الخيار الأنسب بالنسبة لك. واتساب يظل واحدًا من أكثر تطبيقات المراسلة استخدامًا عالميًا، ويصعب على الكثيرين التخلي عنه بسبب عدد الأفراد والجهات التي يستخدمونه.

3. إذا كنت تستخدم واتساب للتواصل مع جهات العمل:

قد يشكل التحديث مشكلة في سياق العمل، خاصة إذا كنت تستخدم واتساب للأعمال (WhatsApp Business). ومع ذلك، يجدر بالذكر أن الشركات التي تستخدم واتساب قد تكون ملزمة بموجب هذه السياسة بمشاركة البيانات مع فيسبوك لتحسين أداء الحملات الإعلانية. إذا كنت تهتم بخصوصية بيانات عملائك أو شركتك، قد يكون من الأفضل البحث عن حلول بديلة، مثل إيميل الشركات أو أدوات أخرى لتواصل العملاء.

4. إذا كنت تلتزم بالتحديثات الأمنية:

من جانب آخر، لم تكن التحديثات الجديدة في سياسة الخصوصية تشير إلى أن هناك تراجعًا في مستوى الأمان على واتساب. تظل الرسائل مشفرة، وهو ما يعني أن الجهات الخارجية (بما فيها فيسبوك) لا يمكنها قراءتها. وعليه، إذا كانت الخصوصية جزءًا مهمًا بالنسبة لك ولكنك ترغب في الحفاظ على الأمان، قد لا يكون من الضروري حذف التطبيق.

4. هل هناك بدائل لواتساب؟

إذا قررت أنك بحاجة إلى التبديل إلى تطبيق آخر بسبب مخاوف الخصوصية أو الأمان، هناك العديد من البدائل المتاحة التي يمكن أن تلبي احتياجاتك:

1. سيجنال (Signal):

تعتبر سيجنال من أبرز البدائل لواتساب، حيث تشتهر بتركيزها على الخصوصية والأمان. تتمتع سيجنال بالتشفير التام للرسائل وتعد مفتوحة المصدر، مما يعزز من مستوى الشفافية.

2. تليجرام (Telegram):

يعد تليجرام أيضًا خيارًا ممتازًا لأولئك الذين يبحثون عن مزايا إضافية مثل المجموعات الكبيرة والقنوات العامة. رغم أن تليجرام لا يقدم تشفيرًا من الطرف إلى الطرف بشكل افتراضي في جميع المحادثات، إلا أنه يوفر خيارًا للتشفير الكامل في “المحادثات السرية”.

3. فايبر (Viber):

فايبر هو تطبيق آخر يركز على الأمان، وهو يقدم التشفير الكامل للمكالمات والرسائل. كما يتيح للمستخدمين إجراء مكالمات دولية ومشاركة الملفات بسهولة.

5. ماذا يعني حذف واتساب من منظور شخصي؟

إذا كنت ستقرر حذف واتساب، سيكون من المهم أن توازن بين المخاوف الأمنية و التأثيرات الاجتماعية. قد تواجه تحديات في الحفاظ على الاتصال مع بعض الأفراد أو المجموعات التي تعتمد بشكل رئيسي على التطبيق، وبالتالي قد تحتاج إلى التبديل إلى تطبيقات أخرى التي قد لا تكون شائعة بنفس القدر.

لكن من الناحية الأخرى، إذا كنت تشعر أن الأمان والخصوصية أهم من الوصول السريع لرسائل العمل أو الأصدقاء، فإن حذف واتساب سيكون خطوة في الاتجاه الصحيح. كما أن هناك مزايا أخرى في التبديل إلى تطبيقات أكثر أمانًا، بما في ذلك إمكانية التحكم الكامل في بياناتك.

6. ختامًا:

سواء قررت الاحتفاظ بتطبيق واتساب أو حذفه، يبقى من المهم أن تكون لديك الوعي الكافي بكيفية إدارة خصوصيتك على الإنترنت. قد يكون من المفيد أيضًا مراجعة إعدادات الخصوصية الخاصة بك داخل واتساب، مثل التحكم في من يستطيع رؤية صورتك الشخصية أو حالتك. بالإضافة إلى ذلك، النظر في تغيير التطبيقات التي تعتمد عليها قد يساعد في تحسين مستوى الأمان والخصوصية الذي تريده.

الأمر في النهاية يعود إلى تفضيلاتك الشخصية، وأنت من يقرر ما إذا كنت مستعدًا للمجازفة أو إذا كان لديك بديل آخر يوفر لك راحة البال.