في كتاب “نيويورك المشرَّدة إلى نصفين: تأريخ حضري”، يقدم المؤلف جويل روز للقراء رحلة فريدة إلى عام 1824 حيث عاش سكان مدينة نيويورك لحظات حرجة بعد عودتهم من أرجاء غرينيتش فيليج، هربًا من وباء الحمى الصفراء الذي كاد أن يفني سكان المدينة البالغ عددهم 150,000 نسمة. كانت هذه فترة اقتصادية صعبة، حيث أدى الانكماش الاقتصادي الأخير إلى فقدان الكثير من عمّال المدينة لوظائفهم. كما كانت ذلك فترة من السذاجة المتفاقمة، حيث بدأت الصحف في فهم أن الإثارة تبيع، سواء كانت حقيقة أم كذب، مما أفسح المجال أمام موجة من الأكاذيب.
وفي هذا السياق، قام رجلان يتمتعان بسمعة جيدة بنشر شائعة مفادها أن جزءًا من مانهاتن كان يغرق في الميناء بسبب التطوير الزائد في أقصى جنوب المدينة. وكان الجميع يستمع بانتباه شديد، حيث ادعوا هؤلاء الرجلان أنهما تم إرسالهما لإنقاذ مانهاتن من الهلاك الحتمي. فكرتهم كانت غريبة: قطع نيويورك إلى نصفين، سحبها إلى البحر، تدويرها، ثم إعادة ربطها بالبر الرئيسي عند كينجزبريدج. هل كانت هذه الفكرة بعيدة المنال؟ لا، ليس في ذلك الوقت الذي كان فيه يتم حفر نهر عبر الجبال لإنشاء قناة إيري. إن إمكانيات الهندسة الرائعة جعلت أي شيء ممكنًا.
وهكذا يبدأ الكتاب رواية أعظم خدعة تم لعبها على سكان مدينة نيويورك. يقدم للقارئ لمحات تاريخية رائعة، حيث تتداخل الأحداث الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ويظهر كيف يمكن للأخبار الزائفة أن تؤثر بشكل كبير على قرارات الناس وسلوكهم.
يتناول الكتاب العديد من الجوانب المثيرة للفضول في تاريخ نيويورك، مما يجعله قراءة مثيرة وتعليمية للغاية. يمزج روز بين السرد الجذاب والبحث التاريخي الدقيق، مما يمنح القارئ فهمًا عميقًا لهذه الحقبة الزمنية المذهلة. صدر الكتاب عن دار نشر بلومزبري يو إس إيه في مايو من عام 2001، ويعتبر إضافة قيمة لأي مكتبة تهتم بتاريخ المدن والأحداث الفريدة التي شكلت تطور نيويورك.