نقص حركة الجنين في الشهر الثامن

نقص حركة الجنين في الشهر الثامن: الأسباب، التشخيص، والعلاج

تعتبر حركة الجنين داخل رحم الأم من أبرز المؤشرات التي تقيم من خلالها الصحة العامة للجنين طوال فترة الحمل. ومن بين أشهر المخاوف التي قد تواجه الأم الحامل هي نقص حركة الجنين في الشهر الثامن من الحمل، وهي مرحلة مهمة تسبق اقتراب موعد الولادة. يحدث خلال هذا الشهر الكثير من التغيرات التي تؤثر في الجنين والأم على حد سواء. فقد يلاحظ البعض أن حركة الجنين تقل أو تصبح غير منتظمة في هذه الفترة، مما قد يسبب القلق لدى الأم. في هذا المقال، سنتناول أسباب نقص حركة الجنين في الشهر الثامن من الحمل، وكيفية تشخيص هذه الحالة، إضافة إلى الخيارات العلاجية المتاحة.

1. مفهوم حركة الجنين في الشهر الثامن من الحمل

يبدأ الجنين في التحرك في رحم أمه منذ بداية الأسبوع العشرين من الحمل، وقد تختلف قوة هذه الحركات من حمل لآخر. عادةً ما تشعر الأم بحركات الجنين بشكل متكرر بدءًا من الأسبوع 25 إلى 28، ولكن في الشهر الثامن، قد تكون الحركة أكثر وضوحًا بسبب اكتمال نمو الجنين.

في الشهر الثامن من الحمل، يبدأ الجنين في التكيف مع محدودية المساحة المتاحة في رحم الأم. وبالرغم من أن حركات الجنين قد تصبح أقل تكرارًا مقارنةً ببداية الحمل، فإنها تكون عادةً أكثر قوة ووضوحًا. قد يشعر الجنين بالضيق في بعض الأحيان، مما يؤثر على نوعية حركة الجنين.

2. أسباب نقص حركة الجنين في الشهر الثامن

تعد ملاحظة نقص حركة الجنين في الشهر الثامن من الحمل أمرًا يستدعي اهتمامًا خاصًا، وقد يكون ناتجًا عن عدة عوامل، منها:

أ. تغيرات في المساحة المتاحة للجنين

مع اقتراب موعد الولادة، يزداد حجم الجنين بشكل ملحوظ، بينما تقل المساحة المتاحة له في رحم الأم. في هذه المرحلة، قد يصبح الجنين أقل قدرة على التحرك بحرية، ما يؤدي إلى شعور الأم بتقليل حركة الجنين. هذا التغيير في الحركة قد يكون طبيعيًا ولا يستدعي القلق.

ب. الوضعية التي يتخذها الجنين

عند اقتراب موعد الولادة، يبدأ الجنين في التحرك نحو وضعية الولادة، وهي عادةً وضعية رأس الجنين إلى الأسفل. في بعض الحالات، قد يتخذ الجنين وضعًا معينًا داخل الرحم لا يسمح له بالحركة بشكل كامل، مما يجعل الحركات أقل وضوحًا أو أقل تكرارًا.

ج. الزيادة في حجم الجنين

تتزايد كمية السوائل الأمينية في الرحم مع تقدم الحمل، ولكن هذا الزيادة قد تؤدي إلى تقييد حركة الجنين. إذا كان الجنين أكبر من المعتاد، فقد يكون ذلك سببًا في صعوبة تحركه بشكل حر.

د. نقص الأوكسجين

أحد الأسباب الخطيرة التي قد تؤدي إلى نقص حركة الجنين في الشهر الثامن هو نقص كمية الأوكسجين المتوفرة للجنين. قد يتسبب ذلك في قلة النشاط الحركي للجنين بسبب تأثيرات الأوكسجين على جهازه العصبي.

هـ. الحالات الصحية للأم

بعض الحالات الصحية التي تعاني منها الأم قد تؤثر بشكل مباشر على حركة الجنين. على سبيل المثال، مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم يمكن أن يؤثر على تدفق الدم إلى المشيمة، مما يؤثر بدوره على صحة الجنين وحركته.

و. الالتهابات والعدوى

يمكن أن تؤدي بعض الالتهابات في الرحم أو المناطق المحيطة به إلى التأثير على حركة الجنين. قد تكون هذه العدوى ناتجة عن أمراض مثل التهاب المسالك البولية أو غيرها من الأمراض التي تؤثر على صحة الجنين.

3. كيفية تشخيص نقص حركة الجنين

يتم تشخيص نقص حركة الجنين بناءً على ملاحظة الأم لحركة الجنين وتقييم الأطباء للمسائل المتعلقة بصحة الأم والجنين. وفيما يلي بعض الطرق المستخدمة للتشخيص:

أ. التقييم الذاتي لحركة الجنين

توصي بعض المراكز الصحية الأمهات بتسجيل عدد حركات الجنين خلال اليوم، خاصة في الأسابيع الأخيرة من الحمل. إذا لاحظت الأم نقصًا ملحوظًا في الحركة مقارنةً بالأيام السابقة، فيجب استشارة الطبيب لتقييم الوضع. قد تطلب الأم متابعة حركة الجنين في فترات زمنية محددة.

ب. فحص السونار (الأشعة فوق الصوتية)

يعتبر فحص السونار من الأدوات الأساسية لتقييم حركة الجنين داخل الرحم. يساعد السونار في تحديد ما إذا كان الجنين في وضعية طبيعية أم لا، بالإضافة إلى قياس كمية السائل الأمينيوسي وتقييم تدفق الدم إلى المشيمة. يمكن أيضًا مراقبة النشاط الحركي للجنين من خلال فحص السونار في بعض الحالات.

ج. مراقبة نبضات قلب الجنين

من خلال جهاز مراقبة نبضات قلب الجنين (CTG)، يمكن للطبيب تقييم استجابة الجنين للتغيرات في حركة جسمه وحالته الصحية. يتضمن هذا الفحص متابعة النشاط الكهربائي للقلب ومدى استجابته للحركات، مما يعطي مؤشرًا عن صحة الجنين.

د. اختبارات أخرى مثل فحص Doppler

في بعض الحالات، قد يستخدم الطبيب جهاز دوبلر لفحص تدفق الدم في الأوعية الدموية المشيمية وأوعية الجنين. يساعد هذا الفحص في تحديد ما إذا كان هناك نقص في تدفق الدم أو نقص في الأوكسجين.

4. خيارات العلاج والتدخلات الطبية

يجب على الأم الحامل استشارة الطبيب في حال لاحظت أي تغييرات غير طبيعية في حركة الجنين. في حال تم تشخيص نقص الحركة، قد يتبع الطبيب بعض الإجراءات والتدابير الطبية للتأكد من صحة الجنين.

أ. مراقبة مستمرة لحالة الجنين

إذا كانت حركة الجنين أقل من المعتاد، فقد يوصي الطبيب بمتابعة مكثفة لحالة الجنين عبر إجراء فحوصات متكررة لمراقبة تطور حالة الجنين. قد تتضمن هذه المراقبة فحص نبضات قلب الجنين بانتظام باستخدام جهاز المراقبة.

ب. تحفيز حركة الجنين

في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب بتحفيز حركة الجنين عبر إعطاء الأم بعض المحفزات مثل تناول طعام أو مشروب بارد، مما قد يساعد الجنين على التحرك أكثر. يمكن أيضًا أن يتم تحفيز الحركة من خلال قيام الأم ببعض الأنشطة البسيطة مثل تغيير وضعيتها أو المشي.

ج. إجراءات طبية إضافية

إذا كانت نتائج الفحوصات تشير إلى وجود مشكلة صحية تؤثر على حركة الجنين مثل نقص الأوكسجين أو قلة تدفق الدم، فقد يتخذ الطبيب إجراءات إضافية مثل استخدام الأدوية لتحسين تدفق الدم إلى المشيمة أو حتى التوصية بالولادة المبكرة إذا كانت الحالة تستدعي ذلك.

5. متى يجب القلق بشأن نقص حركة الجنين؟

تعتبر فترة الشهر الثامن من الحمل واحدة من الفترات الحساسة التي يجب مراقبتها بدقة. نقص حركة الجنين في هذه الفترة قد يكون علامة على مشكلة صحية قد تحتاج إلى علاج فوري. ومن الأمور التي يجب الانتباه لها:

• حدوث توقف تام لحركة الجنين لفترة طويلة

• تقلصات مؤلمة أو غير طبيعية مع نقص الحركة

• تغير مفاجئ في طبيعة حركة الجنين (مثل أن تصبح الحركة أقل أو غير منتظمة)

في مثل هذه الحالات، من الضروري مراجعة الطبيب فورًا لتقييم حالة الجنين.

6. الخاتمة

تعد مراقبة حركة الجنين في الشهر الثامن من الحمل جزءًا أساسيًا من متابعة صحة الجنين. ورغم أن نقص حركة الجنين قد يكون أمرًا طبيعيًا في بعض الأحيان نتيجة لتغيرات المساحة أو وضع الجنين، إلا أن الحالات الأكثر خطورة تتطلب متابعة طبية حثيثة. في حال حدوث أي تغييرات ملحوظة في حركة الجنين، يجب على الأم استشارة الطبيب فورًا للاطمئنان على صحة الجنين وضمان سلامته.