نجم السماك الأعزل (Arcturus): عملاق برتقالي في السماء
مقدمة
نجم السماك الأعزل، المعروف أيضًا باسم Arcturus، هو واحد من ألمع النجوم في سماء الليل وأحد أكثر الأجرام السماوية شهرة وتأثيرًا في تاريخ الفلك. يُعتبر هذا النجم من النجوم العملاقة البرتقالية وينتمي إلى الفئة الطيفية K1.5III، مما يجعله مثالاً رائعًا على النجوم المتطورة التي انتهت من مرحلة النسق الأساسي وأصبحت نجومًا عملاقة.
المسافة
يقع نجم السماك الأعزل على بعد حوالي 36.47 سنة ضوئية من الأرض، وهو ما يعتبر قريبًا نسبيًا مقارنةً بالمسافات الفلكية الشاسعة بين النجوم. هذه المسافة القصيرة نسبيًا تجعل السماك الأعزل يبدو لامعًا جدًا في السماء الليلية، ويحتل المرتبة الرابعة في قائمة ألمع النجوم.
اللمعان
تُعد لمعانية السماك الأعزل من أكثر السمات التي تميزه. تبلغ لمعانيته حوالي 173.39 مرة لمعان الشمس (L/Lo = 173.39)، مما يجعله أكثر إشراقًا بكثير من نجمنا الأم. يعود هذا اللمعان الكبير إلى حجمه الضخم ودرجة حرارته المنخفضة نسبيًا مقارنةً بالنجوم الأخرى، حيث يقوم النجم بإشعاع كمية هائلة من الطاقة في شكل ضوء وحرارة.
نصف القطر
يُعد حجم نجم السماك الأعزل هائلًا مقارنةً بالشمس، حيث يبلغ نصف قطره حوالي 25.35 ضعف نصف قطر الشمس (R/Ro = 25.35). هذا الحجم الكبير يعكس التمدد الذي يحدث في النجوم العملاقة بعد استنفادها لوقود الهيدروجين في نواتها وانتقالها إلى حرق عناصر أثقل في تفاعلاتها النووية.
درجة الحرارة
درجة حرارة سطح نجم السماك الأعزل هي حوالي 4262 كلفن، وهي أقل بكثير من درجة حرارة سطح الشمس التي تبلغ حوالي 5778 كلفن. تؤدي هذه الحرارة المنخفضة إلى إعطاء النجم لونه البرتقالي المميز، وهو ما يميز النجوم من النوع الطيفي K. اللون البرتقالي يعني أن النجم يشع طاقة أقل في الأطوال الموجية القصيرة مثل الأزرق والبنفسجي، ويركز أكثر على الأطوال الموجية الطويلة مثل الأحمر والبرتقالي.
الفئة الطيفية
ينتمي نجم السماك الأعزل إلى الفئة الطيفية K1.5III. الفئة K تشير إلى أن النجم أكثر برودة من الشمس وله لون برتقالي، بينما الرقم 1.5 يدل على درجة دقة أكثر لدرجة حرارة النجم مقارنةً بالفئات الفرعية الأخرى. أما التصنيف III فيشير إلى أن النجم هو نجم عملاق، أي أنه قد تجاوز مرحلة النسق الأساسي ويعيش الآن في مرحلة أكثر تطورًا من حياته.
تطور النجم
مثل جميع النجوم العملاقة، بدأ نجم السماك الأعزل حياته كنجم من النسق الأساسي، يقوم بحرق الهيدروجين في نواته. مع مرور الزمن، استنفد الهيدروجين في نواته، مما أدى إلى انكماش النواة وتوسع الطبقات الخارجية. أدى هذا إلى زيادة حجم النجم وتحوله إلى عملاق أحمر. في هذه المرحلة، يبدأ النجم بحرق الهيليوم وعناصر أخرى في نواته. هذه المرحلة من الحياة النجمية تعتبر مرحلة غير مستقرة، حيث يمر النجم بتغيرات كبيرة في الحجم واللمعان.
موقع النجم في السماء
يقع نجم السماك الأعزل في كوكبة العواء، وهي كوكبة تتميز بوجود هذا النجم اللامع الذي يمكن رؤيته بوضوح في السماء الشمالية. يُعتبر السماك الأعزل نجمًا مميزًا لهواة الفلك، حيث يُستخدم كنقطة مرجعية لتحديد مواقع النجوم والكواكب الأخرى. يمكن رؤية السماك الأعزل بسهولة بالعين المجردة، ويظهر كنجم لامع برتقالي في سماء الربيع والصيف.
تأثير السماك الأعزل في الثقافة
كان نجم السماك الأعزل محط اهتمام العديد من الثقافات القديمة، حيث اعتبره الإغريق القدماء رمزًا للحصاد، كما أطلقوا عليه اسم “حارس الدب الأكبر”، وذلك لموقعه في السماء بالقرب من كوكبة الدب الأكبر. كما أنه كان جزءًا من الأساطير والقصص الشعبية في مختلف الحضارات، مما يعكس تأثيره الكبير على البشر منذ العصور القديمة.
الخاتمة
نجم السماك الأعزل هو نموذج رائع للنجوم العملاقة البرتقالية، ويعتبر من بين ألمع النجوم في سماء الليل. يتميز بموقعه القريب نسبيًا من الأرض، ولمعانه الكبير، وحجمه الضخم، ودرجة حرارته المعتدلة. تظل دراسة هذا النجم وغيره من النجوم العملاقة مهمة لفهم تطور النجوم والمراحل المختلفة التي تمر بها في حياتها. فمعرفة تفاصيل عن نجم السماك الأعزل تساعد الفلكيين في بناء نماذج أكثر دقة لتطور النجوم وتحسين فهمنا للكون.