في رحاب الأرشيف الزمني الذي يروي تفاصيل حياة الإنسان في زمان الكوارث، تبرز شهادة توماس بيرجنثال في كتابه “طفل محظوظ: سجل ذكريات عن النجاة من أوشفيتز كطفل صغير” كوثيقة تاريخية تنقلنا إلى أحداث المحنة الإنسانية خلال الحرب العالمية الثانية. يتأمل القارئ في هذا العمل الأدبي الرائع تفاصيل حياة الكاتب كطفل صغير استطاع النجاة من براثن الهولوكوست، ويشكل هذا الكتاب شاهدًا حيًا ينقل الألم والصمود في وجه أحد أكبر المأساوي في تاريخ البشرية.
تقودنا كتابات توماس بيرجنثال، الطفل الذي أُعيد إلى الحياة بعد تجربة الإبادة الجماعية في أوشفيتز، إلى تجربة فريدة من نوعها. يتناول الكتاب المحطات الصعبة واللحظات البسيطة على حدٍ سواء، مسلطًا الضوء على الروح القوية التي ساعدته في التغلب على محنته. تتجلى مواهب بيرجنثال في تصوير أحداثه بأسلوب متقن يفتح نوافذ على مشاعره وتفاصيل حياته اليومية في ظل الأمواج الهائجة للحرب.
يتخذ الكاتب من لغته سلاحًا فعّالًا في نقل الصور الواقعية لما عاشه، حيث يمزج بين الوصف الدقيق والعواطف الصادقة. يتجلى ذلك في رسم صور واقعية للحياة في المعتقل، حيث يروي قصة عذوبة الطفولة المفقودة والصدمات النفسية التي لا تنسى.
إن كتاب “طفل محظوظ” يتميز بأنه ليس مجرد سجل تاريخي، بل هو أدب يروي قصة البقاء والصمود في وجه الظروف الصعبة. يعتبر توماس بيرجنثال سفيرًا لتلك الأرواح القوية التي تجاوزت أحلك اللحظات في تاريخ الإنسانية، وكتابه يثبت أن حتى في زمن الألم، يمكن للإنسان النجاة والاحتفاظ بشمعة الأمل التي تنير الطريق نحو الحياة.