نجم كابيلا: تفاصيل وأسرار النجم الساطع
نجم كابيلا (Capella) هو أحد النجوم البارزة في السماء الليلية، ويعتبر واحدًا من ألمع النجوم في كوكبة ممسك الأعنة (Auriga). يمثل كابيلا نجمًا مزدوجًا رائعًا يتمتع بخواص فيزيائية مدهشة جعلته محط اهتمام علماء الفلك عبر العصور. في هذا المقال، سنلقي نظرة عن قرب على كابيلا من حيث المسافة، اللمعان، الحجم، الحرارة، والفئة الطيفية.
المسافة من الأرض
يقدر علماء الفلك أن نجم كابيلا يقع على بعد حوالي 42.65 سنة ضوئية عن الأرض. تعتبر هذه المسافة قريبة نسبيًا بمقاييس الفضاء الكونية، مما يجعله مرئيًا بوضوح في سماء الأرض، وخاصةً في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. يعتبر كابيلا ضمن النجوم التي تشكل جزءًا من الحزام النجمي المحيط بنا في المجرة، مما يجعله نجمًا مهمًا لدراسة التركيب النجمي القريب.
اللمعان (الضياء)
نجم كابيلا يتميز بلمعان قوي للغاية، حيث يبلغ ضياؤه حوالي 77.9 ضعف ضياء الشمس (L/Lo). هذا يعني أن الطاقة التي يبعثها كابيلا تفوق الشمس بشكل ملحوظ، وهو السبب في تألقه الواضح في السماء. يعود هذا اللمعان العالي إلى أن كابيلا هو نجم في مرحلة متقدمة من حياته الفلكية، حيث يمر بمرحلة العمالقة الحمراء التي تتميز بزيادة في اللمعان نتيجة لتوسع النجم وتغير في طبيعته الداخلية.
الحجم والقطر
نجم كابيلا أكبر بكثير من الشمس من حيث الحجم، حيث يبلغ قطره حوالي 12.06 مرة أكبر من قطر الشمس (R/Ro). هذا التوسع الكبير في حجم كابيلا يعتبر سمة رئيسية للنجوم العملاقة، حيث يؤدي انتهاء احتراق الهيدروجين في نواة النجم إلى تمدده بشكل كبير. بفضل هذا التوسع، يزداد سطح النجم الذي يشع الطاقة الضوئية، مما يساهم في زيادة لمعانه.
درجة الحرارة
رغم حجمه الكبير ولمعانه العالي، فإن درجة حرارة سطح نجم كابيلا تبلغ حوالي 4954 كلفن. هذه الحرارة أقل نسبيًا مقارنة بالشمس، والتي تبلغ درجة حرارة سطحها حوالي 5778 كلفن. انخفاض درجة الحرارة السطحية هو سمة من سمات النجوم العملاقة، حيث يؤدي التوسع في حجم النجم إلى انخفاض طفيف في حرارة السطح مقارنة بالنجوم الأصغر مثل الشمس. ونتيجة لذلك، يبدو نجم كابيلا باللون الأصفر البرتقالي الذي يميزه عن النجوم الأكثر حرارة مثل النجوم البيضاء أو الزرقاء.
الفئة الطيفية
يصنف نجم كابيلا ضمن الفئة الطيفية G8III. تشير الفئة “G” إلى أن كابيلا نجم متوسط الحرارة ويشع في الطيف الأصفر، وهي الفئة نفسها التي تنتمي إليها الشمس (G2V)، رغم أن كابيلا أبرد قليلًا. أما الرقم 8 فيصنف النجم ضمن مرحلة متقدمة من هذه الفئة الطيفية، ويشير الحرف “III” إلى أن كابيلا هو نجم عملاق، أي أنه تجاوز مرحلة النجوم القزمة (مثل الشمس) ودخل مرحلة العمالقة، حيث يستهلك الوقود النووي ببطء أكبر ولكنه يشع بلمعان أعلى.
التطور النجمي لنجم كابيلا
كابيلا هو في الواقع نظام نجمي مزدوج يتكون من نجمين عملاقين، وهما كابيلا Aa وكابيلا Ab، وكل منهما يمر بمرحلة مختلفة من دورة حياة النجوم. كلا النجمين في مرحلة العملاق الأحمر، وهي المرحلة التي تحدث عندما يستهلك النجم الهيدروجين في نواته ويبدأ في حرق عناصر أثقل مثل الهيليوم. في هذه المرحلة، يتمدد النجم وتصبح طبقاته الخارجية أكثر برودة، ولكن يزداد لمعانه نتيجة زيادة حجم سطحه المشع للطاقة.
عند انتهاء مرحلة العملاق الأحمر، من المتوقع أن يخوض كلا النجمين مرحلة جديدة قد تشمل التحول إلى نجم قزم أبيض، حيث سيتوقف الاندماج النووي في النواة وسينهار النجم على نفسه.
أهمية نجم كابيلا في علم الفلك
يعتبر نجم كابيلا مصدرًا مهمًا لدراسة تطور النجوم العملاقة وكيفية انتقالها بين المراحل المختلفة في دورة حياتها. بما أن كابيلا قريب نسبيًا من الأرض، فهو يوفر للعلماء فرصة دراسة عمليات النجوم العملاقة بشكل مفصل واستخدام بياناته لمقارنة التطورات في نجوم مشابهة في المجرات الأخرى. علاوة على ذلك، فإن نظام كابيلا المزدوج يعتبر مثالًا ممتازًا لفهم ديناميكيات الأنظمة الثنائية وكيفية تفاعل النجوم مع بعضها خلال مراحل تطورها.
كابيلا في السماء
يشتهر نجم كابيلا بموقعه البارز في السماء الشمالية. يقع في كوكبة ممسك الأعنة، وهو ثالث ألمع نجم في نصف الكرة الشمالي بعد نجم أركتوروس ونجم فيغا. بفضل بريقه ولمعانه المميز، يمكن رؤية كابيلا بسهولة بالعين المجردة، ويشكل جزءًا من تشكيل نجمي ملفت يجعله دليلًا مهمًا للمراقبين في الليالي الصافية.
الخاتمة
نجم كابيلا هو واحد من أهم النجوم الساطعة في سمائنا، حيث يجمع بين القرب النسبي واللمعان العالي والحجم الكبير. بفضل هذه الخواص، استطاع العلماء أن يتعلموا الكثير عن تطور النجوم العملاقة وكيفية انتقالها بين مراحل الحياة المختلفة. سواء كنت من المهتمين بعلم الفلك أو من مراقبي السماء، فإن كابيلا يقدم دائمًا مشهدًا رائعًا يستحق التأمل والمعرفة.