نجم الشِّعرى: خصائص وأسطورة

نجم الشِّعرى: أهميته في السماء وأساطيره في الثقافات المختلفة

يُعد نجم الشِّعرى أحد ألمع النجوم في السماء وأكثرها شهرة بين علماء الفلك وعشاق الفضاء على حد سواء. وهو ليس نجمًا عاديًا في السماء بل يشغل مكانة هامة في ثقافات متعددة وتقاليد قديمة، ما جعله رمزًا للعديد من المفاهيم الأسطورية والعلمية. سوف نتناول في هذا المقال موقع نجم الشِّعرى في السماء، خصائصه الفلكية، وأسطورته عبر العصور.

1. الموقع الفلكي لنجم الشِّعرى

نجم الشِّعرى هو أحد النجوم الأكثر سطوعًا في سماء الليل، ويحتل المرتبة الثانية بين النجوم من حيث السطوع بعد نجم الشعرى اليمانية. ينتمي نجم الشِّعرى إلى الكوكبة المعروفة باسم “الكلب الكبير” (Canis Major)، وهو يبعد عن الأرض بمسافة تُقدّر بحوالي 8.6 سنة ضوئية، ما يجعله من النجوم القريبة نسبيًا.

تم اكتشاف نجم الشِّعرى في العصور القديمة، لكنه لم يكن معروفًا بتفاصيله الفلكية الدقيقة إلا بعد تقدم الفلك الحديث. في السماء، يظهر نجم الشِّعرى في جهة الجنوب الشرقي في فصل الشتاء، مما يجعله من أبرز النجوم التي يمكن ملاحظتها في الليل.

2. خصائص نجم الشِّعرى الفلكية

يعد نجم الشِّعرى من النجوم العملاقة ذات اللون الأبيض المائل إلى الأزرق، ويتميز بحجم كبير مقارنةً بالكواكب والنجوم الأخرى. يُقدّر حجمه بحوالي 25 ضعفًا من حجم شمسنا، أما درجة حرارته فتتراوح بين 17,000 و 30,000 درجة مئوية، ما يجعله أكثر حرارة من الشمس التي تبلغ درجة حرارتها حوالي 5,500 درجة مئوية.

يشع نجم الشِّعرى ضوءًا شديدًا وبسطوع يفوق الشمس بحوالي 25 مرة. يُعتقد أن عمر نجم الشِّعرى يبلغ حوالي 120 مليون سنة فقط، وهو فترة قصيرة نسبيًا بالنسبة لعمر النجوم التي عادةً ما تعيش مليارات السنين. ويُتوقع أن ينفجر نجم الشِّعرى في شكل مستعر أعظم في المستقبل البعيد، مما سيحدث انفجارًا هائلًا.

3. الشِّعرى في الأساطير القديمة

يمتلك نجم الشِّعرى تاريخًا طويلًا في الأساطير والثقافات القديمة. في الأساطير اليونانية، كان يُعتقد أن الشِّعرى هو نجم الكلب الذي يتبعه في السماء، حيث كان جزءًا من أسطورة “أوريون” الصياد الشهير. وفقًا لهذه الأسطورة، كان أوريون يصطاد الكائنات الوحشية بجانب كلبه الفصيح الذي كان يمثله نجم الشِّعرى، ولهذا سُمي بـ “الشِّعرى” نسبةً إلى الكلب.

في الثقافة العربية، كان نجم الشِّعرى يُعرف باسم “الشِّعرى اليمانية” ويعد من النجوم الهامة التي تشير إلى بداية فصل الصيف. كما كان يُعتقد أن ظهور الشِّعرى في السماء يمثل بداية موسم الحر الشديد، حيث يُقال “إذا طلعت الشِّعرى، اشتد الحر”. وقد ارتبط هذا النجم أيضًا بالملاحة في البحار، حيث كان يستخدمه البحارة العرب في تحديد الاتجاهات.

4. نجم الشِّعرى في الحضارات الأخرى

في الحضارات الهندية القديمة، كان نجم الشِّعرى يعتبر جزءًا من مجموعة النجوم التي كانت لها دلالات دينية ونجومية. كان يعتقد أن نجم الشِّعرى هو نجم الرفيق أو “الرفيق الأعلى” في السماوات. كذلك، في بعض التقاليد الصينية، كان يُنظر إلى الشِّعرى باعتبارها نجمًا مهمًا في فلك النجوم حيث كان يُعتقد أنها ترتبط بحكمة الأسلاف.

أما في الحضارة الفرعونية، فقد كان لنجم الشِّعرى دور محوري في تحديد أوقات الزراعة والحصاد، حيث ارتبط بالظهور السنوي لنهر النيل. كان الفراعنة يراقبون ظهور الشِّعرى في السماء لتحديد متى يبدأ موسم الفيضانات الذي كان يعتبر من أهم الفترات الزراعية.

5. دور نجم الشِّعرى في علم الفلك الحديث

اليوم، يُعد نجم الشِّعرى من أبرز النجوم التي يراقبها علماء الفلك باستخدام التلسكوبات المتطورة. بفضل قربه النسبي من الأرض، تمكن العلماء من دراسة خصائصه بشكل أكثر دقة، بما في ذلك فهم تطور النجوم العملاقة وأسطورته في الثقافات المختلفة. كما يساعد نجم الشِّعرى في التقدير المبدئي للمسافات بين النجوم في مجرتنا، مما يعزز فهمنا لبنية الكون.

خاتمة

نجم الشِّعرى هو أكثر من مجرد نقطة ضوء في السماء. فهو جزء من إرث فلكي وثقافي عميق يعكس تفاعل البشر مع السماء عبر العصور. سواء في الأساطير القديمة أو في الدراسات الفلكية الحديثة، يبقى هذا النجم رمزًا هامًا للسعي البشري لفهم الكون من حولنا.