طريقة صناعة الفحم: عملية معقدة ومراحلها التفصيلية

الفحم هو مادة طبيعية تُستخدم في العديد من التطبيقات الصناعية والحياتية مثل الوقود، صناعة المعادن، توليد الطاقة الكهربائية، وحتى في صناعة الأدوية في بعض الأحيان. يُعتبر الفحم من المواد الهامة التي تلعب دورًا كبيرًا في العديد من القطاعات الاقتصادية حول العالم. لذلك، فإن عملية صناعة الفحم، سواء كان ذلك الفحم النباتي أو الفحم الحجري، هي عملية معقدة تتطلب تقنيات خاصة ومواد معينة للحصول على الفحم بجودة مناسبة.

1. مقدمة عن الفحم وأنواعه

الفحم هو مادة صلبة سوداء أو بنية اللون تتكون من الكربون والمواد الأخرى مثل الهيدروجين والأكسجين والنيتروجين. يتم الحصول على الفحم من خلال عملية تسمى “التفحم”، وهي عملية حرارية تحول المواد العضوية مثل الخشب أو الفحم الخام إلى فحم صلب.

تتعدد أنواع الفحم حسب مصدره وطريقة تصنيعه، ويمكن تقسيمه إلى نوعين رئيسيين:

• الفحم النباتي: يُصنع من المواد النباتية مثل الخشب.

• الفحم الحجري: يُستخرج من باطن الأرض وهو عبارة عن مادة رسوبية تحتوي على نسبة عالية من الكربون.

الهدف من صناعة الفحم هو تحضير مادة صلبة تحتوي على نسبة عالية من الكربون تكون فعّالة في عمليات الاحتراق وتوليد الطاقة.

2. المواد المستخدمة في صناعة الفحم

عملية صناعة الفحم تبدأ بتحديد المواد الخام التي سيتم استخدامها في التصنيع. يمكن استخدام العديد من المواد العضوية التي تحتوي على نسبة عالية من الكربون في صناعة الفحم، مثل:

• الخشب: يعد المصدر الأكثر شيوعًا لصناعة الفحم النباتي.

• الخشب المقطوع حديثًا: يعتبر الخشب الطازج خيارًا جيدًا لصناعة الفحم.

• الأسمدة العضوية: يمكن أيضًا استخدام الأسمدة الحيوانية في بعض الأحيان.

• بقايا النباتات: مثل الأشجار الميتة أو الحشائش.

وتعتبر هذه المواد الخام أساسية لأن عملية التصنيع تعتمد على تفحّم الخلايا النباتية، مما يؤدي إلى تقليل الرطوبة والنشويات والسكريات بها، مما يعزز قدرة الفحم على الاحتراق وتوليد الحرارة.

3. خطوات صناعة الفحم

تبدأ عملية صناعة الفحم بمرحلة جمع المواد الخام، وبعد ذلك تأتي مراحل متعددة ومتسلسلة. إليك أبرز الخطوات التي يتم اتباعها في صناعة الفحم:

3.1. التجميع والتحضير

أول خطوة في عملية صناعة الفحم هي تجميع المواد الخام مثل الخشب أو بقايا النباتات. يتم اختيار الخشب الجاف والمناسب والذي يتمتع بنسيج متماسك. بعد ذلك، يتم تقطيع الخشب إلى قطع صغيرة الحجم بحيث يسهل التحكم في عملية التفحّم.

وفي بعض الأحيان، يتم إزالة اللحاء أو الأجزاء غير القابلة للاحتراق لتحسين جودة الفحم الناتج. كما يتم في هذه المرحلة التخلص من أي مواد غير مرغوب فيها قد تؤثر على نقاء الفحم.

3.2. عملية التفحّم (التحلل الحراري)

بعد تجميع المواد الخام، تأتي المرحلة التالية وهي التفحّم، التي تعتبر من أهم وأصعب مراحل صناعة الفحم. يُقصد بالتفحّم أن يتم تعريض المواد النباتية لحرارة شديدة في غياب الأوكسجين، مما يمنع احتراق المواد بل يحولها إلى مادة صلبة غنية بالكربون.

يتم التفحّم عادة في فرن خاص أو داخل حفرة مغطاة بمواد عازلة. تعتمد درجة الحرارة على نوع المادة الخام المستخدمة، لكنها تتراوح عادة بين 400-600 درجة مئوية. في هذه المرحلة، تبدأ المواد العضوية في التحلل، ويحدث تفاعل كيميائي ينتج عنه إطلاق الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون، والميثان، وغازات أخرى.

العملية لا تستغرق وقتًا طويلاً، ولكن يجب مراقبتها بعناية لتجنب الاحتراق التام للمواد الخام. بعد أن يتم التفحّم بشكل صحيح، يتكون الفحم النقي الذي يحتوي على نسبة كبيرة من الكربون.

3.3. التبريد

بمجرد الانتهاء من عملية التفحّم، يجب تبريد الفحم الناتج ببطء للحفاظ على جودته وتجنب التفاعل مع الأوكسجين. يتم ذلك عادة عن طريق ترك الفحم ليبرد في الفرن أو الحفرة المستخدمة في التفحّم، أو من خلال نقله إلى مكان بارد بحيث لا يتعرض للهواء مباشرة.

العملية تحتاج إلى مراقبة دقيقة لأنها إذا لم تتم بشكل صحيح قد يؤدي ذلك إلى تدمير جودة الفحم، حيث قد يتأثر تركيبه الكيميائي وبالتالي تقل كفاءته في الاحتراق.

3.4. التصنيف

بعد أن يبرد الفحم، يتم تصنيفه بناءً على الحجم والجودة. في هذه المرحلة، يتم فرز الفحم إلى قطع صغيرة أو كبيرة حسب الاستخدام المطلوب. يمكن استخدام الفحم الكبير في الأفران الصناعية أو محطات توليد الكهرباء، بينما يستخدم الفحم الأصغر في الشواء أو في المواقد المنزلية.

إذا كانت المواد الخام تحتوي على شوائب أو مواد غير مرغوب فيها، فإن هذه الشوائب يتم التخلص منها في هذه المرحلة، مما يضمن أن الفحم الناتج يكون نقياً وجاهزاً للاستخدام.

4. أنواع الأفران المستخدمة في صناعة الفحم

تستخدم عدة أنواع من الأفران لتصنيع الفحم، وكل نوع له مميزاته وعيوبه. هناك طريقتان رئيسيتان لإنتاج الفحم:

• الأفران التقليدية: مثل الأفران التي تُستخدم في الدول النامية والتي تعمل على الأسطح المفتوحة أو في حفر محفورة في الأرض. يُحاط بالمواد الخام ويُدفن الفحم الناتج تحت طبقة من التربة أو الرمل. لكن هذه الطريقة قد تؤدي إلى فقدان جزء من الحرارة والغازات، مما يؤثر على كفاءة العملية.

• الأفران الحديثة: يتم استخدام الأفران المعدة خصيصًا لإنتاج الفحم، والتي تتيح تحكمًا أكبر في الحرارة والتهوية، مما يزيد من كفاءة عملية التفحّم ويحسن من جودة الفحم.

5. فوائد واستخدامات الفحم

يُعتبر الفحم من أهم مصادر الطاقة التقليدية في العديد من الصناعات. يمكن تلخيص أهم فوائد واستخدامات الفحم كما يلي:

5.1. مصدر للطاقة

يُستخدم الفحم بشكل رئيسي كوقود في توليد الطاقة. يُحرق الفحم في محطات توليد الكهرباء لإنتاج البخار الذي يقوم بتدوير التوربينات وتوليد الكهرباء.

5.2. صناعة الصلب

الفحم هو أحد المكونات الرئيسية في صناعة الحديد والصلب، حيث يُستخدم في عمليات التحويل من خام الحديد إلى الحديد المصهور.

5.3. صناعة الأدوية

يُستخدم الفحم في بعض الأحيان في صناعة الأدوية، وخاصة في مستحضرات معالجة التسمم أو في علاج مشاكل الجهاز الهضمي.

5.4. الشواء

الفحم النباتي هو الوقود التقليدي المستخدم في الشواء، حيث يتميز بإنتاج حرارة مستقرة لفترة طويلة.

5.5. الصناعات الكيميائية

تستخدم بعض الصناعات الفحم في إنتاج مواد كيميائية أخرى مثل الأسمدة والمواد المنظفة.

6. الآثار البيئية لصناعة الفحم

رغم الفوائد العديدة للفحم، إلا أن صناعة الفحم تثير العديد من المخاوف البيئية. من أهم هذه المخاوف:

6.1. التلوث الهوائي

عملية التفحّم تنتج العديد من الغازات الضارة مثل أول أكسيد الكربون والميثان، وهي غازات تساهم في تلوث الهواء وزيادة ظاهرة الاحتباس الحراري.

6.2. تدمير الغابات

قد يؤدي استهلاك الخشب بكثرة في صناعة الفحم إلى تدمير الغابات والنظم البيئية الطبيعية. لذا، فإن توفير المواد الخام بشكل مستدام هو أمر بالغ الأهمية لحماية البيئة.

6.3. التلوث بالمياه

تحتوي بعض عمليات صناعة الفحم على ملوثات قد تصل إلى المسطحات المائية، مما يشكل خطرًا على الحياة البرية وصحة الإنسان.

7. الخاتمة

عملية صناعة الفحم هي مزيج معقد من تقنيات التحلل الحراري والتحكم في الحرارة والتهوية. على الرغم من أن الفحم يعد مصدرًا مهمًا للطاقة والوقود، إلا أن هناك حاجة كبيرة للتقنيات المستدامة التي تقلل من الآثار البيئية الناتجة عن هذه الصناعة.