نزيف أسفل الملتحمة: الأسباب، التشخيص، والعلاج

نزيف أسفل الملتحمة هو حالة طبية تحدث عندما تتجمع الدماء تحت طبقة الملتحمة الشفافة التي تغطي الجزء الأبيض من العين (الصُلبة). تظهر هذه الحالة بشكل واضح حيث يتحول الجزء الأبيض من العين إلى اللون الأحمر أو الوردي بسبب تجمع الدم تحت الملتحمة. على الرغم من أن هذا النزيف يثير القلق لدى العديد من الأشخاص بسبب مظهره المفاجئ، إلا أنه غالبًا ما يكون حميدًا ولا يؤثر على الرؤية أو صحة العين بشكل عام. مع ذلك، من الضروري فهم أسباب حدوثه وطرق التعامل معه لضمان التشخيص السليم والوقاية من مضاعفاته في الحالات النادرة.

تعريف الملتحمة ووظيفتها

الملتحمة هي غشاء رقيق شفاف يغطي الجزء الأبيض من العين ويغطي الجفن الداخلي. تعمل الملتحمة على حماية العين من الغبار والميكروبات وتساعد في ترطيب العين بالحفاظ على طبقة رقيقة من الدموع. تحت الملتحمة توجد أوعية دموية دقيقة جدًا، وعندما تنفجر هذه الأوعية بسبب عوامل مختلفة، يحدث تجمع الدم الذي يسمى نزيف تحت الملتحمة.

طبيعة نزيف أسفل الملتحمة

نزيف تحت الملتحمة عادة ما يكون محدود الحجم ومحصورًا في منطقة العين، ولا يمتد إلى الأنسجة الأخرى. اللون الأحمر المميز يأتي من تجمع الدم الذي لا يمتزج مع الدموع أو ينتشر خارج المنطقة المغطاة بالملتحمة. عادةً ما يكون النزيف غير مؤلم، ولا يصاحبه أعراض بصرية مثل تغير في حدة النظر أو ألم داخل العين.

تبدأ الأوعية الدموية الدقيقة في التمزق، مما يسمح بتسرب الدم إلى الحيز بين الملتحمة والعين. يتم امتصاص الدم تدريجيًا خلال فترة تتراوح بين أيام إلى أسابيع، ويعود لون العين إلى طبيعته تدريجيًا دون الحاجة إلى تدخل طبي في معظم الحالات.

الأسباب والعوامل المؤدية لنزيف أسفل الملتحمة

تختلف أسباب نزيف الملتحمة بين حالات بسيطة وأخرى معقدة، وتشمل الأسباب الشائعة ما يلي:

1. الإصابات والرضوض

يعد تعرض العين لصدمة مباشرة من أكثر الأسباب شيوعًا لنزيف الملتحمة، سواء نتيجة احتكاك مفاجئ أو اصطدام بجسم صلب. الرضوض تسبب تمزق الأوعية الدموية الدقيقة تحت الملتحمة وظهور النزيف.

2. زيادة الضغط داخل العين

الزيادة المفاجئة في الضغط داخل العين أو حولها تؤدي إلى تمزق الأوعية الدموية. مثل رفع أحمال ثقيلة، العطس القوي، السعال الشديد، أو التقيؤ المتكرر. هذه الحركات تسبب ضغطًا مفاجئًا على الأوعية الدموية الرقيقة، مما يؤدي إلى نزيف الملتحمة.

3. الأمراض المزمنة والحالات الطبية

• ارتفاع ضغط الدم: من أكثر الأمراض المرتبطة بنزيف الملتحمة، حيث يزيد ضغط الدم المرتفع من قابلية الأوعية الدموية للتمزق.

• مرض السكري: يؤثر على الأوعية الدموية ويزيد من احتمال حدوث نزيف.

• اضطرابات تخثر الدم: مثل نقص الصفائح الدموية أو اضطرابات النزيف الوراثية تؤدي إلى سهولة حدوث نزيف في الأنسجة الرقيقة كالعين.

4. العدسات اللاصقة

استخدام العدسات اللاصقة لفترات طويلة أو بشكل خاطئ قد يؤدي إلى تهيج الملتحمة وتمزق أوعية دموية صغيرة، مما يسبب النزيف.

5. التهابات العين

التهابات الملتحمة الحادة قد تؤدي إلى التهاب وتوسع الأوعية الدموية، ومن ثم احتمال تمزقها وحدوث نزيف.

6. جراحات العين أو الفحوصات الطبية

بعض الإجراءات الطبية داخل العين، مثل فحوصات الضغط داخل العين أو العمليات الجراحية، قد تسبب تمزق الأوعية الدموية وحدوث نزيف الملتحمة.

7. أسباب أخرى

• التعرض للمواد الكيميائية المهيجة للعين.

• الحالات المزمنة التي تؤثر على الأوعية الدموية، مثل التهاب الأوعية الدموية.

• اضطرابات في الدم أو استخدام أدوية مميعة للدم.

التشخيص

يعتمد التشخيص في الغالب على الفحص السريري المباشر للعين بواسطة طبيب العيون. يستخدم الطبيب أدوات مثل المصباح الشقي (Slit Lamp) لفحص الملتحمة وتحديد حجم النزيف ومصدره. في معظم الحالات، يكون التشخيص واضحًا ولا يحتاج إلى فحوصات إضافية.

مع ذلك، إذا كان النزيف متكررًا أو مرتبطًا بأعراض أخرى مثل ألم، تغير في الرؤية، أو وجود دم في أماكن أخرى من الجسم، فقد يطلب الطبيب إجراء تحاليل دم لفحص تخثر الدم، أو قياس ضغط الدم، وربما تصوير بالأشعة أو التصوير المقطعي للعين في حالات خاصة.

الأعراض المصاحبة لنزيف أسفل الملتحمة

• ظهور بقعة حمراء واضحة على الجزء الأبيض من العين.

• عدم وجود ألم في معظم الحالات.

• غياب أو قلة أعراض التهاب مثل الحكة أو الافرازات.

• قد يصاحب النزيف في بعض الحالات شعور بعدم الراحة أو احتقان خفيف في العين.

• عدم تأثير النزيف على حدة الإبصار أو حركة العين.

مضاعفات نزيف أسفل الملتحمة

نزيف الملتحمة عادةً لا يسبب مضاعفات خطيرة. إلا أنه في حالات نادرة، خاصة إذا كان مرتبطًا بإصابات عميقة أو أمراض مزمنة، قد تظهر مشاكل مثل:

• تمدد النزيف إلى أجزاء أخرى من العين.

• التهاب الملتحمة أو العين.

• في حالات النزيف المتكرر، قد يشير إلى مشكلة صحية تحتاج علاجًا متخصصًا.

العلاج والإدارة

في أغلب الحالات، لا يحتاج نزيف أسفل الملتحمة إلى علاج طبي محدد، إذ يتم امتصاص الدم تدريجيًا خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. مع ذلك، هناك بعض التوصيات التي تساعد في تسريع الشفاء وتقليل فرص تكرار النزيف:

الراحة وتجنب الإجهاد

الابتعاد عن الأنشطة التي تسبب زيادة الضغط داخل العين أو رفع الأحمال الثقيلة.

استخدام قطرات العين

قد يصف الطبيب قطرات مرطبة للعين لتخفيف الاحتقان والتهيجات. في بعض الحالات، قد تستخدم قطرات تحتوي على مضادات للالتهاب.

مراقبة الحالة

مراقبة تطور النزيف مع مراجعة الطبيب إذا استمر أكثر من ثلاثة أسابيع، أو إذا زادت الأعراض أو ظهرت أعراض جديدة مثل ألم أو تغير في الرؤية.

علاج الأسباب الأساسية

في حال كان النزيف مرتبطًا بمرض مثل ارتفاع ضغط الدم أو اضطرابات تخثر الدم، يجب معالجة هذه الحالات بشكل فعال لتجنب تكرار النزيف.

الوقاية

• تجنب الإصابات المباشرة للعين وارتداء نظارات حماية عند الحاجة.

• ضبط ضغط الدم والسكري والسيطرة على الأمراض المزمنة.

• استخدام العدسات اللاصقة بطريقة صحيحة وتنظيفها جيدًا.

• الحفاظ على نظافة العين وتجنب مهيجات العين الكيميائية أو البيئية.

مقارنة بين نزيف أسفل الملتحمة وأنواع نزيف العين الأخرى

للتفريق بين نزيف الملتحمة وأنواع أخرى من نزيف العين، يمكن الاعتماد على مكان النزيف وسبب حدوثه، وفيما يلي جدول يلخص الفروق:

الخلاصة

نزيف أسفل الملتحمة حالة شائعة تحدث نتيجة تمزق الأوعية الدموية الصغيرة تحت الملتحمة. على الرغم من مظهرها المقلق، فهي غالبًا حالة حميدة ولا تؤثر على صحة العين أو الرؤية. الأسباب متعددة تشمل الإصابات، الارتفاع المفاجئ لضغط الدم داخل العين، وبعض الأمراض المزمنة. التشخيص عادة يتم عبر الفحص السريري البسيط، ولا تحتاج معظم الحالات إلى علاج خاص، إذ يُمتص الدم تلقائيًا خلال فترة زمنية قصيرة. ومع ذلك، فإن مراجعة الطبيب ضرورية في حالة استمرار النزيف أو ظهوره بشكل متكرر، أو وجود أعراض أخرى تشير إلى مشاكل صحية أكثر تعقيدًا.

تُعد الوقاية عن طريق السيطرة على الأمراض المزمنة والحماية من الإصابات واتباع تعليمات استخدام العدسات اللاصقة من أهم السبل للحفاظ على صحة العين ومنع حدوث نزيف الملتحمة.