نجولو كانتي: نجم التواضع والإنجاز

نجولو كانتي: النجم الفرنسي الذي سطع في سماء كرة القدم

منذ ظهوره على الساحة العالمية، أصبح نغولو كانتي أحد أبرز لاعبي كرة القدم في العالم. يحمل هذا اللاعب الفرنسي، الذي يتمتع بأسلوب لعب متوازن، إرثًا رياضيًا استثنائيًا على المستويين المحلي والدولي، ليصبح نموذجًا يحتذى به للعديد من الشباب الذين يطمحون للوصول إلى قمة اللعبة. بدأ مسيرته في ملاعب كرة القدم بأبسط الطرق، لكن مع مرور الوقت، أظهر براعته الفائقة التي قادته إلى أن يصبح واحدًا من أهم الأسماء في تاريخ كرة القدم الفرنسية، بل والعالمية.

نشأته وبداياته في كرة القدم

وُلد نغولو كانتي في 29 مارس 1991 في العاصمة الفرنسية باريس، لأسرة مهاجرة من مالي. نشأ في ضاحية “كليشي” في باريس، وهو حي يعاني من قلة الموارد وفرص التعليم والرياضة. ومع ذلك، كانت كرة القدم هي المخرج الوحيد الذي منحته فرصة تحقيق شيء مختلف في حياته. بدأ كانتي ممارسة كرة القدم في سن مبكرة، وكان يلعب مع فرق الأحياء قبل أن ينتقل إلى الفرق الصغيرة.

قبل أن ينال شهرة واسعة في الملاعب الفرنسية، كان كانتي يلعب في فرق محلية غير مشهورة في دوري الدرجة الخامسة الفرنسي. في تلك الأيام، كان طموحه أكبر من مجرد اللعب في أندية صغيرة. كان يتطلع إلى تحقيق النجاح في كرة القدم الاحترافية. تمكن بسرعة من إثبات نفسه بفضل مهاراته الاستثنائية، وفي عام 2010، انتقل إلى نادي “بواتييه” في دوري الدرجة الثالثة الفرنسي.

الانتقال إلى الدوري الفرنسي

بعد فترة قصيرة في بواتييه، انتقل كانتي إلى نادي “كان” في دوري الدرجة الأولى الفرنسي، حيث بدأت مسيرته الاحترافية في الظهور بشكل جلي. في نادي كان، كان يلعب دورًا محوريًا في خط الوسط، وكان يتميز بقدرته على قطع الكرات، والركض بلا كلل في الملعب، بالإضافة إلى رؤيته الاستراتيجية في التمرير.

خلال موسمه الأول مع “كان”، أصبح كانتي من اللاعبين البارزين في الدوري الفرنسي. وبفضل أدائه المتميز في موسم 2014-2015، جذب أنظار الأندية الكبرى، مما ساعده في الانتقال إلى نادي ليستر سيتي الإنجليزي في عام 2015.

التميز في الدوري الإنجليزي

انتقل نغولو كانتي إلى ليستر سيتي في خطوة هامة شكلت نقطة فارقة في مسيرته. في أول موسم له مع الفريق الإنجليزي، قدم أداءً مذهلاً، حيث قاد الفريق لتحقيق المفاجأة الكبرى في الدوري الإنجليزي الممتاز، بفوزه بلقب البريميرليغ لأول مرة في تاريخه.

على الرغم من أن الفريق لم يكن يعتبر من الأندية الكبرى في إنجلترا قبل ذلك الموسم، إلا أن تألق كانتي في خط الوسط كان السبب الرئيس وراء هذه القفزة التاريخية. تمكن كانتي من تقديم أداء متكامل في كل مباراة، وفرض نفسه كأحد أفضل لاعبي خط الوسط في العالم. بفضل قدراته الفائقة على الاستحواذ على الكرة، وإيقاف الهجمات، والتمريرات الدقيقة، حظي بمدح وإعجاب النقاد والجماهير على حد سواء.

لم يكن فوز ليستر سيتي بالدوري الإنجليزي هو الحد الأقصى لما يمكن أن يحققه كانتي، بل سرعان ما انتقل إلى أحد الأندية الكبرى في إنجلترا في صيف 2016، عندما وقع عقدًا مع تشيلسي.

التألق مع تشيلسي

في تشيلسي، استمر كانتي في تقديم مستويات مذهلة. كان انتقاله إلى النادي اللندني خطوة منطقية في مسيرته، حيث كانت تتماشى مع مهاراته في تقديم أفضل أداء مع الفرق الكبرى. في موسمه الأول مع تشيلسي (2016-2017)، استطاع كانتي أن يساهم بشكل كبير في فوز الفريق بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز.

عمل كانتي جنبًا إلى جنب مع لاعبين آخرين في وسط الملعب مثل سيزار أزبيليكويتا وميشي باتشواي، ليشكلوا وحدة متناغمة في صفوف الفريق. في هذا الموسم، أصبح كانتي أحد النجوم الأوائل في الدوري الإنجليزي، وحصل على العديد من الجوائز الفردية، بما في ذلك جائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز لعام 2017.

ومنذ ذلك الحين، استمر كانتي في إظهار أدائه الرائع، وساهم مع تشيلسي في تحقيق العديد من الإنجازات الأخرى، بما في ذلك فوز الفريق بكأس الاتحاد الإنجليزي، والدوري الأوروبي، ودوري الأبطال في 2021، مما جعل مسيرته مع البلوز مليئة بالنجاحات.

أسلوب لعبه وأثره في المباريات

ما يميز نغولو كانتي عن الكثير من لاعبي كرة القدم الآخرين هو أسلوبه البسيط والمباشر في اللعب. يعتبر كانتي لاعبًا متعدد الجوانب، إذ يستطيع قطع الكرات بفعالية، ويتميز بقدرته الفائقة على الجري لمسافات طويلة، سواء في الهجوم أو الدفاع. على الرغم من قصر قامته نسبيًا، إلا أن لديه قدرة غير عادية على التواجد في المكان المناسب في الوقت المناسب.

كانتي ليس فقط لاعب دفاعي ممتاز، بل أيضًا لديه قدرة على الانطلاق بالكرة وتحريك الهجمات. تتضح مهاراته بشكل خاص في المرات التي يتمكن فيها من استعادة الكرة من خصمه بسرعة ثم يمررها إلى زملائه لخلق فرص هجومية. القدرة على تدمير هجمات الخصوم وإعادة بناء الهجمات بشكل سريع هو ما جعله واحدًا من أفضل لاعبي خط الوسط في العالم في الفترة الأخيرة.

لكن الشيء الذي يجعل كانتي أكثر تميزًا هو تواضعه وشخصيته الهادئة، التي تميزه عن العديد من نجوم كرة القدم الآخرين. على الرغم من النجاحات التي حققها، فإنه يظل بعيدًا عن الأضواء ويترك أداءه على أرض الملعب يتحدث عنه.

مسيرته الدولية مع منتخب فرنسا

تجربة نغولو كانتي مع منتخب فرنسا كانت مليئة بالتحديات والإنجازات. كان من أبرز لاعبي الفريق الفرنسي في كأس العالم 2018 التي أقيمت في روسيا. كان دوره في البطولة أساسيًا في فوز فرنسا بالبطولة العالمية، حيث قدم أداءً رائعًا في خط الوسط، وكان أحد الركائز التي ساعدت المنتخب الفرنسي في الفوز بلقب كأس العالم الثاني في تاريخه.

خلال المسابقة، كان كانتي لاعبًا مميزًا في خط الوسط، حيث أظهر قدرته الكبيرة على قطع الكرات وتنظيم اللعب. لعب دورًا محوريًا في قلب موازين المباريات ضد المنتخبات الكبرى مثل الأرجنتين وبلجيكا. وعلى الرغم من أنه غاب عن بعض المباريات بسبب الإصابة، إلا أن مساهمته في البطولة كانت حاسمة، واستحق عن جدارة أن يكون جزءًا من هذه اللحظة التاريخية للمنتخب الفرنسي.

نجولو كانتي خارج الملعب

بعيدًا عن كرة القدم، يُعرف نغولو كانتي بتواضعه الشديد ورغبته في الابتعاد عن الأضواء. لا يظهر كثيرًا في وسائل الإعلام، ويفضل الحفاظ على خصوصيته. يُعد كانتي مثالًا حيًا للاعبين الذين يركزون على تطوير أنفسهم في مجال الرياضة دون التعلق بالأضواء والشهرة.

نغولو كانتي هو أيضًا لاعب يتمتع بنزاهة كبيرة، ويحرص على تقديم الدعم للمجتمعات التي نشأ فيها. على الرغم من ثروته الشهيرة بفضل مسيرته الرياضية، لم يغير من سلوكه البسيط. يُعتبر قدوة للكثير من الرياضيين بسبب تفانيه في العمل ومهاراته الاستثنائية على أرض الملعب.

الخلاصة

لقد أصبح نغولو كانتي واحدًا من أبرز لاعبي كرة القدم في العالم، ولم يكن وصوله إلى القمة سهلاً. على الرغم من بداياته المتواضعة في الأحياء الفقيرة، استطاع أن يحقق ما لم يحققه الكثيرون، ليصعد إلى قمة العالم بفضل عزيمته وموهبته الكبيرة. كانتي ليس مجرد لاعب كرة قدم، بل هو رمز للنجاح المبني على العمل الجاد والتواضع، وسيظل دائمًا في ذاكرة عشاق كرة القدم على مر الأجيال.