نساء الفضاء المنسيات

مقال عن فيلم “Mercury 13”

فيلم Mercury 13 هو فيلم وثائقي أمريكي من إنتاج عام 2018 أخرجه كل من ديفيد سينغتون وهيذر والش. يعرض الفيلم قصة مجموعة من النساء الأمريكيات اللاتي خضعن لاختبارات صارمة في عام 1961 ليصبحن رائدات فضاء، لكنه يكشف عن تهميشهن عندما تقرر وكالة ناسا أن يتم اختيار الرجال فقط للرحلات الفضائية. يعكس الفيلم قسوة التمييز الجنسي الذي تعرضت له هؤلاء النساء، وكيف تم استبعادهن من فرصة تاريخية كان من الممكن أن تُغير مجرى التاريخ الفضائي. مع مرور الوقت، يظهر الفيلم أهمية وقوة الإرادة والمرونة التي أظهرتها هؤلاء النساء في مواجهة التحديات التي واجهتهن.

خلفية الفيلم

تم تصوير Mercury 13 ليحكي قصة تاريخية لم تُروَ من قبل، وتستعرض مشاعر وأحداث حياة النساء اللاتي اجتزن اختبارات صارمة في عام 1961. هذه الاختبارات كانت تهدف إلى تحديد من يستطيع أن يصبح رائد فضاء. وعلى الرغم من قدراتهن العالية ومهاراتهن المتميزة، تم استبعاد هؤلاء النساء في نهاية المطاف لمجرد أنهن من الإناث، حيث كان يُعتقد في ذلك الوقت أن الرجال فقط هم من يمكنهم تحمل الظروف القاسية للفضاء.

كان اختبار “Mercury 13” جزءًا من مشروع “Mercury” التابع لناسا، والذي كان يهدف لاختيار أول مجموعة من رواد الفضاء الأمريكيين. لكن على الرغم من أن النساء اجتزن نفس الاختبارات التي مر بها الرجال، تم اختيار الرجال فقط للانضمام إلى هذا البرنامج التاريخي. هذا التمييز القاسي أصبح نقطة محورية في الفيلم، الذي يسعى للكشف عن الظروف التي منعتهن من تحقيق أحلامهن في السفر إلى الفضاء.

التمييز ضد النساء

تدور أحداث الفيلم حول رفض النساء اللاتي اجتزن اختبارات رواد الفضاء بسبب جنسهن. فبعد أن أتممت النساء اختبار “Mercury 13″، الذي كان يعد من أصعب الاختبارات التي خضع لها رواد الفضاء في تاريخ ناسا، تم استبعادهن بناءً على فرضية أن النساء غير قادرات على تحمل الصعوبات النفسية والجسدية للفضاء.

كان من بين هؤلاء النساء العديد من الطيارات المدربات والمتمرسات مثل جيري كوهن وكارول كيربي وغيرهن. وعلى الرغم من تفوقهن في الاختبارات، أُخذ القرار من قبل اللجنة في وكالة ناسا بأن الرجال فقط هم من سيخوضون تجربة الفضاء. كان هذا القرار يشير إلى النظرة النمطية السائدة في ذلك الوقت التي كانت تقلل من قدرة المرأة على أداء المهام التي اعتُبرت صعبة أو غير مناسبة لها.

تأثير الفيلم

يقدم Mercury 13 رؤية هامة حول حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين. من خلال استعراض التاريخ الشخصي والتجربة التي مر بها هؤلاء النساء، يسلط الفيلم الضوء على الصعوبات التي واجهنها في مجتمع كان لا يزال يعاني من مواقف تقليدية تجاه النساء.

يحاول الفيلم ليس فقط توثيق القصة، بل أيضًا إلهام الأجيال القادمة من النساء ليشجعن على متابعة أحلامهن، بغض النظر عن العقبات التي قد تعترضهن. وهذا يمكن أن يكون مصدر إلهام ليس فقط للنساء، ولكن أيضًا للرجال الذين يؤمنون بالمساواة والفرص العادلة للجميع.

التفاعل مع الجمهور

عرض الفيلم لأول مرة في مهرجان “صندانس” السينمائي لعام 2018، وهو يعكس تأثيرًا إيجابيًا على الجمهور والمشاهدين حول العالم. تلقى Mercury 13 إشادة كبيرة لما له من تأثير قوي في تسليط الضوء على قضايا المرأة في مجال العلوم والتكنولوجيا. كما أنه قد أعاد إلى الأذهان قضية المساواة بين الجنسين في مجالات تعتبر تقليديًا مهيمنة من قبل الرجال.

الفيلم يركز على حقيقة أن النساء لديهن نفس القدرة على تحقيق النجاح في مجالات لم يكن يُسمح لهن فيها. بالإضافة إلى ذلك، استعرض الفيلم كفاح هؤلاء النساء وأثرهن المستمر في المجتمع.

الخاتمة

Mercury 13 ليس مجرد فيلم وثائقي عادي، بل هو بمثابة شهادة تاريخية على نضال النساء من أجل المساواة في مجال الفضاء. يعرض الفيلم بصدق عميق كيف أن النساء، على الرغم من تفوقهن في اختبارات الفضاء، قد تم تهميشهن بسبب الجنس. ولكن في النهاية، فإن إرادة هؤلاء النساء وحلمهن في الوصول إلى الفضاء لم يُمحَ، بل أصبح مصدر إلهام للعديد من الأشخاص حول العالم الذين يواصلون النضال من أجل المساواة والفرص العادلة.

من خلال قصة هؤلاء النساء، يصبح من الواضح أن تقدمنا كبشر لا يتحقق إلا عندما نُعطي كل شخص، بغض النظر عن جنسه، الفرصة لتحقيق إمكانياته كاملة. Mercury 13 يظل تذكيرًا مستمرًا بأن الاستحقاق لا يعتمد على الجنس، بل على القدرة والإرادة.