نجم ريجولوس: الحارس المتألق في كوكبة الأسد
يعتبر نجم ريجولوس (Regulus)، أو كما يُعرف بالعربية بـ”قلب الأسد”، أحد أكثر النجوم شهرة وتألقًا في السماء الليلية، وهو النجم الأبرز في كوكبة الأسد (Leo). يظهر هذا النجم بلونه الأزرق الساطع، مما يجعله من النجوم التي تجذب الأنظار في ليالي السماء الصافية. في هذا المقال، سنستعرض معلومات تفصيلية عن نجم ريجولوس، خصائصه الفلكية، وأهميته في علم الفلك.
الخصائص الفلكية لنجم ريجولوس
1. البعد عن الأرض
يبعد نجم ريجولوس عن الأرض مسافة تُقدر بحوالي 79.47 سنة ضوئية. هذه المسافة تجعله نجمًا قريبًا نسبيًا من مجموعتنا الشمسية، مما يسهل على علماء الفلك دراسته ومراقبة تغيراته. نظرًا لقربه النسبي، يمكن لنجم ريجولوس أن يكون مرئيًا بسهولة حتى من المناطق التي تعاني من تلوث ضوئي بسيط.
2. اللمعان والسطوع
يمتلك نجم ريجولوس لمعانًا قويًا، حيث تبلغ شدة لمعانه حوالي 291.5 ضعف لمعان الشمس. هذا اللمعان الهائل يرجع إلى كونه نجمًا ضخمًا من الفئة الطيفية B، وهو ما يعني أنه يشع كميات كبيرة من الطاقة الضوئية والإشعاع. يُعتبر ريجولوس من بين ألمع النجوم في السماء، ويحتل المرتبة الـ 22 من حيث اللمعان الظاهري.
3. نصف القطر
يبلغ نصف قطر نجم ريجولوس حوالي 3.17 ضعف نصف قطر الشمس. هذه الضخامة تعكس الكتلة الكبيرة للنجم والتي تقدر بحوالي 3.5 ضعف كتلة الشمس، ما يجعله نجمًا ضخمًا نسبيًا، وهو ما يساهم في ارتفاع درجة حرارته الداخلية وزيادة سرعة استهلاك الوقود النووي في قلبه.
4. درجة الحرارة
درجة حرارة سطح نجم ريجولوس تُقدر بحوالي 12485 كلفن، وهي درجة حرارة عالية جدًا مقارنةً بالشمس التي تبلغ درجة حرارتها حوالي 5778 كلفن. هذه الحرارة العالية تعطي النجم لونه الأزرق المميز، وتجعله واحدًا من أكثر النجوم سخونة في السماء الليلية المرئية.
5. الفئة الطيفية
ينتمي نجم ريجولوس إلى الفئة الطيفية B7V. يُشير الحرف “B” إلى أن النجم ينتمي إلى النجوم الزرقاء الساخنة، بينما يشير الرقم “7” إلى موقعه داخل الفئة B من حيث درجة الحرارة واللمعان. أما الحرف “V” فيدل على أن النجم من نوع النسق الأساسي (Main Sequence)، أي أنه في مرحلة الاحتراق النووي المستقر للهيدروجين في نواته.
التكوين والبنية الداخلية
نجم ريجولوس هو جزء من نظام نجمي متعدد، يتألف من أربعة نجوم رئيسية على الأقل، تشكل مجتمعة ما يعرف بالنظام النجمي ريجولوس. يتكون هذا النظام من نجم ريجولوس A، وهو النجم الأساسي، بالإضافة إلى ثلاثة نجوم أقل لمعانًا تُسمى ريجولوس B، C، وD.
يعتبر ريجولوس A النجم الأساسي والأكثر لمعانًا، ويشكل حوالي 90% من كتلة النظام الكلي. هذا النجم هو نجم ثنائي، حيث يدور حوله نجم قزم أبيض صغير، لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، لكنه يؤثر على حركة ريجولوس A من خلال قوة الجذب التي يمارسها.
الدور الثقافي والتاريخي لنجم ريجولوس
لطالما كان لنجم ريجولوس مكانة خاصة في ثقافات الشعوب القديمة. في الأساطير الرومانية والإغريقية، ارتبط هذا النجم بكوكبة الأسد، وهو رمز للقوة والشجاعة. وكان يُعتبر علامة على القيادة والنبل، حيث كان يُستخدم في التنجيم القديم كإشارة إلى الحظ السعيد والمكانة الرفيعة.
في التقاليد العربية، أطلق العرب القدماء على هذا النجم اسم “قلب الأسد”، نظرًا لموقعه المركزي في كوكبة الأسد التي تمثل جسد الأسد في السماء. وكانت له أهمية خاصة في تحديد أوقات السنة الزراعية ورصد حركة النجوم الأخرى.
أهمية ريجولوس في علم الفلك الحديث
في العصر الحديث، لا يزال نجم ريجولوس يحظى باهتمام علماء الفلك. نظراً لكونه نجمًا قريبًا نسبيًا من الأرض، يمكن دراسة خصائصه بدقة باستخدام التلسكوبات الحديثة. تُعد دراسة نجم ريجولوس ونظامه الثنائي فرصة لفهم تطور النجوم الضخمة وتفاعلها مع النجوم المرافقة لها، مثل الأقزام البيضاء.
كما أن دراسة النجم تعطي فهماً أعمق لكيفية تأثير سرعة الدوران العالية على شكل النجم وهيكله الداخلي. يُعتقد أن نجم ريجولوس يدور حول نفسه بسرعة كبيرة جداً، تصل إلى 86% من السرعة الحرجة التي يمكن للنجم تحملها دون أن ينفصل بسبب قوى الطرد المركزي. هذه السرعة الفائقة تجعل النجم مسطحًا عند القطبين وأوسع عند خط الاستواء.
خاتمة
يُعتبر نجم ريجولوس، بخصائصه الفريدة وموقعه المميز، أحد أبرز النجوم في السماء، وله تاريخ طويل من الأهمية الثقافية والعلمية. بفضل لمعانه القوي، وحرارته العالية، وسرعته الدورانية الفائقة، يظل ريجولوس واحدًا من أكثر النجوم إثارةً للاهتمام بين العلماء والهواة على حد سواء. إنه حقاً “قلب الأسد” الذي ينبض في سماء الليل، رمزًا للشجاعة والتألق.