في بداية الألفية الجديدة، وفي ظل موجة من الأدب الخيالي الموجه للأطفال والناشئة، ظهرت رواية “مهمة الأشباح العظيمة” (The Great Ghost Rescue) للكاتبة إيفا إبوتسون، بالتعاون مع الرسام كيفين هوكس، لتشكل إضافة مميزة إلى هذا المجال. نُشرت هذه الرواية لأول مرة في شهر أبريل من عام 2003 عن دار نشر “بافين بوكس”، وقد صُنفت ضمن قسم الروايات الهزلية للأطفال، موفرةً للقراء مغامرة مشوقة تمتزج فيها عناصر الخيال والفكاهة بمهارة فائقة.
تدور أحداث الرواية حول معضلة تواجه الأشباح في بريطانيا، حيث تجد هذه الكائنات الأثيرية نفسها محرومة من مواطن الاختباء التقليدية، بسبب التطورات العمرانية والتغييرات البيئية الجارفة التي شهدتها البلاد. فالقلاع التي كانت تزخر بأنظمة التدفئة المركزية، والمستنقعات التي جرى تصريفها لإفساح المجال أمام الطرق السريعة، والغابات الكئيبة التي أزيلت لإقامة مواقف السيارات، جميعها لم تعد توفر الأجواء المناسبة للأشباح لممارسة نشاطها الطبيعي في التسكع والتخويف.
في قلب هذه الرواية، يبرز شخصية همفري المسمى زورًا بـ”همفري الرهيب”، والذي في الحقيقة لا يمتلك سوى القليل من الرهبة، وهو شبح صغير ينتمي إلى عائلة من الأشباح الفظيعة. ورغم القلق الذي تبديه والدته تجاهه، يتمتع همفري بالشجاعة والعزيمة الكافية لتكوين صداقة مع ريك هندرسون، وهو فتى مدرسي ذكي وواعٍ سياسيًا، مستعد لتبني قضية الأشباح والدفاع عنها في أعلى المستويات، وصولًا إلى رقم 10 في شارع داونينج، المقر الرسمي لرئيس وزراء بريطانيا.
الرواية، بأسلوبها السردي المحكم ولغتها الغنية، لا تقدم فقط قصة مسلية ومثيرة للقراء الصغار، بل تطرح أيضًا على نحو غير مباشر قضايا معاصرة مثل البيئة والتغيرات الاجتماعية والسياسية، من خلال عدسة الفانتازيا والخيال. كما أن تجسيد الأشباح لمشاعر وهموم إنسانية يضيف عمقًا نفسيًا وفلسفيًا للنص، مما يجعل منها ليس مجرد رواية للتسلية بل أيضًا وسيلة للتأمل والتفكير.
في نهاية المطاف، “مهمة الأشباح العظيمة” تعد نموذجًا بارزًا للأدب الخيالي الذي يستهدف الناشئة، مقدمةً تجربة قرائية غنية تتيح للقارئ الغوص في عالم مليء بالمغامرات والخيال، مع التمتع بجرعة من الفكاهة والتسلية، كل ذلك مع تقديم رسائل ذات مغزى تلامس الواقع وتثري الفكر.