نجم “ألتاير” هو واحد من أكثر النجوم سطوعًا في سماء الليل، ويُعتبر جزءًا من كوكبة النسر الطائر (Aquila). يتميز هذا النجم بخصائصه الفيزيائية الفريدة وموقعه القريب نسبيًا من الأرض، مما يجعله موضوعًا مثيرًا للاهتمام في دراسة الفلك.
الخصائص الأساسية لنجم “ألتاير”
1. المسافة من الأرض
يبعد نجم ألتاير حوالي 16.48 سنة ضوئية عن كوكب الأرض. هذه المسافة تجعله أحد أقرب النجوم إلى نظامنا الشمسي، ويتيح لنا فرصة دراسة خصائصه بشكل مفصل نسبيًا مقارنةً بالنجوم الأكثر بُعدًا.
2. اللمعان والسطوع
يمتاز نجم ألتاير بلمعان يبلغ حوالي 10.65 ضعف لمعان الشمس. هذا اللمعان يجعله أحد أكثر النجوم سطوعًا في سماء الليل، ويمكن رؤيته بسهولة بالعين المجردة في السماء الصافية. لمعان النجم هو مؤشر على كمية الطاقة التي يُصدرها، ويعود سبب لمعانه الكبير إلى حرارته العالية وحجمه الكبير نسبياً.
3. الحجم والقطر
يبلغ نصف قطر نجم ألتاير حوالي 1.7 مرة نصف قطر الشمس، مما يعني أنه أكبر من شمسنا بمرتين تقريباً. هذا الحجم الكبير يجعل سطح النجم يغطي مساحة أكبر، مما يزيد من كمية الإشعاع المنبعث منه.
4. درجة الحرارة
درجة حرارة سطح نجم ألتاير تصل إلى حوالي 7557 كلفن، وهي أعلى بكثير من درجة حرارة الشمس التي تبلغ حوالي 5778 كلفن. هذه الحرارة العالية تجعل النجم يبعث ضوءًا أبيضًا مزرقًا، وهو ما يمكن رؤيته بوضوح عند مراقبته في السماء.
5. النوع الطيفي
يصنف نجم ألتاير ضمن الفئة الطيفية A7V. وهذا يعني أنه نجم في مرحلة النسق الأساسي، حيث يقوم بتحويل الهيدروجين إلى هيليوم في مركزه عن طريق عملية الاندماج النووي. الفئة الطيفية A تشير إلى أن النجم ذو لون أبيض مزرق وله طيف يحتوي على خطوط امتصاص قوية للهيدروجين.
الخصائص الديناميكية
من الخصائص الفريدة لنجم ألتاير هو دورانه السريع حول محوره. يقدر العلماء أن النجم يتم دورة كاملة حول محوره في حوالي 9 ساعات فقط. هذا الدوران السريع يؤدي إلى شكل غير كروي للنجم، حيث يكون مسطحًا عند القطبين ومنتفخًا عند خط الاستواء. هذا التشوه في الشكل يؤدي أيضًا إلى توزيع غير متساوٍ لدرجة الحرارة على سطح النجم، مما يجعل المناطق الاستوائية أكثر برودة من القطبين.
الأهمية الفلكية
نظرًا لقرب نجم ألتاير من الأرض وخصائصه المميزة، يُعتبر هذا النجم موضوعًا هامًا للدراسات الفلكية. تمكن العلماء من خلال دراسة ألتاير من فهم أفضل للنجوم ذات الكتلة المتوسطة والدوارات السريعة. كما يُستخدم كنموذج لفهم كيفية تأثير الدوران السريع على التركيب الداخلي والهيكل الخارجي للنجوم.
ألتاير في الثقافات المختلفة
على مر العصور، كان نجم ألتاير جزءًا من التراث الفلكي والثقافي للعديد من الحضارات. في الثقافة العربية القديمة، كان يُعرف باسم “النسر الطائر” وأُشير إليه في العديد من النصوص الفلكية القديمة. في الثقافة اليابانية والصينية، يُعتبر ألتاير جزءًا من أسطورة “تاناباتا”، التي تحكي قصة حب بين راعي البقر (يمثل نجم ألتاير) وفتاة الحائك (تمثل نجم فيغا)، وهما يفصل بينهما نهر السماء (مجرة درب التبانة).
الرصد الفلكي
بفضل سطوعه وقربه من الأرض، يُعتبر نجم ألتاير هدفًا مثاليًا لهواة الفلك والمصورين الفلكيين. يمكن رؤية النجم بسهولة في كوكبة النسر الطائر، وهو يشكل أحد رؤوس المثلث الصيفي الشهير، إلى جانب نجم فيغا (في كوكبة القيثارة) ونجم دنيب (في كوكبة الدجاجة).
في الختام
نجم ألتاير هو مثال رائع على التنوع والجمال في الكون. بفضل لمعانه وخصائصه الفيزيائية الفريدة، يواصل جذب انتباه العلماء وهواة الفلك على حد سواء. سواء كنت مهتمًا بالعلم أو الأساطير، فإن نجم ألتاير يقدم لك نافذة مثيرة لاستكشاف أسرار السماء.