نجم أركتوروس العملاق

نجم “أركتوروس” (Arcturus): عملاق برتقالي في سماء الليل

يعد نجم “أركتوروس” واحدًا من أبرز النجوم في سماء الليل، ويشتهر بلونه البرتقالي اللامع وموقعه البارز في كوكبة “العواء” (Boötes). يقع هذا النجم على مسافة تقدر بحوالي 36.25 سنة ضوئية من الأرض، وهو يعد رابع ألمع نجم في السماء الليلية. لكن خلف هذا البريق الساحر توجد حقائق علمية مدهشة تجعل “أركتوروس” موضوعًا مثيرًا للاهتمام.

1. المسافة عن الأرض

يقع نجم “أركتوروس” على مسافة تقدر بحوالي 36.25 سنة ضوئية من الأرض. رغم أن هذه المسافة تبدو بعيدة، إلا أنها تعتبر قريبة نسبيًا بمقاييس الفضاء الفسيح. يمكن رصد “أركتوروس” بسهولة بالعين المجردة، نظرًا لبريقه المميز وسط سماء الليل.

2. اللمعان والبريق

“أركتوروس” نجم شديد السطوع، حيث تبلغ لمعانه نحو 170 ضعف لمعان الشمس (170.2 L/Lo). هذا يعني أن “أركتوروس” يصدر كمية ضخمة من الضوء والطاقة مقارنة بالشمس، رغم أن درجة حرارته أقل منها. السبب وراء سطوعه الكبير هو حجمه الهائل الذي يغطي مساحة أكبر بكثير من سطح الشمس.

3. الحجم والقطر

نجم “أركتوروس” هو نجم عملاق من فئة النجوم العملاقة الحمراء. ويبلغ نصف قطره حوالي 25.32 ضعف نصف قطر الشمس (R/Ro). هذا يعني أن “أركتوروس” أكبر بكثير من الشمس، ويحتل مساحة ضخمة في الفضاء. هذا الحجم الكبير هو أحد العوامل الرئيسية التي تجعله يسطع بشدة على الرغم من أن درجة حرارته السطحية أقل.

4. درجة الحرارة السطحية

تبلغ درجة حرارة سطح نجم “أركتوروس” حوالي 4238.82 كلفن (K)، وهي أقل بكثير من درجة حرارة سطح الشمس التي تقدر بحوالي 5778 كلفن. ومع ذلك، فإن هذه الحرارة المنخفضة نسبياً هي التي تعطي “أركتوروس” لونه البرتقالي المميز. فالنجوم الباردة نسبيًا تميل إلى اللون الأحمر أو البرتقالي، بينما تكون النجوم الأكثر حرارة بيضاء أو زرقاء.

5. الفئة الطيفية

ينتمي نجم “أركتوروس” إلى الفئة الطيفية K1.5III، مما يعني أنه نجم عملاق (III) من النوع الطيفي K. النجوم من هذا النوع تكون قد استنفدت معظم وقودها من الهيدروجين وبدأت في التوسع والتبريد بعد انتهاء مرحلة السلسلة الرئيسية. هذا يعني أن “أركتوروس” في مرحلة متقدمة من حياته النجمية، وسيستمر في التغير مع مرور الزمن.

6. أهمية “أركتوروس” في الثقافة والعلوم

على مر التاريخ، كان “أركتوروس” محط اهتمام العديد من الحضارات. في الأساطير اليونانية، كان يرتبط بكوكبة العواء التي ترمز إلى الحارس أو الراعي. وفي العصر الحديث، يُعتبر “أركتوروس” جزءًا من الأبحاث الفلكية التي تركز على تطور النجوم العملاقة. وقد استُخدم بريقه في أواخر القرن العشرين للمساعدة في افتتاح معرض شيكاغو العالمي في عام 1933، حيث تم رصد ضوء “أركتوروس” باستخدام التلسكوبات كمصدر طاقة رمزي.

7. مستقبل نجم “أركتوروس”

كعملاق أحمر، فإن “أركتوروس” يمر بمرحلة من التوسع بعد أن استنفد معظم وقوده النووي من الهيدروجين في قلبه. هذا التوسع يجعله أكبر وأبرد، ومن المتوقع أن يواصل “أركتوروس” هذا التطور حتى يصل في النهاية إلى مرحلة جديدة من الانكماش. بعد ذلك، قد يتحول إلى نجم قزم أبيض صغير، وهو مصير مشترك لمعظم النجوم العملاقة في الكون.

8. دور “أركتوروس” في تطور النجوم

يمثل “أركتوروس” دراسة مهمة في مجال علم الفلك، حيث يقدم نموذجًا لكيفية تطور النجوم بعد مغادرتها السلسلة الرئيسية. من خلال دراسة هذا النجم، يمكن للعلماء فهم المزيد حول المراحل المتأخرة من حياة النجوم، وخاصةً تلك التي تمتلك كتلًا مشابهة للشمس. إنه يوضح بجلاء كيف يمكن للنجوم أن تتوسع وتتحول إلى عمالقة بعد استهلاك وقودها الهيدروجيني.

خاتمة

يعد نجم “أركتوروس” أحد أكثر النجوم إثارة للإعجاب في سماء الليل، سواء من الناحية العلمية أو الثقافية. إنه مثال رائع على النجوم العملاقة التي توسعت بعد أن استنفدت وقودها الهيدروجيني، ويمثل رمزًا لما سيحدث للشمس نفسها في نهاية حياتها. مع بريقه البرتقالي المميز وحجمه الهائل، يستمر “أركتوروس” في إبهار العلماء والهواة على حد سواء، ويظل من أهم النجوم في دراسة تطور النجوم في الكون.