موعد انتهاء وقت السحور

موعد انتهاء وقت السحور وأحكامه في الإسلام

يعتبر السحور من السنن المؤكدة في شهر رمضان المبارك، وهو الوجبة التي يتناولها المسلمون قبل بداية الصيام، وتحديداً قبل أذان الفجر. معرفة وقت انتهاء السحور أمر مهم جداً لتجنب الإفطار قبل الوقت الشرعي، والتأكد من صحة الصيام، وهو موضوع يتكرر البحث عنه كل عام في رمضان. هذا المقال يقدم شرحاً مفصلاً حول موعد انتهاء وقت السحور، ودلالاته الشرعية، والاختلافات الفقهية حوله، إلى جانب الضوابط التي يجب مراعاتها عند تناوله.

تعريف السحور وأهميته في الصيام

السحور هو آخر وجبة يتناولها الصائم قبل بدء صيامه، ويشمل الأطعمة والمشروبات التي ترفع من طاقته وتساعده على الصيام طوال النهار. وقد ثبت في السنة النبوية أن السحور سنة مؤكدة، عن أنس رضي الله عنه قال: «تسحروا فإن في السحور بركة»، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «السحور طُهرة وبركة، فلا تدعوه ولو أن يشرب بعضكم جرعة من ماء» (رواه البخاري ومسلم).

إضافة إلى الجانب البدني، فإن السحور يمثل سنةً نبوية تحث على الترويح والتغذية قبل الصيام، مما يخفف من مشقة الصيام، ويزيد من تحمل الصائم خلال النهار.

توقيت السحور وموعد نهايته

ينتهي وقت السحور قبل دخول وقت الصيام، وهذا الوقت هو منطلَق أذان الفجر، حيث يبدأ وقت الصيام الشرعي ويجب على الصائم الامتناع عن الأكل والشرب وكل ما يفطر به الصائم من هذه اللحظة.

لذلك فإن تحديد موعد انتهاء السحور هو معرفة وقت بداية الفجر الحقيقي، أي الفجر الصادق أو الفجر الثاني، وهو الفجر الذي يلي الفجر الكاذب (الفجر الأول أو الفجر الباكر). ويقاس ذلك عبر المؤذّن أو من خلال التقويمات الفلكية التي تحدد أوقات الفجر.

الفجر الكاذب والفجر الحقيقي

لفهم موعد انتهاء السحور بدقة، من الضروري التمييز بين نوعي الفجر:

• الفجر الكاذب (الفجر الأول): هو بداية الشفق الصباحي، وهو الضوء الأبيض الخافت في الأفق، لكنه ليس بداية وقت الصلاة ولا وقت الصيام.

• الفجر الحقيقي (الفجر الصادق): هو الفجر الذي يبدأ فيه وقت الصلاة، ويدخل معه وقت الصيام، ويكون فيه ظهور شعاع الضوء بشكل مستقيم على الأفق.

وبناءً عليه، لا يجوز تناول السحور أو الأكل والشرب بمجرد ظهور الفجر الكاذب، بل يجب الانتظار حتى يظهر الفجر الحقيقي ويؤذن المؤذن لصلاة الفجر.

اختلافات الفقهاء حول وقت انتهاء السحور

اتفق العلماء على أن وقت السحور ينتهي عند دخول وقت الفجر، لكن اختلفوا في تحديد بداية وقت الفجر:

• المالكية والحنابلة: يعتمدون على بداية دخول وقت الفجر الصادق، وهو الفجر الثاني الذي يبدأ بإشراق نور مستقيم في الأفق.

• الشافعية والحنفية: يميلون إلى الاعتماد على الفجر الصادق أيضاً، لكنهم يعطون أهمية أكبر للآذان الفعلي للفجر وليس مجرد بداية الضوء في الأفق.

وبشكل عام، يتفق جميع العلماء على وجوب الانقطاع عن الطعام والشراب عند دخول وقت الفجر الحقيقي دون النظر إلى آذان الفجر أو غيره.

استخدام الحسابات الفلكية في تحديد وقت السحور

مع التطور العلمي، أصبح الاعتماد على الحسابات الفلكية الدقيقة هو الطريقة المتبعة في معظم الدول الإسلامية لتحديد أوقات الصلاة، ومن بينها وقت الفجر، وبالتالي تحديد نهاية وقت السحور.

تعتمد هذه الحسابات على إحداثيات موقع المدينة، ودرجة ميلان الأرض، وحركة الشمس، بحيث يتم حساب وقت الفجر بدقة عالية. ويتم تعميم هذه الأوقات في التقويمات الرسمية، وفي تطبيقات الهواتف الذكية، مما يسهل على المسلمين معرفة وقت انتهاء السحور في كل منطقة.

أحكام تناول السحور أثناء اقتراب وقت الفجر

من الناحية الشرعية، إذا تناول الصائم الطعام أو الشراب قبيل الفجر، ولكن قبل الدخول الفعلي لوقت الفجر، فإن صيامه صحيح، وإذا استمر في الأكل والشرب بعد دخول وقت الفجر، بطل صومه.

وقد نص العلماء على أنه إذا شك الصائم في دخول وقت الفجر أثناء تناوله للسحور، فعليه أن يتوقف فور الشك؛ لأن الإمساك يجب أن يكون على وقت دخول الفجر.

آثار تأخير السحور على الصائم

تأخير السحور حتى وقت متأخر جداً من الليل أو قرب دخول الفجر له فوائد صحية وروحية، حيث ثبت أن تناول الطعام في وقت متأخر من الليل يمد الجسم بالطاقة اللازمة، ويخفف من شعور الجوع والعطش خلال النهار.

ومع ذلك، يجب أن يكون الصائم حذراً في عدم تناول كميات كبيرة أو أطعمة ثقيلة قد تسبب له الإعياء أو اضطرابات في الهضم، لأن الهدف من السحور هو التخفيف وليس العبء.

الفرق بين الإمساك وموعد السحور

من المفيد توضيح الفرق بين موعد السحور، الذي هو آخر وقت مسموح للأكل والشرب، وموعد الإمساك، وهو لحظة بداية الصيام وامتناعه عن كل ما يفطر.

الإمساك هو بداية التوقف الكامل عن الأكل والشرب، ويدخل مع أذان الفجر، ويجب أن يكون وقت الإمساك هو أيضاً نهاية وقت السحور.

جدول توضيحي لمواعيد السحور بناء على الفجر الحقيقي والفجر الكاذب

تأثير الظروف الجغرافية على وقت انتهاء السحور

تختلف مواقيت الفجر باختلاف المواقع الجغرافية من حيث خطوط العرض والطول، بالإضافة إلى تغير الفصول، مما يؤثر على طول فترة الليل والنهار. ففي المناطق الشمالية، قد يستمر ضوء الشفق لفترات طويلة جداً مما يصعب على العلماء تحديد وقت الفجر الدقيق. في هذه الحالات، يتم اعتماد تقديرات فلكية أو حلول شرعية خاصة تعتمدها الجهات الدينية في كل بلد.

السحور وأثره على صحة الصائم

تناول السحور له فوائد صحية عديدة من الناحية العلمية، فهو يمد الجسم بالماء والسكريات التي تساعد على مقاومة التعب والجفاف خلال الصيام، ويقلل من احتمال الإصابة بانخفاض مستوى السكر في الدم أو الدوار.

وقد أثبتت الدراسات أن الصائمين الذين يتناولون السحور يكونون أكثر قدرة على التركيز والنشاط مقارنة بمن يمتنعون عنه أو يؤخرونه بشكل مبالغ فيه.

الخلاصة الشرعية والعلمية لوقت انتهاء السحور

ينتهي وقت السحور مع دخول وقت الفجر الحقيقي، ويبدأ وقت الصيام الفعلي. لا يجوز تناول أي شيء يفطر بعد هذا الوقت. هذا هو الأمر الثابت في جميع المذاهب الفقهية، مع اختلافات في تحديد بداية وقت الفجر لكنها جميعاً تؤكد على وجوب التوقف عن الأكل والشرب عند دخول الوقت الشرعي.

استخدام التقنيات الحديثة للحسابات الفلكية يسهل معرفة هذا الوقت بدقة، ويساعد الصائمين على الالتزام بأوقات السحور الصحيحة، مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف المناطق الجغرافية التي تؤثر على توقيت دخول الفجر.

المصادر والمراجع

• “فقه الصيام” للدكتور وهبة الزحيلي، دار الفكر المعاصر.

• “مواقيت الصلاة” – الهيئة العامة للمساحة السعودية، 2024.

بهذا التفصيل يكتمل الإطار العلمي والشرعي لمعرفة وقت انتهاء السحور، وأهمية الالتزام به لضمان صحة الصيام، مع ذكر الأسباب التي تبرز أهمية هذه الوجبة المباركة في رمضان.