في عمق شوارع هافانا المركزية، وبعيدًا عن حشود السياح الذين يتوافدون عبر شارع برادو العريض، وخارج نطاق برنامج الثورة البلوري الذي فرضه كاسترو على مدى 43 عامًا، تنعقد كوبا بشكل موازٍ – تطور منفصل لشعب يكافح من أجل البقاء. يقدم الصحفي بن كوربيت في قصص شخصية تصور شعبًا مزق بين اتباع توجيهات حكومتهم وبين السعي نحو تحسين أوضاعهم، ويطرح السؤال: هل هؤلاء المعتبرين مجرمين من قبل نظام كاسترو فعلًا مجرمون، أم هم ببساطة ناجون بحيلة من ما يعتبره الكثيرون من الكوبيين خطأً استمر لمدة أربعين عامًا؟ فهم نوع من التناقضات المتشابكة التي أسفرت عن خليط غريب من رأس المال الأمريكي واقتصاد سوق سوداء محلي.
في زمن تمشي فيه كوبا على حافة الهاوية بين الاشتراكية والرأسمالية، ينجح كتاب “هذه هي كوبا” في الوصول إلى جوهر هذه الثقافة المسماة بالمجرمين، حيث يأخذ القراء إلى غرف المعيشة وأسطح البنايات والحدائق وشوارع المدينة ليستمعوا إلى قصص الإحباط والأمل والبقاء. ومع تحديثه بمقدمة جديدة، يسلط الضوء على تلك الثقافة الشاملة التي تتجاوز المظاهر السطحية وتتعمق في نسيج المجتمع الكوبي.
“هذه هي كوبا” ليس مجرد كتاب سفر عادي، بل هو استكشاف عميق لثقافة واقتصاد وحياة يومية مختلفة عما يُظهره الوجه الرسمي لكوبا. وبفضل سرده الشيق والمعلومات الموثقة التي يقدمها، يعتبر الكتاب مصدرًا قيمًا لفهم عميق لهذه الجزيرة وشعبها، وللتفاعلات المعقدة بين الفرد والدولة والمجتمع.